مع اتساع رقعة المواجهة بين إيران وإسرائيل لتشمل هجمات متبادلة على المنشآت الحيوية، لم تعد الحرب محصورة في ميادين القتال، بل امتدت لتفتح جبهة جديدة لا تقل خطورة: جبهة الاقتصاد.
فرغم محاولة الحكومة الإسرائيلية طمأنة الأسواق والشارع الداخلي، فإن المؤشرات الأولية تكشف عن تصاعد سريع في كلفة العمليات العسكرية، وقلق متزايد من تراجع النمو، وتداعيات محتملة على موازنة الدولة والإنفاق الاجتماعي.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
في المقابل، يراقب المستثمرون بقلق تداعيات الصراع على الاستقرار المالي، فيما تواصل تل أبيب الاعتماد على الدعم الأميركي لتخفيف عبء المواجهة المفتوحة.
وتزداد حدة التحديات الاقتصادية من التضخم ومخاطر الديون إلى التكاليف الباهظة للحرب، وسط مخاوف من أن تكون هذه الحرب هي الجولة الأطول والأكثر كلفة في تاريخ إسرائيل.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
الحرب تُعيد حسابات النمو الاقتصادي
سجّل الاقتصاد الإسرائيلي نمواً بنسبة 3.4% في الربع الأول من 2025، وهو ما اعتبره بنك إسرائيل مؤشراً على «مرونة قوية» بعد الحرب الأخيرة ضد حماس، إلّا أن البنك المركزي خفّض توقعاته للنمو السنوي إلى 3.5% بدلاً من 4.2%، محذّراً من أن استمرار الحرب مع إيران قد يقتطع ما لا يقل عن نصف نقطة مئوية إضافية من الناتج المحلي خاصة مع تضرر قطاعات حيوية كالسياحة والاستثمار والتصدير.
التضخم يُراوح مكانه وسط سياسة نقدية حذرة
معدل التضخم السنوي لا يزال يدور حول 3.6%، وهو أعلى من مستهدف البنك المركزي، لكن دون الوصول إلى مستويات مقلقة، إلّا أن الحرب قد تدفع السلطات إلى التريث في خفض أسعار الفائدة خوفاً من تفجر أسعار السلع المستوردة أو اضطراب الأسواق المالية.
استنزاف الخزينة.. تكاليف الحرب تتضاعف
وفقًا لتقارير رسمية، فإن الإنفاق الشهري العسكري ارتفع من 1.8 مليار دولار قبل حرب غزة إلى نحو 4.7 مليار دولار بنهاية العام الماضي. هذه التكلفة مرشحة للزيادة بشكل كبير في ظل الحرب الدائرة مع إيران الان.
كان محافظ بنك إسرائيل أمير يارون قال الشهر الماضي: "إذا تصاعدت وتيرة الحرب في غزة لستة أشهر أخرى، فسيؤدي ذلك بالفعل إلى انخفاض النمو بنسبة نصف في المئة إضافية عام 2025، وسيرفع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي من 69% إلى 71%". ووفقاً لهذه الوتيرة، فنسبة الدين العام الإسرائيلي مرشحة للزيادة مع كل يوم زيادة في الحرب الإسرائيلية الإيرانية.
الأسواق المالية تتماسك.. والمستثمرون يراقبون بحذر
رغم القصف الإيراني المكثّف، حافظت الأسواق المالية الإسرائيلية على تماسكها النسبي.
بورصة تل أبيب فتحت تداولاتها بخسائر محدودة قبل أن تعوّضها تدريجياً وسط تدخلات مباشرة من البنك المركزي. مع ذلك، حذّر محللون من أن أي توسع في الحرب قد يدفع المستثمرين نحو الأصول الآمنة مثل الذهب والدولار، ما يضع مزيداً من الضغط على الشيكل الإسرائيلي.
دعم أميركي مستمر.. لكنه ليس بلا حدود
الولايات المتحدة سارعت لتأكيد دعمها المالي والعسكري لإسرائيل، بما في ذلك تسريع تسليم ذخائر دقيقة وتمويل إضافي لنظام القبة الحديدية، غير أن بعض الخبراء يحذّرون من الاعتماد المفرط على الدعم الخارجي في ظل نقاش داخلي أميركي متزايد حول تقليص المساعدات أو ربطها بسقوف زمنية أو سياسية.
الداخل الإسرائيلي.. قلق اجتماعي واستقطاب سياسي
الحرب أثّرت كذلك في المناخ الداخلي، حيث عادت الخلافات السياسية إلى الواجهة بين الحكومة والمعارضة بشأن إدارة الأزمة.
وفي ظل تراجع الثقة بالقيادة السياسية، تتعالى أصوات تطالب بإعادة ترتيب الأولويات الاقتصادية خصوصاً ما يتعلق بإصلاح النظام الضريبي، ودعم الفئات المتضررة، وتحقيق توازن بين الأمن والرفاه.
في النهاية، إسرائيل تخوض حرباً مكلفة ليس فقط عسكرياً، بل اقتصادياً أيضاُ.
وبينما تُظهر البيانات حتى الآن حذراً نسبياً، فإن استمرار المواجهة مع إيران قد يُغيّر المعادلة كلياً خاصة إذا امتدت أسابيع أو طالت الجبهة الشمالية مع حزب الله.
وما بين جبهة القتال وجبهة الاقتصاد، تبقى النتيجة مفتوحة على الاحتمالات جميعها.