في ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة التي تواجهها الدول الإفريقية، لا يقتصر دور المؤسسات الدولية على تقديم التمويل، بل أصبح من الضروري أن يتقاطع هذا الدعم مع أولويات محلية واضحة. خلال الاجتماعات السنوية لصندوق أوبك للتنمية الدولية (OPEC Fund) في فيينا – يونيو 2025، أجرت CNN الاقتصادية مقابلات مع مسؤولين من رواندا والكاميرون وبوتسوانا، وطرحت سؤالاً مباشراً: ما الذي تحتاج إليه بلدانهم حقاً؟ وما الدور الذي يمكن أن يلعبه الصندوق بواقعية؟
رواندا: تطوير الطيران يبدأ من التدريب وليس فقط البنية التحتية
قال يوسف مورانغا، وزير المالية والتخطيط الاقتصادي في رواندا، إن بلاده تمضي قدماً في مشروع بناء مطار كيغالي الدولي الجديد، إلى جانب توسيع شركة الطيران الوطنية. لكنه شدد على أن الأهم هو التأكد من توفر الكوادر القادرة على تشغيل هذا التوسع التقني.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
«نحتاج إلى تدريب طيارين، ومهندسي صيانة، وأطقم خدمات لوجستية وتعامل مع العملاء.. الطيران ليس مجرد بناء مطار».
وأضاف أن هذه الخطوة ستسهم أيضاً في تطوير خدمات دعم مرتبطة بالسياحة والمؤتمرات والخدمات الأرضية.. تأتي هذه المبادرة ضمن اتفاق إطار تعاون تم توقيعه في 17 يونيو 2025، يخصّص 300 مليون دولار للصندوق على مدى 2025–2028 في مجالات الري والطاقة والنقل الجوي.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
ومن هذا المبلغ، يموّل صندوق أوبك 27.95 مليون دولار لإنشاء مركز تميّز لخدمات الطيران بالاشتراك مع البنك الإفريقي للتنمية، ضمن مشروع تبلغ تكلفته الإجمالية نحو 54.6 مليون دولار، ما يشير إلى مشاركة صندوق أوبك بنحو نصف التكلفة.
الكاميرون: تحفيز اقتصادي عبر قطاعات مترابطة
ركّز الوزير ألامين عثمان ماي على ضرورة النظر إلى التنمية كعمليات متشابكة، قائلاً: «دون طاقة كافية، لا يمكن لأي منظومة إنتاج أن تعمل. ودون مياه، لا يمكن تحسين الصحة.. وهذه القطاعات مترابطة».
وبيّن أن الشراكة مع صندوق أوبك تشمل تمويل مشاريع بقيمة 195.7 مليون دولار حتى منتصف 2025، غطّت مجالات القيادة والطاقة والمياه والصحة والتنقل. ومن ضمنها قرض بقيمة 25 مليون دولار لدعم مشروع سلسلة إنتاج الأرز الذي أقرّه الصندوق في مارس 2024، بطاقة إنتاجية إجمالية للمشروع تبلغ 170 مليون دولار. ويمثّل المشروع حيزاً حيوياً في معالجة الأمن الغذائي وتعزيز الإنتاج المحلي وربط مجتمعات المزارعين بالأسواق وبناء بنية تحتية زراعية قوية.
بوتسوانا: إصلاح المؤسسات ضمن أولويات الدولة
وفي بوتسوانا، أكد ندابا جاولاتِه، نائب الرئيس ووزير المالية، أن الدولة تواجه تحولاً تاريخياً إثر انهيار الاعتماد على الألماس، قائلاً:
«نحن بلد بُني على السوق انهار.. لا نحتاج إلى تمويل فقط، بل شراكات عملية تعمل في السوق المحلية»
وكشف أن صندوق أوبك منح 200 مليون دولار قرضاً سيادياً لدعم برنامج الحوكمة والمرونة الاقتصادية ضمن إطار شراكة ممتد حتى 2029 مع البنك الإفريقي للتنمية، يستهدف تحسين البنية التحتية، الطاقة المتجددة والرقمنة وتعزيز تصدير القطاع الخاص.
ختام تنفيذي: تمويل واضح وأولويات محددة
المقابلات التي أُجريت مع مسؤولي رواندا والكاميرون وبوتسوانا، تعكس تحوّلاً في طبيعة الشراكات مع صندوق أوبك، من مجرد تمويل إلى دعم يرتبط مباشرة بخطط إصلاح وبناء قدرات.
المبالغ التي خُصصت حتى منتصف 2025 تُوجَّه نحو مشاريع ذات صلة مباشرة بأولويات وطنية: من الطيران في رواندا، إلى الزراعة والطاقة في الكاميرون، مروراً بإصلاح المؤسسات في بوتسوانا.
هذه الشراكات، التي تختلف في طبيعتها وجدول تنفيذها، تُبرز توجهاً متزايداً نحو التمويل المرتبط بالنتائج، في وقت تسعى فيه الدول الإفريقية لتوجيه الاستثمارات نحو ما هو فعّال وقابل للاستمرار.