لقد أثقلت الأزمة المستمرة في ألمانيا كاهل اقتصادها بالكامل، وبسبب حجمها الهائل أثقلت كاهل المنطقة الأوروبية بأكملها.
إن حالتها الحالية هي تتويج للعديد من المشكلات من البيروقراطية التي تعوق الأعمال التجارية إلى التعافي الباهت للطلب الذي يعوق نمو صناعاتها الرئيسية.
وقال رئيس صندوق النقد الدولي في أوروبا ألفريد كامر «دون بنية تحتية فعّلة، لا يمكن أن يكون هناك اقتصاد منتج» في ألمانيا، وفقاً لصحيفة زود دويتشه تسايتونج الألمانية.
وأضاف كامر أن ألمانيا بحاجة إلى إصلاحات هيكلية والمزيد من الاستثمار في البنية التحتية العامة للتخلص من الركود، معقباً أن انخفاض عدد السكان العاملين والبيروقراطية ضمن قائمة مشكلات برلين الرئيسية.
من المقرر أن ينكمش الاقتصاد الألماني -الأكبر في أوروبا- بنسبة 0.2 في المئة في عام 2024 للعام الثاني على التوالي، كرر وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك مخاوف كامر في وقت سابق من هذا الشهر، مسلطاً الضوء على أن العديد من مشكلات البلاد ناجمة عن هياكل داخلية وليس عوامل دورية.
وقال الوزير الألماني «لقد تخلينا عن الكثير على مدى العقود الماضية».
أعباء ألمانيا
لقد شقت ألمانيا طريقها عبر الجائحة وأزمة الطاقة في أعقاب غزو روسيا لأوكرانيا، ومع ذلك فقد فقدت قبضتها على التجارة والتصنيع لبضع سنوات، وقد انخفضت صادرات ألمانيا إلى الصين -أكبر شريك تجاري لها- بشكل حاد.
وعلى الرغم من بناء سمعتها كبطلة أوروبية من خلال براعتها الصناعية خلال معظم القرن الحادي والعشرين، فإن التحديات التي تواجهها ألمانيا في مجالها تتزايد أيضاً، فقد تركت سنوات من البيروقراطية، ونقص الاستثمار في تحديث البنية الأساسية وارتفاع التكاليف البلاد في محاولة للحاق بالاقتصادات المتقدمة الأخرى.
قال رئيس الاقتصاد الكلي لدى بنك آي إن خي، كارستن برزيسكي في وقت سابق من هذا الشهر «لقد فات الاقتصاد الألماني ببساطة القطار الذي يقوده إلى الابتكار والتحديث لفترة طويلة جداً، كان الأمر مزيجاً من الغطرسة والسذاجة والرضا عن الذات، فقد اعتقدوا فقط أنه لن يكون هناك منافسون لعالم الشركات القوي الخاص بهم».
كانت جواهر ألمانيا مثل فولكس فاغن تكافح من أجل النهوض وسط بيئة اقتصادية كلية قاسية وطلب متعثر، وأشار برزيسكي إلى المشاعر السلبية المحيطة بألمانيا التي أدت إلى تأجيل إنتل لخطط الاستثمار في البلاد.
الفجوة في النمو بين أميركا وأوروبا
عند سؤاله عن الاختلاف في نمو الشركات التي تتخذ من أوروبا مقراً لها مقارنة بأميركا، أشار كامر إلى أن الاختلاف الأكبر يتلخص في الحجم واللوائح.
وقال إن الولايات المتحدة لديها سوق ضخمة للسلع والخدمات داخل البلاد، ما أدى إلى خفض تكاليف الوحدة، ومع ذلك فإن تحقيق نطاق مماثل في أوروبا يتطلب دائماً عبور الحدود، ما يتسبب في المزيد من التكاليف.
وأضاف كامر أن «السوق الداخلية للاتحاد الأوروبي موجودة بالفعل، لكنها في الواقع مليئة بالعقبات التنظيمية وغيرها من الحواجز»، معقباً «تواجه الشركات الناشئة في أوروبا أيضاً مشكلة عدم قدرتها غالباً على الوصول إلى رأس المال الذي تحتاجه لنموها».
وفقاً لكامر -من صندوق النقد الدولي- فإن الحالة الاقتصادية في ألمانيا وآفاق التعافي تردع الشركات عن الاستثمار لأنها تريد «معرفة ما سيحدث في السنوات العشر إلى الخمس عشرة المقبلة».
وقال كامر إنه حتى لو بدت الصورة قاتمة الآن، فإذا أجريت تغييرات هيكلية ووضع سياسات مواتية للاستثمار، فقد أثبتت الشركات الألمانية مراراً وتكراراً أنها قادرة على التكيف.