انطلقت المملكة العربية السعودية نحو الاستثمار بقوة في القطاع الرياضي، والتي كان آخرها لعبة الغولف. على الرغم من ذلك، لا تمثّل استثمارات القطاع الرياضي سوى جزء ضئيل من الاستثمارات الضخمة التي تضخها المملكة في العديد القطاعات والشركات الكبرى حول العالم، والتي تأتي في إطار جهود الدولة لتنويع مصادرها الاقتصادية وتقليل الاعتماد على العائدات النفطية ودعم عملية التحول الاقتصادي في إطار رؤية المملكة 2030.
وانطلاقاً من هذا الهدف، يقود صندوق الاستثمارات العامة السعودي نمو الشركات والقطاعات الاقتصادية المختلفة، ومن بينها القطاع الرياضي.
وصندوق الاستثمارات العامة هو صندوق تديره الحكومة السعودية ويمتلك أصولاً بقيمة 650 مليار دولار، وفقاً لأحدث تقارير الصندوق.
ويهدف الصندوق إلى رفع أصوله إلى تريليون دولار في غضون بضع سنوات، وهو الآن يأتي في المرتبة السابعة على قائمة الصناديق السيادية حول العالم، وفقاً لترتيب معهد صناديق الثروة السيادية.
في حين أن بعضاً من الصناديق العامة والسيادية الأخرى عبارة عن صناديق معاشات تقاعدية لمواطني الدولة أو لموظفي القطاع العام، فإن البعض الآخر، مثل صندوق الاستثمارات العامة، يعمل بالأساليب الاحترافية نفسها التي قد تعمل بها الشركات الاستثمارية في القطاع الخاص، والتي تعتمد على جني الأموال عبر محفظة متنوعة من الاستثمارات.
لكن ما يجعل الصندوق السعودي مختلفاً عن تلك الشركات الاستثمارية الخاصة هو أنه صندوق مملوك للدولة يسعى لتحسين صورة البلاد عالمياً عن طريق ضخ الاستثمارات في القطاعات المختلفة، وفي مقدمتها القطاعات الترفيهية والرياضية، وهو ما يتماشى مع رؤية 2030 لخلق مجتمع أكثر تنوعاً وديناميكية وحيوية، وفقاً لما أورده الصندوق على موقعه الرسمي.
وتأتي الاستثمارات الرياضية في مقدمة البرامج الاستثمارية للصندوق، ففي العام الماضي أنشأ الصندوق دوري «ليف غولف» بتكلفة ملياري دولار، والذي جذب العديد من أفضل لاعبي الغولف في العالم، ليصبح منافساً أساسياً لدوري «بي.جي.إيه» في الولايات المتحدة ودوري «موانئ دبي العالمية» في أوروبا، خاصةً في ظل الجوائز المالية الكبيرة التي يقدّمها الصندوق.
وأدّى هذا المشروع إلى معارك قانونية وسط اتهامات تتعلق بالاحتكار وحقوق اللاعبين، والتي استمرت لمدة عام كامل لم يتمكن لاعبو «ليف غولف» خلاله من المشاركة في الجولات المقررة.
لكن الخلافات والمعارك القانونية بين «ليف» و«بي.جي.إيه» و«جولة موانئ دبي العالمية» انتهت فجأة يوم الثلاثاء بالإعلان عن تشكيل مؤسسة ربحية مشتركة تضم الشركات الثلاث في كيان واحد، ويخطط صندوق الاستثمارات العامة لإجراء استثمارات إضافية غير معلنة في هذا الكيان.
استثمارات كرة القدم وألعاب الفيديو
تجدر الإشارة إلى أن رئيس سلسلة الغولف الجديدة، ياسر الرميان، هو نفسه رئيس مجلس إدارة شركة البترول المملوكة للدولة أرامكو السعودية، والذي يرأس أيضاً فريق كرة القدم الإنجليزي نيوكاسل يونايتد، كما يشغل منصب محافظ صندوق الاستثمارات العامة.
ولا يقتصر اهتمام المملكة على رياضة الغولف، بل يمتد لرياضات أخرى مثل كرة القدم، حيث أغدقت المملكة مليارات الدولارات على بعض لاعبي كرة القدم الأكثر شهرة في العالم أمثال كريستيانو رونالدو وكريم بنزيما لإغرائهم بالانضمام لدوري المحترفين السعودي.
وسواء كان الهدف من تلك الاستثمارات السعوديين هو تحقيق الأرباح أو الدعاية الجيدة، فمن الواضح أن الأنشطة الرياضية ليست المجال الوحيد لاستعراض المملكة لقوتها المالية، فعلى سبيل المثال، استثمرت المملكة نحو 7.5 مليار دولار في العديد من شركات ألعاب الفيديو الرائدة، وفقاً لأحدث التقارير الصادرة عن الدولة، ما منحها حصة بقيمة 9 في المئة في «إلكترونيك أرتس»، و7 في المئة في «تيك تو انتراكتيف»، وما يقرب من 5 في المئة من أسهم «اكتيفيجن بليزرد»، كما تمتلك أكثر من 5 في المئة من شركة «لايف ناشن» المتخصصة في تنظيم الحفلات الموسيقية والمالكة لشركة «تيكيت ماستر». كما تمتلك الدولة حصصاً كبيرة تقدر بمئات الملايين في كل من «كارنيفال كورب»، و«أوبر» و«زووم».
ويعد أكبر استثمار للسعودية في الولايات المتحدة هو شركة لوسيد المبتكرة لصناعة السيارات الكهربائية، إذ يمتلك صندوق الاستثمارات العامة 60 في المئة من أسهم»لوسيد«، بقيمة 7.6 مليار دولار حتى إغلاق يوم الثلاثاء، وقد أعلنت شركة لوسيد مؤخراً أن صندوق الاستثمارات العامة سوف يستثمر 1.8 مليار دولار أخرى في الشركة للمساعدة في تمويل عملياتها.
علاوةً على ذلك، سعى إيلون ماسك في عام 2018 للحصول على تمويل من صندوق الاستثمارات السعودي عندما كان يفكر في تخصيص «تسلا»، إذ كانت لدى الصندوق حصة بالفعل في «تسلا» في ذلك الوقت. ولم يعد يذكر الصندوق «تسلا» من ضمن ممتلكاته، لكن في العام الماضي، ساعد الصندوق ماسك على شراء «تويتر» بقيمة 44 مليار دولار من خلال الموافقة على نقل استثماره الحالي البالغ 1.9 مليار دولار في منصة التواصل الاجتماعي إلى الشركة الجديدة التي يمتلكها ماسك.
(كريس إزيدور، CNN)