«متداولو النفط».. رابحون حتى تضع الحرب أوزارها

متداولو النفط رابحون حتى تضع الحرب أوزارها

تشهد أسواق النفط العالمية حالة من الترقّب والقلق مع تصاعد التوتر العسكري بين إيران وإسرائيل، ما أدّى إلى قفزة حادّة في أسعار الخام وسط مخاوف من تعطل الإمدادات وتهديد الملاحة في مضيق هرمز، أحد أهم شرايين الطاقة العالمية.

ومنذ الضربات الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت منشآت نووية وعسكرية إيرانية في 14 يونيو 2025، ارتفعت أسعار النفط بنحو 7 إلى 14%، ليتداول خام برنت وخام غرب تكساس الأميركي مع ذروة أيام الحرب الأولى وانطلاق شرارة الضربات الإسرائيلية على مواقع وأهداف إيرانية حول مستويات 77–76 دولاراً للبرميل.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

متداولو «السبوت» و"الفيوتشرز"

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

في خضم هذه التطورات، يبدو أن المتداولين في سوقي النفط الفوري (Spot) والعقود الآجلة (Futures) هم أبرز الرابحين، حيث سجّلت شركات الشحن والمضاربون السريعون أرباحاً فورية من الفجوات السعرية اللحظية، فيما راهنت صناديق التحوّط والمستثمرون الكبار على بناء مراكز شراء في العقود المستقبلية، ترقباً لمزيدٍ من الارتفاع.

وتضم قائمة الرابحين في سوق النفط الفوري شركات الشحن والمؤسسات المالية والمضاربين السريعين المستفيدين من المضاربة على الصعود وتوسّع الفارق السعري، كما أن متداولي النفط في سوق العقود الآجل رابحون أيضاً مثل صناديق التحوّط، والمضاربين المستقبليين الذين اشتروا مع بدء الشرارات الأولى للحرب وبنوا مراكز شراء استراتيجية ورفعوا مستوى التحوّط ضد مخاطر الارتفاع المستقبلي للأسعار خاصة ممن بنوا استراتيجيتهم على فرضية التصعيد المستمر، ما يعزّز مكاسب من يجمعون بين الربح اللحظي والتوسّع في المكاسب المستقبلية.

نفط خام غرب تكساس الوسيط WTI في يونيو 2025

بطول أمد الحرب ستتحرك أسعار نفط خام غرب تكساس الوسيط WTI في يونيو 2025 بدفع من مخاوف تعطل الإمدادات نحو الارتفاع، وهنا قد ننتظر تقارير مؤثرة إضافية مخزونات النفط الأسبوعية الصادرة عن معهد البترول الأميركي API ووكالة معلومات الطاقة EIA على أسعار نفط خام غرب تكساس الوسيط WTI والتي قد تعكس التغيرات في المخزونات تقلبات العرض والطلب.

فإذا أظهرت البيانات انخفاضاً في المخزونات، فقد يشير ذلك إلى زيادة الطلب، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط أكثر.

وعادة ما يتم نشر تقرير معهد البترول الأميركي API كل يوم ثلاثاء وتقرير إدارة معلومات الطاقة EIA في اليوم التالي.

وعادة ما تكون نتائجهم متشابهة، حيث تقع في حدود 1% من بعضها بعضاً خلال 75% من الوقت، فيما تعتبر بيانات إدارة معلومات الطاقة EIA أكثر موثوقية، حيث إنها وكالة حكومية.

فنياً، إذا اخترق خام غرب تكساس الوسيط WTI واستقر فوق 74.11 دولار في بداية الأسبوع المقبل، فقد يحمل الزخم الأسعار نحو 76.00 دولار وفي النهاية 78.00 دولار، وهنا يفتح الطريق لرؤية مستوى 80 دولاراً.

على العكس من ذلك، فإن الفشل في الحفاظ على مستويات ما فوق 71.71 دولار قد يؤدي إلى تراجع، خاصة إذا تراجعت التوترات الجيوسياسية أو إذا عاد تركيز السوق إلى مخاوف جانب الطلب، حسب ما يذكر «إف إكس ستريت»

الأسعار.. إلى أين؟

على المدى القصير (أسابيع)، فإنه من المرجح أن تبقى الأسعار ضمن نطاق 75–80 دولاراً للبرميل متى ما استمرت الاشتباكات دون تأثير مباشر في الإمدادات، مع الوضع في الحسبان أن أي استهداف جديد لمنشآت نفطية أو غازية قد يدفع الأسعار للارتفاع الفوري.

على المدى المتوسط (أشهر)، فإن بنك J.P. Morgan يتوقّع صعود الأسعار إلى 120 دولاراً للبرميل، وفي حال استهداف مضيق هرمز أو منشآت تصدير حيوية، فإن التصاعد سيكون بوتيرة أسرع، وفق تقديرات إيكونوميك تايمز.

الحرب على الورق دون اجتهاد تدفع مراكز الأبحاث ومؤسسات الاستثمار لتوقعات متفائلة للغاية حيال قفزة سعرية فمثلاً يتوقع بنك جيه بي مورغان أن يصل سعر برميل النفط إلى 120 دولاراً بنهاية المطاف مع الوضع في الاعتبار تطور المشهد خاصة وأن الحديث بدأ عن استهداف منشآت نووية إيرانية كما أن مفاعل ديمونا الإسرائيلي ومراكز بحثية عسكرية إسرائيلية ذُكِرَت في نصوص الأخبار كأهداف غير مؤكدة في ظل سياسة الإفصاح المتبعة لكل من الطرفين المتصارعين حول حقيقة الأضرار الواقعة.

3 سيناريوهات رئيسية:

الأول: استهداف منشآت إيرانية أو إغلاق جزئي لمضيق هرمز، وهو ما قد يدفع الأسعار فوراً إلى نطاق 100–120 دولاراً، بزيادة تتراوح بين 60 و80%.

الثاني: تعطيل مؤقت في شحنات النفط البحرية، وهو ما قد يؤدي إلى ضغط على المخزونات، ويحفّز «أوبك+» لضخ كميات إضافية.

الثالث: تهدئة أو تدخل دبلوماسي دولي، وهو ما قد يضع حداً للمضاربات، ويعيد الاستقرار للأسعار في نطاق 70–80 دولاراً، وفق تقديرات الغارديان.

فرص المضاربين: مَن يربح اللعبة؟

في مراكز الشراء طويلة الأجل، من المتوقع تحقيق أرباحً كبيرة إذا تصاعدت الحرب، أما مع التحوّط المؤسسي فإن الشركات الكبرى التي لم تغطِ احتياجاتها بأسعار اليوم قد تواجه كلفة مضاعفة لاحقًا

في حين يجني أصحاب سياسات التداول اليومية أرباحاً عبر التحرك بين التهدئة والتصعيد، بالمضاربة على الشراء والبيع مع انتظار أي هبوط لمعاودة الشراء باعتبار الصعود دائماً الاحتمال الأرجح وأن أي هبوط يكون تصحيحياً مؤقتاً.

نقطة تحول حاسمة في سوق الطاقة

تُظهر المعطيات أن الحرب الإيرانية–الإسرائيلية الحالية لم تؤثّر فقط في الأسعار، بل أعادت رسم معادلات الربح والخسارة داخل أسواق النفط، فعلى المدى القصير: الاستفادة من كل تصعيد عسكري لرفع الأسعار ضمن نطاق 75–80 دولاراً، أما على المدى المتوسط: فإن أي سيناريو تصاعدي مفتوح نحو 120 دولاراً، في حال تعرض الإمدادات لأي خطر مباشر.

وفيما تترقب الأسواق ما إذا كانت «نيران الحرب» ستشعل برميل النفط إلى مستويات غير مسبوقة، فإن المتداولين القادرين على التحوّط وقراءة الأحداث الجيوسياسية هم الرابحون الرئيسيون في هذه المرحلة.

لكن، يبقى العامل الحاسم هو: هل تتدخل الدبلوماسية الدولية قبل أن تتفجر السوق أكثر؟