أظهر تقرير حديث اليوم الثلاثاء أن واردات أوروبا من الغاز الطبيعي المسال تراجعت بنسبة 19 في المئة خلال عام 2024، لتصل إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2021، بينما شهدت المملكة المتحدة انخفاضاً حاداً بنسبة 47 في المئة، ما يعكس تحولاً في سياسات الطاقة الأوروبية نحو تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري. وبحسب تقرير معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي (IEEFA)، فإن تراجع الواردات البحرية من الغاز المسال جاء نتيجة زيادة مشاريع الطاقة المتجددة والجهود المبذولة لخفض استهلاك الغاز.
ومع ذلك، تستمر الحكومات الأوروبية في استثمار مليارات الدولارات في بناء محطات استيراد جديدة للغاز المسال، ما يثير تساؤلات حول مدى الحاجة الفعلية لهذه البنية التحتية في المستقبل.
آنا ماريا جالر-ماكاروفيتش، كبيرة المحللين في IEEFA، أشارت إلى أن عدم توافق الاستثمارات مع التوجهات المستقبلية في الطلب على الغاز قد يؤدي إلى استثمارات زائدة عن الحاجة، ما يعرّض بعض المشروعات إلى خطر البطالة التشغيلية مع تسارع التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة.
المملكة المتحدة تقود التراجع في استيراد الغاز المسال
سجّلت المملكة المتحدة أكبر انخفاض في واردات الغاز المسال، حيث تراجعت بنسبة 47 في المئة مقارنة بعام 2023، وذلك نتيجة لانخفاض الطلب على الغاز إلى مستويات قياسية.
وقد أثارت هذه الأرقام جدلاً حول الحاجة إلى الاستثمار في مشاريع النفط والغاز في بحر الشمال، وكذلك تطوير مرافق تخزين الغاز.
على الرغم من انخفاض الطلب، فمن المتوقع أن تنمو قدرة استيراد الغاز المسال في
أوروبا بنسبة 60 في المئة بين عامي 2021 و2030، مع خطط تقودها ألمانيا وهولندا وتركيا وإيطاليا وفرنسا وبلجيكا واليونان وفنلندا وبولندا وكرواتيا.
وقد تسارعت هذه المشاريع عقب الغزو الروسي لأوكرانيا الذي أدى إلى انخفاض الاعتماد على الغاز المنقول عبر الأنابيب من روسيا، وزيادة الاهتمام بمشاريع الطاقة المتجددة ومحطات استيراد الغاز المسال من الولايات المتحدة.
الولايات المتحدة المصدر الرئيسي للغاز المسال إلى أوروبا
في عام 2024، جاء ما يقرب من نصف واردات أوروبا من الغاز المسال من الولايات المتحدة، فيما ارتفعت واردات الغاز المسال من روسيا بنسبة 18 في المئة، رغم تعهد الاتحاد الأوروبي بإنهاء اعتماده على الوقود الأحفوري الروسي بحلول عام 2027.
وفقاً للتقرير، فإن ثلث الشحنات الروسية المصدرة إلى أوروبا العام الماضي تم شراؤها من السوق الفورية، ما يعني أنها ليست مرتبطة بعقود طويلة الأجل ويمكن إلغاؤها بسهولة في إطار تقليل الاعتماد على الغاز الروسي.
مخاطر التقلبات في سوق الغاز وأمن الطاقة الأوروبي
أشار التقرير إلى أن استمرار استثمارات الغاز المسال على نطاق واسع قد يجعل القارة أكثر عرضة لتقلبات السوق العالمية. وقالت جالر-ماكاروفيتش إن جهود الاتحاد الأوروبي لخفض استهلاك الغاز كانت ضرورية للحفاظ على أمن الطاقة، لكنها حذّرت من أن استقرار الطلب على الغاز يتطلب مزيداً من العمل لتنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الغاز المسال.
تجنب الاستثمار المفرط في الغاز
بينما تسعى أوروبا لتحقيق الاستقلال في مجال الطاقة وتقليل الاعتماد على الغاز الروسي، تواجه القارة تحديات كبيرة في التخطيط لاستثمارات الطاقة المستقبلية.
ومع استمرار بناء محطات استيراد الغاز، تبرز الحاجة إلى استراتيجيات أكثر دقة لتجنب الإفراط في الإنفاق على بنية تحتية قد تصبح غير ضرورية في ظل التحولات المستمرة نحو الطاقة المتجددة والاستدامة.