تشهد الصين، باعتبارها واحدة من أكبر اقتصادات العالم، زيادة ملحوظة في احتياجاتها من الطاقة بسبب النمو الصناعي السريع والتحضر الواسع، لدرجة أنها تتجاوز الطلب الأميركي على الطاقة بأكثر من الضعف.
منذ التسعينيات، شهدت الصين تحولاً كبيراً في قطاع الطاقة، حيث تصاعد الطلب على الكهرباء بشكلٍ مستمر بسبب التوسع العمراني وتحسن مستويات المعيشة.. وهذا التوجه يجعل الصين تتصدر قائمة الدول صاحبة أعلى طلب على الطاقة، متفوقة على اقتصادات كبيرة مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والهند.
تزايد الطلب على الكهرباء في الصين
مع بداية التسعينيات، شهدت الصين نمواً صناعياً سريعاً أدّى إلى زيادة ملحوظة في الطلب على الكهرباء، وهو ما كان ضرورياً لدعم المصانع والبنية التحتية التي تطورت بسرعة.
لكن التحضر السريع، الذي صاحبه اتجاه المزيد من السكان إلى المدن، أضاف طبقة إضافية من الضغط على نظام الطاقة في البلاد.
ووفقاً لبيانات الوكالة الدولية للطاقة (IEA)، من المتوقع أن يصل الطلب على الكهرباء في الصين إلى نحو 10,498 تيراواط/ساعة (TWh) بحلول عام 2025، ما يجعله الأعلى عالمياً مقارنة بالدول الأخرى الكبرى.
أثر التحضر في استهلاك الطاقة
أصبح التحضر أحد العوامل الرئيسية التي تؤثّر في استهلاك الطاقة في الصين.. فقد تجاوز استهلاك المدن للطاقة الاستهلاك في القطاع الصناعي ليصبح أكبر مصدر لاستهلاك الطاقة.
وتشير تقديرات دائرة الإحصاء الوطنية في الصين إلى أن كل زيادة قدرها 1% في معدل التحضر تؤدي إلى زيادة في إجمالي استهلاك الطاقة بمقدار لا يقل عن 60 مليون طن من الفحم. علاوة على ذلك، تستهلك الأسر في المدن طاقة أكثر بنسبة 50% لكل فرد مقارنة بالأسر في المناطق الريفية، ما يزيد من الضغط على شبكات الطاقة.
مقارنة الطلب على الكهرباء
المقارنة بين الطلب على الكهرباء في الصين والدول الأخرى تُسلّط الضوء على الفجوة الكبيرة في استهلاك الطاقة.
وفقاً للتوقعات لعام 2025، سيصل استهلاك الصين إلى 10,498 تيراواط/ ساعة، بأكثر من ضعف الولايات المتحدة التي يصل فيها الاستهلاك إلى 4,475 تيراواط/ساعة، ونحو أربعة أضعاف استهلاك الاتحاد الأوروبي الذي يبلغ نحو 2,692 تيراواط/ساعة، وأكثر من ستة أضعاف استهلاك الهند، أكبر دولة حالياً من حيث عدد السكان، ويصل استهلاكها إلى 1,734 تيراواط/ساعة.
وهذه الأرقام تبرز التحديات التي تواجهها الصين في تلبية احتياجاتها الطاقوية المتزايدة، والتي تتجاوز بكثير تلك التي تواجهها الدول الأخرى الكبرى.
النموذج الهندي في مواجهة تحديات الطاقة
في حين أن الصين تقود في مجال الطلب على الطاقة، تزداد أيضاً الطاقة المستهلكة في الهند، حيث شهدت نمواً اقتصادياً هائلاً في العقد الأخير.. ومع أكبر عدد سكان في العالم، تعتمد الهند بشكل كبير على الوقود الأحفوري مثل النفط الخام والغاز الطبيعي والفحم، ما يزيد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
ولمواجهة هذه التحديات، أعلنت الحكومة الهندية عدة مبادرات جديدة تهدف إلى تعزيز استخدام الهيدروجين الأخضر، وتخزين البطاريات، والطاقة الريحية البحرية، وذلك في محاولة لتحقيق توازن بين النمو الاقتصادي والحد من التأثيرات البيئية.
هذه التغيرات في استهلاك الطاقة تبرز أهمية التوجه نحو مصادر طاقة مستدامة وتطوير استراتيجيات فعّالة لمواجهة التحديات البيئية والاقتصادية العالمية.