كشفت بيانات يوم الجمعة عن تباطؤ التضخم الأساسي في طوكيو خلال سبتمبر أيلول، وذلك للشهر الثالث على التوالي، وفقاً لأحدث بيانات بنك اليابان، الذي علّل ذلك بانخفاض تكاليف الوقود.

على جانب آخر، أظهرت بيانات منفصلة استقرار إنتاج المصانع في أغسطس آب، في إشارة إلى تأثير ضعف الطلب العالمي، ومؤشرات ضعف الاقتصاد الصيني.

وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين في طوكيو، الذي يشمل تكاليف الوقود، ويستثني المواد الغذائية الطازجة المتقلبة، بنسبة 2.5 في المئة في سبتمبر أيلول مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، مقابل متوسط توقعات السوق لزيادة بنسبة 2.6 في المئة.

وتباطأ من زيادة بنسبة 2.8 في المئة في أغسطس آب؛ لكنه تجاوز هدف بنك اليابان البالغ اثنين في المئة للشهر السادس عشر على التوالي.

وأوضحت البيانات أن المؤشر الذي يستثني تكاليف الأغذية الطازجة والوقود، والذي يراقبه بنك اليابان عن كثب كمقياس أفضل لاتجاهات الأسعار العامة، ارتفع بنسبة 3.8 في المئة في سبتمبر أيلول مقارنة بالعام السابق بعد زيادة بنسبة 4.0 في المئة شهدها في أغسطس آب.

من جهتهم، رجّح المحللون -وفقاً لوكالة رويترز- أن يؤثر الارتفاع المستمر في أسعار المواد الغذائية والضروريات اليومية وأسعار الخدمات، في بنك اليابان وسيبقيه تحت الضغط للتخلص التدريجي من برامج التحفيز الضخمة.

ارتفاع نسبة التضخم في اليابان

يأتي هذا التباطؤ للشهر الثالث على التوالي بعدما تجاوز التضخم الأساسي للمستهلكين في اليابان التوقعات في مايو أيار، وارتفع بأسرع وتيرة سنوية خلال 42 عاماً، منذ يونيو حزيران 1981.

وقال محللون لرويترز إن هذه الزيادة جاءت مدفوعة بالارتفاع المطرد في أسعار المواد الغذائية والضروريات اليومية، ما يشير إلى تباطؤ الاستهلاك بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة.

من جهته، قال وزير الاقتصاد الياباني يوشيتاكا شيندو، يوم الجمعة، إن الاقتصاد الياباني -ثالث أكبر اقتصاد في العالم- لم يعد يعاني من الانكماش بينما يحرز تقدماً مطرداً؛ لكن يتعين على صناع السياسات ضمان عدم انزلاق الأسعار مرة أخرى إلى الانكماش.

وأضاف -وفقاً لرويترز- أن اليابان يجب أن توازن بين مهمة إنعاش الاقتصاد والجهود المبذولة للحد من ديونها الضخمة، لذلك يسعى صناع السياسات إلى تحقيق التوازن في الموازنة الأولية بحلول السنة المالية المنتهية في مارس آذار 2026.

كل ذلك في الوقت الذي أظهرت فيه بيانات حكومية أن معدل البطالة في اليابان استقر عند 2.7 في المئة في أغسطس آب مقارنة مع الشهر السابق، فهل يعدل بنك اليابان عن رأيه في خفض أسعار الفائدة لإعادة الانتعاش إلى الاقتصاد المتعثر؟

إعادة نظر في سياسة بنك اليابان

على الرغم من تباطؤ نسب التضخم في اليابان فإن الأمر قد يتطلب إعادة نظر في السياسة النقدية «الفضفاضة» لبنك اليابان، الذي أبقى أسعار الفائدة منخفضة في 22 سبتمبر أيلول، ما دفع العملة اليابانية إلى التراجع بأكثر من 0.5 في المئة.

حافظ البنك على هدفه لسعر الفائدة قصير الأجل عند -0.1 في المئة لعائد السندات لأجل 10 سنوات عند نحو صفر في المئة، كما ترك نطاقاً مخصصاً قدره 50 نقطة أساس دون تغيير على جانبي العائد المستهدف، إضافة إلى سقف ثابت جديد بنسبة واحد في المئة اعتُمد في يوليو تموز.

يتناقض قرار بنك اليابان مع قرارات البنوك المركزية الأميركية والأوروبية، التي أشارت في الاجتماعات الأخيرة إلى عزمها على إبقاء تكاليف الاقتراض مرتفعة لكبح جماح التضخم.

وفي أبريل نيسان الماضي، توقع البنك أن يصل التضخم إلى 1.8 في المئة بنهاية السنة المالية الحالية في مارس آذار من عام 2024.

قال رئيس منطقة آسيا والمحيط الهادئ في شركة «كابيتال إيكونوميكس» مارسيل ثيليانت، وفقاً لرويترز، إن «مجلس إدارة بنك اليابان يحتاج إلى مراجعة توقعاته للتضخم للسنة المالية الحالية بشكل أكبر في اجتماعه المقبل في أكتوبر تشرين الأول، ومن المرجح أن يستغل الفرصة الحالية للتخلي عن أسعار الفائدة السلبية ويخطط لرفع أسعار الفائدة في يناير كانون الثاني من العام المقبل».

ودفعت مؤشرات التضخم بنك اليابان إلى إجراء تعديلات متواضعة على سياسة التحكم في عوائد السندات الشهر الماضي، وهي خطوة اعتبرها المستثمرون تحولاً بعيداً عن السياسة النقدية البسيطة التي يتبعها البنك واستمرت على مدار عقود.

لكن محافظ بنك اليابان، كازو أويدا، استبعد فرصة الخروج المبكر من السياسة الفضفاضة للغاية، قائلاً إنه يحتاج إلى الانتظار حتى ترتفع الأجور بما يكفي لإبقاء التضخم مستداماً عند مستوى اثنين في المئة.

وشدد في مؤتمر صحفي بعد قرار السياسة على ضرورة قضاء المزيد من الوقت في تقييم البيانات، خاصة الأجور وأسعار الخدمات، قبل رفع أسعار الفائدة، قائلاً «يتعين علينا أن نتوقع أن التضخم مستقر ومستدام ويحقق هدفنا، ولهذا السبب يجب علينا أن نحافظ على السياسة النقدية الفضفاضة للغاية».