يصارع العراق أزمة الكهرباء التي انتشرت في أرجاء البلاد، وتأتي مشاريع الطاقة المتجددة الأخيرة -وعلى رأسها الطاقة الشمسية- في محاولة لإيجاد حل لهذه الأزمة دون التسبب في زيادة الانبعاثات الكربونية، فهل تؤتي ثمارها؟
ومنحت وزارة الكهرباء العراقية، يوم الخميس، شركة توتال إنرجيز الفرنسية، الموافقة على بناء أول محطة لتوليد الكهرباء باستخدام الطاقة الشمسية بسعة 1000 ميغاواط في محافظة البصرة، أقصى جنوبي العراق، الذي يعاني بالفعل من أزمة متنامية في إمدادات الطاقة.
وفي أبريل نيسان 2024، كشف بيان لوزارة الكهرباء العراقية أنه حسب الاتفاق المبرم فإن الشركة الفرنسية ستنشئ محطة كهرباء بالطاقة الشمسية في حقل أرطاوي بمحافظة البصرة، على أربع مراحل ولمدة سنتين، وفي كل مرحلة ستمد المنظومة الوطنية بـ250 ميغاواط من الطاقة.
ويأتي ذلك في إطار عقد أوسع وقعته الحكومة العراقية العام الماضي مع شركة توتال يتضمن حزمة مشاريع نفطية وغازية وإنتاج الطاقة الشمسية لمدة 25 عاماً.
وعلى إثر ذلك شكلت وزارة الكهرباء لجاناً فنية لمتابعة الإجراءات مع الوزارات المعنية والشركة الأجنبية، أثمرت توقيع عقود بين الجانبين، ومن بينها المشروع المعلن عنه اليوم الخميس.
أزمة الكهرباء في العراق
شهد جنوبي العراق في نهاية يونيو حزيران 2024 احتجاجات متزايدة بسبب أزمة انقطاع الكهرباء، في وقت تعاني فيه البلاد من ارتفاع كبير في درجات الحرارة التي تجاوزت 51 درجة مئوية في 10 مدن، وسط موجة حر تضرب معظم دول العالم.
ويأتي ذلك وسط أزمة نقص إمدادات الكهرباء التي تواجهها البلاد، فبحسب وزير الكهرباء العراقي زياد علي فاضل، يحتاج العراق إلى ما يقرب من 40 ألف ميغاواط لتشغيل الكهرباء على مدار 24 ساعة يومياً، بينما ينتج نحو 27 ألف ميغاواط فقط من الكهرباء.
وفي فبراير شباط 2024، قال الرئيس العراقي عبداللطيف رشيد، خلال مقابلة حصرية مع «CNN الاقتصادية»، «مع الأسف الشديد دخل الفساد في الكهرباء، هذا السبب الرئيسي للأزمة، وأنا لا أخفيه»، مشدداً على حاجة شبكة الكهرباء في البلاد إلى عملية تطوير شاملة.
بجانب هذا يتزايد إنفاق العراق على واردات الغاز والكهرباء، خاصة من إيران، التي تستحوذ على نحو 4 مليارات دولار من إنفاق البلاد السنوي، بينما يحرق في الوقت نفسه كميات هائلة من الغاز الطبيعي كمنتج ثانوي في قطاع الهيدروكربونات.
الطاقة المتجددة وتوليد الكهرباء
يعتمد العراق في توليد الكهرباء اعتماداً رئيسياً على الوقود الأحفوري، بما في ذلك الغاز الطبيعي و النفط الخام ووقود المازوت والديزل، على سبيل المثال، في عام 2021، انقسم إجمالي توليد الكهرباء في البلاد بين 94 في المئة من المصادر غير المتجددة، مقابل ستة في المئة من المصادر المتجددة، بحسب وكالة الطاقة الدولية.
ولكن مع الضغوط التي تواجهها البلاد في محاولة إيجاد مصادر طاقة بديلة جنباً إلى جنب مع الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتحقيق أهداف المناخ، اتجه العراق في السنوات الأخيرة إلى تعزيز استثماراته في قطاع الطاقة المتجددة، ويأتي مشروع محطة الطاقة الشمسية ليبرز هذه الجهود.
وتعتبر الطاقة الكهرومائية من أهم مصادر الطاقة المتجددة في العراق التي تُستخدم في توليد الكهرباء، بفضل وجود نهري الفرات ودجلة الرئيسيين، إذ استحوذت على نحو 97 في المئة من إجمالي معروض الطاقة المتجددة في البلاد في عام 2020، وفقاً لبيانات الوكالة الدولية للطاقة، تليها ثلاثة في المئة لصالح الطاقة الشمسية.
وفي هذا الصدد، أعلنت الحكومة العراقية عن خطتها لإيصال حصة الطاقة النظيفة من إنتاج الكهرباء إلى 33 في المئة بحلول عام 2030، مع أكثر من ستة آلاف ميغاواط من الطاقة الشمسية، في حين لا تتجاوز قدرة توليد الطاقة الشمسية الحالية للبلاد 300 ميغاواط، بحسب دراسة لمركز البيان للدراسات والتخطيط.
هل تحل الطاقة الشمسية أزمة الكهرباء؟
في عام 2021، توصلت شركة مصدر الإماراتية إلى اتفاقية مع بغداد لبناء أربعة مشاريع للطاقة الشمسية في العراق بطاقة إجمالية تبلغ ألف ميغاواط في ذي قار والرمادي والعمارة والموصل.
كما أعلنت وزارة الكهرباء عن توصلها لاتفاق مع شركة أكوا باور السعودية لبناء مشروع طاقة شمسية بقدرة ألف ميغاواط في محافظة النجف.
وأبرم العراق أيضاً عديداً من الصفقات الأخرى مع شركات خارج منطقة الخليج لمشاريع الطاقة الشمسية، ولا سيما مع شركة توتال إنرجيز التي حصلت يوم الخميس على الموافقة على بناء أول محطة للطاقة الشمسية في البصرة.
ومع ذلك، تستبعد دراسة مركز البيان للدراسات والتخطيط أن تؤتي قائمة الخطط الحكومية لمشاريع الطاقة الشمسية ثمارها قبل عام 2025 على الأقل، ما يعزز المخاوف من استمرار أزمة الكهرباء في العراق لفترة أطول من الوقت.