لم يكن عام 2023 عاماً عادياً فيما يتعلق بالكوارث الإنسانية، بدءاً من الزلازل المدمرة التي ضربت تركيا و سوريا في مطلع العام، والصراعات التي اجتاحت السودان في أبريل نيسان متسببة في نزوح الملايين، انتهاءً بحرب غزة المستمرة منذ أكتوبر تشرين الأول الماضي.
ومع استمرار تدهور الأوضاع في أوكرانيا وأفغانستان واليمن والقرن الإفريقي وعدم الاستقرار الاقتصادي الذي يعيشه العالم، وتفاقم الأزمة المناخية التي تهدد كوكب الأرض، تتوقع منظمة الأمم المتحدة ارتفاعاً قياسياً في المساعدات الإنسانية التي يحتاج إليها العالم عام 2024.
ووفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ، فقد طالبت المنظمة بمساعدات بقيمة 46 مليار دولار لعام 2024 لمساعدة ملايين الأشخاص المتضررين من الأزمات الإنسانية في جميع أنحاء العالم والتي تشمل السودان وأوكرانيا والأراضي الفلسطينية.
وبحسب بيانات المكتب، فإن ما يقرب من 300 مليون شخص -من بينهم 74.1 مليون في شرق وغرب إفريقيا- بحاجة إلى مساعدات إنسانية خلال العام المقبل بسبب النزاعات السياسية، وتداعيات ا لتغيّرات المناخية، والأزمات الاقتصادية.
شح التمويل
لكن تظل المساعدات الإنسانية تواجه شُح التمويل، إذ شهدت الأمم المتحدة خلال عام 2023 أكبر تراجع في حجم التمويلات الإنسانية على الإطلاق، لتجمع نحو ثُلث المبلغ المستهدف البالغ 57 مليار دولار، رغم ذلك نجحت المنظمة في مساعدة ما يقرب من 128 مليون شخص حول العالم.
أسوأ ما في الأمر أن الانخفاض الحاد في الموارد دفع الوكالات الإنسانية لاتخاذ قرارات مؤلمة، مثل خفض تمويل البرامج المنقذة للحياة كبرامج الغذاء والماء والصحة.
72 دولة بحاجة إلى التمويل
ومن المفترض أن يغطي نداء المساعدات نحو 72 دولة، منها 26 دولة تمر بأزمات مباشرة و46 دولة تعاني الآثار غير المباشرة لاضطرابات جيرانها مثل تدفق اللاجئين.
وحذّر مارتن غريفيث، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة، أن المبالغ المطلوبة هائلة للغاية وقد يصعب جمعها، خاصة أن العديد من الدول المانحة تواجه أزمات اقتصادية واسعة أبرزها التضخم وغلاء المعيشة.
وتأتي سوريا في مقدمة الدول الأكثر احتياجاً إذ تحتاج إلى مساعدات بـ4.4 مليار دولار، تليها أوكرانيا بـ3.1 مليار دولار، وأفغانستان بـ3 مليارات دولار، وإثيوبيا بـ2.9 مليار دولار، واليمن بـ2.8 مليار دولار.
التغيّرات المناخية تفاقم الأزمة
يُعد التغير المناخي أحد العوامل الرئيسية المؤججة للأزمات الإنسانية، إذ يتسبب في انعدام الأمن الغذائي ونزوح ملايين الأشخاص من بلادهم.
فحتى نهاية 2022، تسببت الكوارث المناخية والطبيعية في نزوح 8.7 مليون شخص داخل بلادهم، بزيادة قدرها 45 في المئة مقارنة بالعام السابق، بينما تسببت في انعدام الأمن الغذائي لنحو 56.8 مليون آخرين.
ويشكّل الجفاف أحد أهم المخاطر المناخية، إذ يتوقع الخبراء أن يتعرض نحو 1.6 مليار شخص للجفاف الشديد بحلول عام 2050، منهم نحو 20 في المئة من سكان إفريقيا.