أطلقت الأمم المتحدة نداءً يوم الأربعاء لجمع 47 مليار دولار مساعدات لعام 2025، لمساعدة نحو 190 مليون شخص فروا من الصراعات ويصارعون المجاعة.

يأتي هذا النداء في وقت لم تجمع الأمم المتحدة حتى نصف قيمة المساعدات المستهدفة هذا العام، ويخشى المسؤولون من خفض الدول الغربية بما في ذلك المانح الأكبر الولايات المتحدة.

وفي مواجهة ما وصفه رئيس المساعدات الإنسانية الجديد في الأمم المتحدة توم فليتشر بـ«مستوى غير مسبوق من المعاناة»، تأمل الأمم المتحدة مساعدة الناس في 72 دولة العام المقبل، بما في ذلك البلدان التي مزقتها الحرب كالسودان وسوريا وغزة وأوكرانيا.

وقال فليتشر للصحفيين في جنيف «العالم يحترق، وهذه هي الطريقة التي نستطيع بها إخماده».

.

وقال فليتشر، الدبلوماسي البريطاني السابق الذي تولى منصب رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الشهر الماضي «نحن بحاجة إلى إعادة ضبط علاقتنا مع أولئك الأكثر حاجة على هذا الكوكب».

مساعدات 2024 لم تكتمل بعد

إن هذا النداء هو الرابع من حيث الحجم في تاريخ مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، لكن فليتشر قال إنه يتجاهل نحو 115 مليون شخص لا تستطيع الوكالة تمويل احتياجاتهم بشكل واقعي، «يتعين علينا أن نركز بشكل كامل على الوصول إلى أولئك الذين هم في أمس الحاجة إلى المساعدة».

خفضت الأمم المتحدة نداءها لعام 2024 إلى 46 مليار دولار من 56 مليار دولار في العام السابق مع تراجع شهية المانحين، لكن التمويل لا يزال بنسبة 43 في المئة فقط، وهو أحد أسوأ المعدلات في التاريخ.. وقدمت واشنطن أكثر من 10 مليارات دولار، أي ما يقرب من نصف الأموال التي تلقتها.

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن عمال الإغاثة اضطروا إلى اتخاذ خيارات صعبة، إذ خفضوا المساعدات الغذائية بنسبة 80 في المئة في سوريا وخدمات المياه في اليمن المعرضة للكوليرا.

إن المساعدات ليست سوى جزء واحد من إجمالي الإنفاق الذي تنفقه الأمم المتحدة، والتي فشلت لسنوات في تلبية ميزانيتها الأساسية بسبب عدم سداد الدول مستحقاتها المالية.

في حين أوقف الرئيس المنتخب دونالد ترامب بعض إنفاق الأمم المتحدة خلال فترة ولايته الأولى، فإنّه ترك ميزانيات المساعدات التي تقدمها المنظمة الدولية كما هي.. وهذه المرة يرى مسؤولو المساعدات والدبلوماسيون أن التخفيضات محتملة.

لمن ستُمنح مساعدات 2025؟

تصدر اللاجئون من سوريا أكبر الفئات أو الدول المتلقية للمساعدات في عام 2025 من حيث حجم الإنفاق المستهدف بنحو 4.58 مليار دولار لتغطية احتياجات 10.8 مليون شخص، من إجمالي 16.6 مليون شخص في حاجة إلى مساعدة هناك.

أما السودان فجاء في المرتبة الثانية بإجمالي مساعدات تبلغ 4.16 مليار دولار موجهة لإغاثة 20.9 مليون شخص، وتليه سوريا بإجمالي مساعدات تبلغ 4.07 مليار دولار موجهة لمساعدة 10.8 مليون شخص.

وبحسب بيانات مكتب الشؤون الإنسانية، تقدر المساعدات اللازمة لثلاثة ملايين شخص في الأراضي الفلسطينية المحتلة بنحو 4 مليارات دولار خلال عام 2025.

العالم يتحول عن المساعدات الإنسانية الخارجية

قال يان إيغلاند، رئيس المجلس النرويجي للاجئين، الذي شغل منصب فليتشر من عام 2003 إلى عام 2006، «إن الولايات المتحدة تشكل علامة استفهام هائلة، وأخشى أن نشعر بخيبة أمل مريرة لأن المزاج العالمي والتطورات السياسية الوطنية ليست في صالحنا».

إن مشروع 2025، وهو عبارة عن مجموعة من المقترحات المحافظة التي تضم في تأليفها بعض مستشاري ترامب، يستهدف «الزيادات غير الضرورية في الميزانية» التي تبنتها وكالة الإغاثة الأميركية الرئيسية، الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.. ولم تستجب إدارة ترامب القادمة لطلب رويترز التعليق.

وأشار فليتشر إلى «تفكك أنظمتنا للتضامن الدولي» ودعا إلى توسيع قاعدة المانحين، وعندما سئل عن تأثير ترامب، قال «لا أعتقد أنه لا يوجد تعاطف في هذه الحكومات التي يتم انتخابها».

ومن بين التحديات التي تواجهها الوكالة أن الأزمات أصبحت تستمر الآن لفترة أطول، بمعدل 10 سنوات، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية.

وقال مايك رايان، رئيس قسم الطوارئ في منظمة الصحة العالمية، إن بعض الدول دخلت في «حالة أزمة دائمة».

وتعد المفوضية الأوروبية -الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي- وألمانيا المانحين الثاني والثالث على التوالي لميزانيات مساعدات الأمم المتحدة هذا العام.

وقالت شارلوت سلينتي، الأمينة العامة للمجلس الدنماركي للاجئين، إن إسهامات أوروبا أصبحت موضع شك أيضاً مع تحويل الأموال إلى الدفاع «إن العالم أصبح أكثر هشاشة وأقل قابلية للتنبؤ (مقارنة بفترة ولاية ترامب الأولى)، مع المزيد من الأزمات، وإذا خفضت الإدارة الأميركية تمويلها الإنساني فقد يصبح سد فجوة الاحتياجات المتزايدة أكثر تعقيداً».