ارتفع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسية في الولايات المتحدة بنهاية يناير كانون الثاني بنسبة 0.6 في المئة، مسجلاً أكبر زيادة منذ يونيو حزيران 2022.
وزادت وتيرة ارتفاع مؤشر التضخم الأكثر متابعةً من قبل أعضاء مجلس الاحتياطي الفدرالي، والذي يستبعد أسعار الغذاء والطاقة، ليتجاوز توقعات الخبراء عند 0.4 في المئة، ما يزيد من احتمالات رفع سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية في مارس آذار المقبل.
وقال مكتب التحليل الاقتصادي الأميركي في بيان له يوم الجمعة، إن المؤشر ارتفع في يناير 4.7 في المئة على أساس سنوي، مخالفاً توقعات الخبراء عند 4.3 في المئة فقط.
لماذا يترقب المستثمرون بيانات التضخم الأميركية؟
معدل تضخم نفقات الاستهلاك الشخصي هو المقياس المفضل للفدرالي الأميركي، إذ تسهم قراءاته في تحديد موقف التضخم في الاقتصاد الأميركي.
وتعتمد قدرة الفدرالي في الحفاظ على استقرار الأسعار على ثقة الجمهور في قدرته على تحقيق ذلك.
ولكن بعد مرور أكثر من عام من رفع أسعار الفائدة، لا يزال التضخم مرتفعاً بوتيرةٍ أعلى من 2 في المئة، وهو المعدل المستهدف من قبل الفدرالي.
أظهرت البيانات الأخيرة أن التضخم لا يزال مرتفعاً، وأن الاقتصاد بعيد عن الاستقرار، في إشارة إلى أن تحركات الأسواق باتت أكثر انفصالاً عن توصيات الفدرالي.
وأعرب جيمي ديمون الرئيس التنفيذي لشركة «جي بي مورغان تشيس» يوم الخميس عن شكوكه في قدرة الفدرالي على لجم التضخم.
كيف يبدو الوضع الآن؟
عندما تزداد ثقة الناس في قدرة الفدرالي الأميركي على إبقاء معدلات التضخم منخفضة ومستقرة، فمن المرجح أن تتوافق توقعات الناس بشأن الأسعار مع أهداف سياسات الفدرالي، ما يساعد المركزي في تحقيق أهدافه المتعلقة بالتضخم.
وفي حال توقع الناس ارتفاع التضخم في المستقبل، وقلت الثقة، قد يؤدي ذلك للمطالبة بأجور أعلى، وقد ترفع الشركات أسعار السلع والخدمات، ما يمكن أن يجعل توقعات التضخم جزءاً لا يتجزأ من الاقتصاد، وبالتالي يصبح من الصعب على الفدرالي تحقيق أهداف سياساته.
تلاشي ثقة الجمهور في سياسات الفدرالي أكدها ديمون يوم الخميس، إذ قال في مقابلة مع «CNBC» إنه يتوقع أن «تظل أسعار الفائدة مرتفعة غالباً لوقتٍ أطول، وأن الفدرالي قد يستغرق المزيد من الوقت لتحقيق مستهدفاته».
وذكر محللو «بلاك روك» في مذكرة يوم الخميس «نعتقد أن التضخم سيستمر، نشهد بالفعل تباطؤ التضخم مع عودة أنماط الإنفاق إلى وضعها الطبيعي وتراجع أسعار الطاقة، لكن نعتقد أن التضخم سيستمر رغم أهداف سياسة الفدرالي في السنوات القادمة».
قالت ليزا شاليت، كبيرة مسؤولي الاستثمار في «مورغان ستانلي لإدارة الثروات»، إن المضاربين في الأسهم وحتى الرئيس باول «يتفاخرون بشأن التوقعات الثابتة للتضخم وكيف يعتقد المستهلكون والمستثمرون أنه يتحرك في الاتجاه الصحيح».
ومع ذلك، تثير البيانات الأخيرة تساؤلات حول ما إن كان التضخم يتباطأ، وهل سيحتاج الفدرالي الآن إلى «السير الحذر».
يدرك مسؤولو الاحتياطي الفدرالي هذه المعضلة جيداً، ففي اجتماعهم الأخير، حذر بعضهم من أن السياسة المتشددة غير الكافية قد تؤدي إلى ضغوط تضخمية مطولة تدفع الناس إلى توقع مزيد من التضخم.