توقعات بارتفاع تكلفة التأمين على إنتاج النفط بسبب الصراع في الشرق الأوسط

توقعات بارتفاع تكلفة التأمين على إنتاج النفط بسبب الصراع في الشرق الأوسط (شترستوك)
توقعات بارتفاع تكلفة التأمين على إنتاج النفط بسبب الصراع في الشرق الأوسط
توقعات بارتفاع تكلفة التأمين على إنتاج النفط بسبب الصراع في الشرق الأوسط (شترستوك)

أجمع عدد من محللي أسواق النفط والغاز على أن تعرض منطقة الشرق الأوسط لعدد من التوترات الجيوسياسية متمثلة في الصراع الإسرائيلي الإيراني، سيسهم في زيادة أسعار التأمين على عمليات البحث والتنقيب وإنتاج النفط والغاز في منطقة شرق البحر المتوسط، ما سيرفع تكلفة عمليات الإنتاج ويدفع أسعار النفط والغاز للارتفاع.

واستمر الصراع الإيراني الإسرائيلي لمدة 12 يوماً مع تدخل الولايات المتحدة الأميركية بتنفيذ هجمات على المنشآت النووية الإيرانية، لترد طهران بضرب القواعد العسكرية الأميركية الموجودة في منطقة الشرق الأوسط، قبل أن يعلن الرئيس الأميركي التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

يقول راهول شودري، نائب رئيس النفط والغاز في ريستاد إنرجي، إن الصراع بين إيران وإسرائيل كان محدوداً إلى حدٍ كبير، مع أدنى حد من الاضطراب في أنشطة النفط والغاز، باستثناء التوقف الجزئي للإنتاج من حقول جنوب فارس وليفياثان وكاريش، «فمن المتوقع أن يجذب الشرق الأوسط نحو 50 مليار دولار من الاستثمارات الرأسمالية الجديدة في عامي 2025 و2026، ومن هذا المبلغ يأتي نحو 5 مليارات دولار من إيران ونحو 3 مليارات دولار من إسرائيل. وفي حال كانت الأوضاع تفاقمت، يمكن تأجيل الاستثمارات الجديدة البالغة 8 مليارات دولار في إيران وإسرائيل على مدى العامين المقبلين، مع تداعيات تهدد بتطورات جديدة في أنحاء الشرق الأوسط كافة».

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

وأضاف شودري أن شركات إعادة التأمين العالمية اتخذت موقفاً استباقياً في مواجهة التقلبات في المنطقة عندما قررت العام الماضي الحد من تكاليف التغطية وزيادة أقساط التأمين وإضافة بنود تمنع إعادة تأمين الأصول الجديدة في المنطقة، وقد أثّرت التصعيدات الأخيرة بشكلٍ كبير في تكاليف التأمين، لا سيما تأمين الشحن، وبالتالي أسعار الشحن، وقد أفادت التقارير بارتفاع تكاليف تأمين مخاطر الحرب إلى ما بين 0.70 و0.80 دولار للبرميل الأسبوع الماضي، مقارنة بـ0.25 دولار للبرميل لناقلات النفط الخام العملاقة في المنطقة».

ويقول نافين داس محلل أول للنفط الخام لدى كبلر، إنه عادةً ما يتم الاتفاق على عقود التأمين لمشاريع التنقيب الحالية مسبقاً وعلى صفقات طويلة الأجل.

تُحدد منطقة الاستكشاف بطبيعتها قسط التأمين، وبالتالي فإن المنطقة الجيوسياسية المتقلبة ستفرض على أي حال أقساط تأمين أعلى، وهي واردة مسبقاً في الاتفاقيات، حيث من المرجح جداً أن بعض شركات التأمين تحاول إعادة التفاوض على شروط العقود الحالية، وتُضيف أقساطاً إلى عروض أسعارها نتيجة للتصعيد الحالي، ما يوحي بأن التكاليف كانت سترتفع بسبب الصراع».

ويرى داس، أن ارتفاع أقساط التأمين على عمليات البحث والاستكشاف وحتى إنتاج النفط والغاز سيؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج الإجمالية، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار التعادل للنفط والغاز المُنتجين، من ناحية أخرى، سيُعوّض ارتفاع سعر النفط الخام الإجمالي نتيجة الصراع بشكل طفيف، ما يعني بمعنى ما ارتفاع التكاليف، ولكن أيضاً ارتفاع الإيرادات».

ويقول المحلل أول للنفط الخام لدى كبلر، إن تشديد شركات التأمين لصياغة وثائق التأمين واستبعادها لأنواع مُعيّنة من المخاطر، قد يواجه التطوير البري والبحري تأخيراً في التجديدات أو استثناءات أو حدود تغطية في حال زيادة مخاطر الصراع، في الشرق الأوسط، من المُرجّح أن نرى شركات التأمين تُطالب بخطط أمنية مُفصّلة، وبنود شاملة للحرب، وتقييمات جديدة للمخاطر الإقليمية، وقد يُسبّب كلٌّ منها تأخيرات إدارية أو تأخيراً في التوقيت.

ويقول ديفيد جوربناز، الخبير في سوق النفط ومحلل أسواق النفط في ICIS لـCNN الاقتصادية، إن تكاليف التأمين على عمليات النفط والغاز في الشرق الأوسط ارتفعت بشكل ملحوظ عقب تصاعد الصراع الإيراني الإسرائيلي، وبينما تتعلق معظم البيانات الأولية بالتأمين البحري، وخاصة أقساط التأمين على ناقلات النفط التي تعبر مناطق عالية الخطورة كالخليج العربي والبحر الأحمر، فإن هذه الزيادات تشير إلى تشديد أوسع في تقييمات المخاطر من قِبل شركات التأمين العالمية. فعلى سبيل المثال، ارتفعت أقساط التأمين ضد مخاطر الحرب في قطاع الشحن البحري بنسبة مئات في المئة في بعض الحالات، وقد أعقب ذلك تاريخيًا زيادات مقابلة في تغطية عمليات المنبع البرية والبحرية».

وأضاف جوربناز، أنه يجري إعادة تقييم أنشطة التنقيب والحفر بشكل متزايد من حيث التعرض الجيوسياسي، حيث تأخذ شركات التأمين الآن في الاعتبار القرب من نقاط الاختناق الاستراتيجية، والتصعيد العسكري المحتمل، وتزايد خطر تخريب البنية التحتية، نتيجةً لذلك، تواجه شركات الطاقة العاملة في الشرق الأوسط الآن أقساط تأمين أعلى للتحكم في الآبار، والمسؤولية البيئية، وسلامة الموظفين، وتغطية المعدات، وكلٌّ منها يؤثّر بشكلٍ مباشر في الجدوى المالية وتوقيت مشاريع الاستكشاف.

ويقول الخبير في سوق النفط ومحلل أسواق النفط في ICIS لـCNN الاقتصادية إن شركات التأمين العالمية تُعيد تقييم تكاليف التغطية استجابة لتدهور البيئة الأمنية في الشرق الأوسط. لقد دخلت المنطقة فترة من التقلبات الجيوسياسية المتزايدة التي لا يمكن لشركات التأمين تجاهلها، لا سيما بالنظر إلى الأهمية الاستراتيجية لأصول مثل محطات التصدير، والمنصات البحرية، وخطوط الأنابيب، حيث تعيد شركات التأمين حساب احتمالية وشدة الأحداث المؤمَّن عليها، ما يؤدي إلى ارتفاع أقساط التأمين، وتضييق شروط وثائق التأمين، وفي بعض الحالات، محدودية توافر التغطية لأنواع محددة من الأنشطة أو المناطق الجغرافية.

ويرى جوربناز، أن أقساط التأمين المرتفعة تسهم بشكل مباشر في زيادة تكاليف الإنتاج لشركات النفط والغاز، حيث يُعدّ التأمين عنصراً أساسياً في النفقات التشغيلية، وخاصة للمشاريع المعقدة وعالية المخاطر في المناطق ذات الحساسية السياسية. عندما ترتفع أقساط التغطيات الرئيسية -مثل أضرار الممتلكات أو السيطرة على الآبار أو المخاطر السياسية يتعين على الشركات إما تحمل التكلفة الإضافية أو نقلها عبر سلسلة القيمة، حيث قد تؤدي بيئة المخاطر المُتزايدة إلى تأخير خطط الاستكشاف والحفر في أنحاء المنطقة كافة، فالعديد من شركات الطاقة العالمية لديها عتبات مخاطر داخلية صارمة تُحدّد متى وأين يُمكن توظيف رأس المال، لا سيما في المناطق المُعرّضة للصراعات المُفاجئة.

ويقول الخبير في سوق النفط ومحلل أسواق النفط في ICIS، عندما تُصبح تكلفة وتوفر التأمين غير مؤكدين، فإن ذلك يُؤثّر بشكلٍ مباشر في توقيت حملات الاستكشاف وجدواها، بالإضافة إلى ذلك يُمكن أن تُؤخّر الاختناقات اللوجستية الناجمة عن تقييد الوصول إلى الموانئ أو إعادة توجيه مسارات خطوط الشحن وصول معدات ولوازم الحفر الأساسية، وقد تختار الشركات أيضاً تأجيل تجهيز منصات الحفر أو تعليق العمل الميداني غير الضروري ريثما تتضح الصورة بشكل أكبر بشأن الوضع الأمني ​​أو تكلفة الحصول على تأمين كافٍ، ما يعرض عمليات التطوير والإنتاج أيضاً للتأخير في ظل الظروف الحالية.