كشف الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب عن نيته ضم جزيرة غرينلاند إلى بلاده، والجزيرة هي إقليم دنماركي يتمتع بالحكم الذاتي ومغطى بالجليد وموارد معدنية غير مستغلة وله أهمية جيوستراتيجية.
في ديسمبر قال ترامب إن السيطرة على الجزيرة القطبية الشمالية «ضرورة مطلقة»، «لأغراض الأمن القومي والحرية في جميع أنحاء العالم».
لكن الرئيس الجمهوري -الذي يتولى منصبه في 20 يناير- أطلق أجراس إنذار جديدة هذا الأسبوع عندما رفض استبعاد التدخل العسكري، ما أثار الدهشة في كوبنهاغن وفي جميع أنحاء أوروبا.
لكن الدنمارك قالت إنها «منفتحة على الحوار» مع واشنطن لضمان حماية المصالح الأميركية في وقت تتزايد فيه المنافسات مع الصين وروسيا في القطب الشمالي.
على الرغم من استقلاليتها، تعتمد غرينلاند على كوبنهاغن في إنفاذ القانون والسياسة النقدية والشؤون الخارجية والدفاع وسياسة الأمن.
وقالت المؤرخة لدى المعهد الدنماركي للدراسات الدولية، أستريد أندرسن لوكالة الأنباء الفرنسية، لكن مع قرب عاصمتها من نيويورك أكثر من كوبنهاغن، تقع غرينلاند في «منطقة الاهتمام» للولايات المتحدة.
وأوضحت أندرسن «خلال الحرب ــ بينما كانت الدنمارك محتلة من قبل ألمانيا ــ استولت الولايات المتحدة على غرينلاند، ولم تغادر قط».
ولا تزال الولايات المتحدة تحتفظ بقاعدة عسكرية نشطة في شمال غرب الإقليم، وتوفر غرينلاند أقصر مسار لإطلاق أي صواريخ باتجاه روسيا.
وقال عالم السياسة بالمعهد الدنماركي للدراسات الدولية، أولريك برام جاد، إن الولايات المتحدة لديها «شكاوى مشروعة بشأن عدم مراقبة المجال الجوي والمناطق البحرية شرق غرينلاند».
وعندما تحرر ممرات الشحن الجديدة بسبب ذوبان الجليد، تصبح المشكلة مشروعة، لكن برام جاد يعتقد أن ترامب يستخدم «مصطلحات مبالغ فيها».
خلال فترة ولايته الأولى طرح ترامب فكرة في عام 2019 مفادها أنه يريد شراء الإقليم وهو ما قوبل بالرفض.
لا يزال الخبراء في حيرة من أمرهم بشأن ما تخطط له الإدارة الرئاسية المقبلة بالفعل.
وقالت الأستاذة المشاركة في جامعة آلبورج والمتخصصة في شؤون غرينلاند، ليل راستاد بيورست «ما زلنا في غرفة الانتظار عندما يتعلق الأمر بمعرفة ما تعنيه إدارة ترامب بالضبط».
منذ عام 2009، كان سكان غرينلاند مسؤولين عن تحديد كيفية استخدام مواردهم الطبيعية.
يعتبر الوصول إلى الموارد المعدنية في غرينلاند أمراً بالغ الأهمية من قبل الولايات المتحدة، التي وقعت مذكرة للتعاون في هذا القطاع في عام 2019، تبع الاتحاد الأوروبي حذوها بعد أربع سنوات باتفاقه الخاص.
تُستكشف تربة غرينلاند جيداً ما مكّن من رسم خريطة مفصلة للموارد.
حدد الاتحاد الأوروبي 25 من أصل 34 معدناً في قائمته الرسمية للمواد الخام الحرجة في جرينلاند، بما في ذلك المعادن الأرضية النادرة.
قال المحلل لدى ثينك تانك يوروبا، ديت براسو سورنسن «مع ارتفاع الطلب على المعادن هناك حاجة للذهاب والبحث عن موارد غير مستغلة»، معقباً «لقد أصبح اللاعبون البارزون أكثر وعياً بضرورة تنويع مصادرهم، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالاعتماد على الصين في العناصر الأرضية النادرة».
وإضافة إلى هذا هناك الخوف من أن تضع الصين يدها على الموارد المعدنية، ومع ذلك، فإن قطاع التعدين في غرينلاند بدائي إلى حد كبير.
لا يوجد سوى منجمين في الجزيرة، أحدهما للياقوت ويبحث عن مستثمرين جدد، والآخر للأنورثوسيت وهو صخر يحتوي على التيتانيوم.
ومن الناحية الاقتصادية تعتمد الجزيرة التي تسعى إلى تحرير نفسها من الدنمارك على إعانات من كوبنهاغن، والتي تمثل خمس الناتج المحلي الإجمالي، وعلى صيد الأسماك.
وتعلق الآمال جزئياً على افتتاح مطار دولي في نوك في نوفمبر تشرين الثاني للمساعدة في تطوير السياحة في منطقة القطب الشمالي.
وتعتبر البنية الأساسية أيضاً قضية أساسية لتطوير صناعة التعدين.
وأشارت راستاد بيورست إلى أن «ترامب يضع غرينلاند على خريطة التعدين في الخطاب عندما يتعلق الأمر بالصناعات الاستخراجية، ولكن من الصعب أن نقول كيف يمكن أن تتطور في ظل نقص المستثمرين».
وأكدت سورينسن أيضاً أن الصعوبات المتأصلة في مثل هذه المساعي في غرينلاند «مع ظروفها الجوية القاسية للغاية، والبيئة المحمية، والكثير من التكاليف مع الحاجة إلى تطوير البنية التحتية المادية والرقمية».
وقالت «إن النظام التنظيمي غير المختبر يزيد أيضاً من حالة عدم اليقين».
وقد دفعت المعارضة العامة لتعدين اليورانيوم في جنوب غرينلاند إلى تشريع يحظر استخراج المنتجات المشعّة.
وهناك مورد محتمل آخر يمكن استغلاله وهو النفط، ولكنه متوقف حالياً.
(أ ف ب)