بينما تحولت الأيام الخمسة للكشف عن ملابسات انفجار مرفأ بيروت -التي وعد بها حسان دياب رئيس وزراء لبنان حينئذ في الرابع من أغسطس آب عام 2020- إلى أربع سنوات، تعود ذكرى الانفجار في حُلة مختلفة هذا العام مع تطورات فرضتها حرب غزة على لبنان، فقد أدّى إقحام لبنان في الحرب إلى تراجع قطاع السياحة الحيوي للبلاد، وخنق الاقتصاد اللبناني الذي يعيش أسوأ أزماته منذ انتفاضة أكتوبر 2019، ما دفع البنك الدولي عام 2022 بتصنيفها بين أسوأ الأزمات التي شهدها العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر.
أودى الانفجار المدمر بحياة أكثر من 220 شخصاً، وأدّى إلى إصابة 6000 آخرين، بجانب دمار أكثر من 300 ألف وحدة سكنية نتيجة انفجار ضخم سببه 2500 طن من نترات الأمونيوم التي كانت مخزنة في مرفأ بيروت دون أي حماية.
ويعد «غياب المحاسبة الجانب الوحيد المشابه للأعوام السابقة»، كما يؤكد محيي الدين لاذقاني الذي خسر والده يوم الانفجار و«لكن كل الأحداث التي تتوالى مؤخراً، من حرب غزة إلى التصعيد في جنوب لبنان والخوف من توسيع مجالها، لا يمكن أن تخفف من قضية المرفأ والخسارة التي عاشها اللبنانيون».
كسب ثقة المجتمع الدولي لإعادة إعمار المرفأ
بدوره، قال وزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام في مقابلة مع «CNN الاقتصادية» إنه «لا شك أن لبنان لم يتعافَ اقتصادياً من بعد انفجار مرفأ بيروت، وتعزيز الثقة بالمرافق العامة الحيوية في لبنان سيستغرق الكثير من الوقت».
وتابع سلام «كل الخسائر الاقتصادية التي سببها انفجار الرابع من أغسطس آب لا تزال تضغط على لبنان الذي خسر ثقة المجتمع الدولي»، مشيراً إلى أنه لا يمكن استعادة هذه الثقة والمضي قدماً في إعادة إعمار مرفأ بيروت دون محاسبة المجرمين.
وأضاف الوزير اللبناني أن «المشاريع التي كانت مخططة لهذا المرفأ كبيرة وتهدف إلى جعله ترانزيتاً نحو الدول العربية.. إنما الآن تدمرت مصداقيتها».
وفي ظل الضغوط التي يتعرض لها الجسم القضائي من قِبل السلطة السياسية، يؤكد وليام نون شقيق جو نون أحد أفراد فرق الإطفاء الذين قضوا في الرابع من أغسطس آب أنه مهما كانت الطرق مستحيلة ومهما تصعب الأمور، سيتمسك أهالي الضحايا بالقضية حتى النهاية، وسيشكّلون مع باقي اللبنانيين ضغطاً على القضاء للإسراع في التحقيقات.
وفي حين لم يتعافَ لبنان من تداعيات انفجار المرفأ التي تُقدر خسائرها بمليارات الدولارات، فإن البلد السياحي يواجه اليوم خسارة اقتصادية أخرى مع استمرار الحرب في جنوبه مع إسرائيل، والتي قُدرت بنحو 360 مليون دولار يومياً في أبريل نيسان 2024.
السياحة من أكثر القطاعات خسارة
وتابع سلام قائلاً إن قطاع السياحة خسر موسمه هذا العام نتيجة التطورات مع إسرائيل والتي من الممكن أن تشهد تصعيداً في أي وقت، وتشير أرقام مطار بيروت إلى أن حركة الوافدين سجلت تراجعاً في النصف الأول من 2024 بنسبة 5.6 في المئة مقارنة بعام 2023، وبلغ عدد الوافدين خلال هذه الفترة نحو 1.545 مليون شخص، مقارنة بـ1.637 مليون شخص في النصف الأول من العام الماضي.
وبلغ عدد الوافدين إلى لبنان في يونيو 406.396 ألف شخص، وهو تراجع نسبته 5 في المئة مقارنة بمستويات الشهر ذاته من 2023، وفق الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية.
غياب المحاسبة في الأزمة المصرفية
كما دخل لبنان عامه الرابع في غياب محاسبة المسؤولين عن تفجير مرفأ بيروت، فإنه يدخل أيضاً عامه الخامس دون محاسبة المسؤولين عن أزمته المصرفية التي أدت إلى خسارة العملة المحلية ما يقارب من 90 في المئة من قيمتها مقابل الدولار الأميركي، وذلك في ظل تجميد مدخرات اللبنانيين في المصارف دون مسوغ قانوني يسمح بذلك.
وعلى الرغم من دق صندوق النقد الدولي ناقوس الخطر وتأكيده ضرورة إبرام الإصلاحات السياسية والمصرفية من أجل استئناف الاتفاق المبدئي مع لبنان والسير على خطة مساعدة بقيمة 3 مليارات دولار على مدى 4 سنوات، فإن تطبيق الخطة مرتبط بالتزام الحكومة تنفيذ إصلاحات مسبقة لم تسلك غالبيتها سبل التطبيق بعد، كما أن البرلمان والحكومة اللبنانية فشلا في التوصل إلى اتفاق لاعتماد خطة تعافٍ اقتصادية.
وأفاد البنك الدولي في مايو أيار 2024 بأن معدل الفقر في لبنان ارتفع 3 أضعاف خلال عقد، ليشمل واحداً من كل 3 لبنانيين، في ظل التصعيد في الجنوب.