شهدت أسعار النفط اليوم الأربعاء حركة محدودة عند مستويات قريبة من أدنى مستوياتها في شهرين، في ظل ترقب المستثمرين تطورات اتفاق سلام محتمل بين روسيا وأوكرانيا، وتدخّل بعض العوامل الإيجابية في السوق مثل تراجع مخزونات الخام في الولايات المتحدة.
وبلغ سعر العقود الآجلة لخام برنت نحو 73.18 دولار للبرميل، مرتفعاً بمقدار 16 سنتاً (0.2 في المئة) عن سعر التسوية السابقة، فيما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي بمقدار 20 سنتاً (0.3 في المئة) ليصل إلى 69.13 دولار للبرميل.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
تأتي هذه التحركات السعرية بعد تقرير صادر عن محللي آي إن جي يشير إلى تزايد احتمالية التوصل إلى اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا، ما أثار تكهنات بشأن إمكانية رفع العقوبات الدولية المفروضة على موسكو.
وبحسب التقرير ذاته، فإن رفع العقوبات سيكون له تأثير كبير على المعروض النفطي في الأسواق، إذ سيحرر مزيداً من الإنتاج الروسي ويبدد جزءاً من الغموض الذي يكتنف التوازن النفطي منذ اندلاع الأزمة.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
في سياق متصل، نقلت وكالة رويترز عن مصادر مطّلعة أن الولايات المتحدة وأوكرانيا توصلتا إلى مسودة اتفاقية حول المعادن الحيوية، في إطار مساعي الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء النزاع في أوكرانيا على وجه السرعة، ويرى الخبراء أنّ هذا التطور قد يكون جزءاً من مفاوضات أوسع تتضمن تسويات سياسية واقتصادية، من بينها الشأن النفطي.
من جانبه، أوضح تقرير منفصل يستند إلى بيانات غير رسمية صادرة عن معهد البترول الأميركي تراجع مخزونات الخام في الولايات المتحدة بمقدار 640 ألف برميل خلال الأسبوع المنتهي في 21 فبراير شباط، ومن المتوقع أن تعلن إدارة معلومات الطاقة الأميركية في وقت لاحق اليوم الأرقام الرسمية، وسط ترجيحات تتنبأ بأن يكون هذا أول انخفاض يُسجل في مخزونات الخام الأميركية منذ منتصف يناير كانون الثاني الماضي.
يُذكر أنّ محللين استطلعت رويترز آراءهم كانوا قد توقعوا زيادة في المخزونات الأميركية بنحو 2.6 مليون برميل، ما يجعل الأرقام التي أفاد بها معهد البترول الأميركي مفاجِئة نسبياً للأسواق، وفي حال تأكيد تراجع المخزونات رسمياً، قد يسهم ذلك في الحد من ضغوط البيع على النفط، ويوفر دعماً جزئياً للأسعار.
على صعيد آخر، لم تغب المخاوف المتعلقة بالسياسات التجارية للإدارة الأميركية عن المشهد النفطي، إذ أثار الرئيس دونالد ترامب توترات مع شركاء تجاريين مثل الصين عبر فرض رسوم جمركية إضافية، ويرى محللون في بنك إيه إن زد أنّ هذه التوجهات الحمائية تزيد الضغط على الاقتصاد الأميركي، ما قد ينعكس سلباً على الطلب المحلي على الطاقة إذا استمرت الخلافات التجارية لفترات طويلة.
ويأتي ذلك بالتزامن مع تأثير العقوبات الأميركية على إيران، التي كان من المحتمل أن تُقلص الإمدادات النفطية في السوق العالمية، إلا أنّ الأرقام الأخيرة المتعلقة بالمخزون الأميركي، إلى جانب التفاؤل بانفراج محتمل في الأزمة الروسية الأوكرانية، خفّفا من حدّة هذه المخاوف على المدى القريب.
وفي سياق متصل، يشير المحللون إلى أنّ أي تقدّم ملموس في المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا قد يُحدث تحولاً في خريطة إمدادات الطاقة، إذ تظل روسيا لاعباً رئيسياً في أسواق النفط والغاز العالمية، ومن شأن عودة موسكو إلى نطاق التجارة الدولية بشكل كامل أن تضيف مزيداً من الإمدادات، وبالتالي تفرض ضغوطاً إضافية على الأسعار، الأمر الذي يقلص مكاسب الدول المصدرة للنفط الأخرى.
مع ذلك، يرى بعض الخبراء أنّ السوق لم تصل بعد إلى نقطة التوازن، إذ لا تزال هناك عوامل متعددة قد تؤثر على توقعات الطلب والعرض، فالاقتصاد العالمي يواجه تحديات، أبرزها استمرار التوترات التجارية، ومخاطر التباطؤ في نمو الاقتصادات الصاعدة، وتقلبات أسواق العملات والأسهم، ما يجعل مسار أسعار النفط مفتوحاً على احتمالات مختلفة.
ورغم تفاؤل البعض بخصوص حسم الخلاف بين روسيا وأوكرانيا، فإن كثيراً من المراقبين ينتظرون نتائج المفاوضات النهائية وتفاصيل أي اتفاقية محتملة ترفع العقوبات أو تغيّر من ديناميكيات الإنتاج والتصدير في المنطقة، في هذه الأثناء يراقب المستثمرون بحذر مدى استقرار الطلب الأميركي والصيني على النفط، بالنظر إلى دور البلدين المحوري في استهلاك الطاقة عالمياً.
وفي ضوء هذه المعطيات، يبقى من المبكر تحديد الاتجاه المستقبلي لأسعار الخام، إذ إنها تخضع لمجموعة من العوامل السياسية والاقتصادية المعقدة التي يصعب فصلها عن بعضها البعض، لكن المؤكد أن المزيج المتمثل في مؤشرات سلام روسي أوكراني، وتراجع المخزونات الأميركية، وسياسات الرسوم الجمركية الأميركية، سيحدد ملامح أسواق الطاقة في الأيام والأسابيع المقبلة، وسط آمال بأن يجد المستثمرون إشارات أوضح حول الاتجاهات طويلة المدى للطلب والعرض.