تعاني باكستان أزمات اقتصادية متكررة؛ ما يدفعها إلى اللجوء لصندوق النقد الدولي للحصول على المساعدات المالية، الأمر الذي يسعى رئيس الوزراء شهباز شريف إلى تخليص البلاد منه، حيث تعهد بإنهاء اعتماد البلاد على المساعدات الأجنبية وحزم الإنقاذ.
وقال شريف في خطاب للمواطنين قبل أيام، إن الاتفاق التالي لحزمة إنقاذ مع المقرض العالمي سيكون الأخير في تاريخ البلاد.
وتجري الحكومة حالياً محادثات مع الصندوق للحصول على قرض يتراوح بين 6 و8 مليارات دولار، حيث تسعى باكستان جاهدة لتأمين برنامج قرض لتجنب التخلف عن السداد.
وشدد شريف، خلال خطابه، على أهمية الالتزام بالبرنامج الموضوع وأهدافه، حتى يكون الاتفاق المقبل مع صندوق النقد الأخير في تاريخ باكستان.
أبرز بنود خطة شهباز شريف
أولاً: تخفيف العبء على الخزانة
حيث تعهَّد رئيس الوزراء الباكستاني بإلغاء جميع المؤسسات والوزارات والإدارات التي أصبحت عبئاً على خزانة البلاد، قائلاً إن هذه الخطوة وحدها ستوفر مليارات الروبيات لدافعي الضرائب.
وأكد أنه التزام أساسي للحكومة بإنهاء جميع هذه المؤسسات التي لم يكن لها أي علاقة بالخدمة العامة، مثل إدارة الأشغال العامة، وأضاف رئيس الوزراء أن هذه الإدارة تعرف بأنها «الأكثر شهرة» من حيث الفساد.
كما انتقد امتيازات الوزارة المذكورة، بما في ذلك الرواتب التي وفقاً له لا تقل عن 2 مليار روبية سنوياً.
وقال إن الأموال التي يحصلون عليها من مختلف الوزارات والإدارات لأعمال التنمية ستصل إلى مئات المليارات، وادَّعى أنه إذا كان لدى الوزارة مجموعة من مئة مليار روبية لصناديق التنمية، فإن 50 في المئة أو أكثر تذهب إلى الفساد.
وكشف رئيس الوزراء عن تشكيل لجنة وزارية لهذا الغرض.
ثانياً: رقمنة المجلس الفيدرالي للإيرادات
كما أعلن رئيس الوزراء أن واحدة من أكبر الشركات في العالم تم تكليفها بالرقمنة الكاملة للمجلس الفيدرالي للإيرادات، حيث تم تهميش الموظفين غير الأكفاء داخل المجلس.
وقال إنهم عندما وصلوا إلى السلطة، كانت الظروف الاقتصادية في ذلك الوقت واضحة للجميع، وأنقذوا البلاد من التخلف عن السداد.
وقال إن السياسات الحكيمة أسفرت عن نتائج إيجابية وإن الاقتصاد يستقر تدريجياً الآن، كما أشار رئيس الوزراء إلى أن جميع المؤشرات الاقتصادية تسير في مسارٍ إيجابي.
ونسب الفضل إلى تحالف الحركة الديمقراطية الباكستانية السابق، وكبار قادة حزب الشعب الباكستاني، بمن فيهم الرئيس آصف علي زرداري وبيلاوال بوتو زرداري، ورئيس التحالف مولانا فضل الرحمن ونواز شريف لإخراج البلاد من الوضع الاقتصادي الصعب.
وأضاف في خطابه المتلفز «لقد حددنا مسار العمل المستقبلي، وسنتبعه بأقصى قدر من الصدق والصرامة، سننفق كل قرش مدخر على الرفاهية العامة.. سنقضي على التابيزم الأحمر».
ثالثاً: خفض التضخم
قال شريف إنه منذ أن استعاد مقاليد البلاد بمساعدة دعم الشعب في شكل أصوات وثقة، انخفض التضخم إلى 12 في المئة من 38 في المئة نتيجة لسياسات الحكومة.
وبالمثل، قال إن سعر الفائدة على القروض قد تمَّ تخفيضه إلى 20.5 في المئة من 22 في المئة السابقة، وهذا من شأنه أن يشجع الاستثمار، ويحفز الأنشطة التجارية.
وأشار رئيس الوزراء إلى التخفيضات الأخيرة في أسعار البنزين والديزل على أنها «راحة» للجماهير المتضررة من التضخم.
ومع ذلك، اعترف بأن هذه الخطوات لا تزال غير كافية وسط «عاصفة التضخم» خلال السنوات الأربع الماضية التي «كسرت العمود الفقري» للطبقة الفقيرة.
ووعد رئيس الوزراء باتخاذ المزيد من الإجراءات لمواصلة توفير الإغاثة للناس وخفض التضخم وتوسيع الاستثمارات وتوفير فرص التعليم العالي للشباب.
رابعاً: زيادة الاستثمارات الأجنبية
لفت شريف في معرض حديثه عن زياراته للصين ودول أخرى، إلى أنه تم إنشاء نظام للاستفادة الكاملة من استثمارات الدول الصديقة.
كما أعلن عن خطط لتدريب 300 ألف باكستاني في مجال تكنولوجيا المعلومات من خلال التعاون مع الصين وتوسيع البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات في جميع أنحاء البلاد.
وشدد على الالتزام بتحقيق رؤية القائد الأعظم، قائلاً إنه بروح التضحية والتفاني، «لا يمكن لأحد أن يعوق تقدمنا»، كما شدد على الحاجة إلى تضييق الفجوة بين الأغنياء والفقراء، مشيراً إلى أن النخبة تعيش مثل أفراد العائلة المالكة، بينما يتم سحق طبقة الموظفين تحت وطأة الضرائب.
خامساً: إعلان حالة الطوارئ في قطاع التعليم
وفي محاولة لزيادة معدل الإلمام بالقراءة والكتابة في البلاد، قال إن حكومته أعلنت حالة الطوارئ في قطاع التعليم لتلبية الاحتياجات الملحة.
وقال رئيس الوزراء بدلاً من إنشاء المصانع، سنشجع استثمارات القطاع الخاص لتعزيز التجارة.
وأشار إلى أن جميع المحاولات السابقة لحكومات الرابطة الإسلامية للتحرير الوطني لوضع البلاد على طريق التقدم كانت دائماً محبطة بسبب الكوارث أو العقبات المفاجئة.
ووصف رئيس الوزراء الإرهابيين واللصوص وسارقي الكهرباء والمنتفعين والمتهربين من الضرائب والمسؤولين الفاسدين بأنهم خصوم للتنمية الوطنية والاستقرار، وأضاف أن أي شخص لا يحترم الشهداء والمحاربين القدامى هو عدو لتقدم الأمة وازدهارها.
وتمثل خطة شهباز شريف خطوة جريئة نحو تحقيق استقلال اقتصادي أكبر لباكستان، لكن نجاحها يعتمد على تنفيذ الإصلاحات بشكل فعال وتجاوز التحديات المحتملة، سواء التغيرات السياسية أو المعارضة من الفئات المستفيدة من الوضع الحالي، أو التحديات الاقتصادية العالمية مثل تقلبات أسعار النفط أو الأزمات المالية العالمية.