السفر الذكي.. كيف تُعيد التكنولوجيا رسم تجربة المسافرين في الشرق الأوسط؟

تتسارع وتيرة التحول في قطاع السفر في الشرق الأوسط، مع اعتماد مطرد على أدوات الذكاء الاصطناعي، والهوية الرقمية، والتقنيات البيومترية، فالتجربة التي كانت تتطلب في الماضي المرور بعدة مراحل مرهقة من الحجز إلى المطارات، تمر اليوم بعملية شبه متكاملة يمكن تنفيذها في دقائق، بل أحياناً بـ«نقرة واحدة».

في مقابلة مع CNN الاقتصادية، يتحدث ماهر قوبعه، نائب الرئيس التنفيذي لأوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا في شركة أماديوس –وهي شركة تكنولوجيا متخصصة في أنظمة الحجز وإدارة السفر لشركات الطيران والمطارات– عن كيفية تطبيق هذه التحولات في منطقة الخليج، ولماذا تُعد المنطقة أرضاً خصبة لتجربة السفر الرقمي الجديد.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

تحوّل شامل في كل مراحل السفر

يقول قوبعه إن التجربة الرقمية لا تقتصر على مرحلة الحجز، «اليوم، المسافر يستطيع تصفح وحجز الرحلات باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي عبر لغة طبيعية، لم تعد هناك حاجة لتجربة تقليدية تمر عبر عشرات المواقع».

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

في مطار دبي، كمثال على ما يمكن أن تقدمه هذه التكنولوجيا، بات بإمكان المسافر القيام بكل الإجراءات بشكل ذاتي من تسجيل الدخول إلى تسليم الأمتعة، وحتى عبور الجوازات والصعود إلى الطائرة باستخدام الهوية الرقمية والتعرف البيومتري.

ويشير إلى أن الهدف من هذه الحلول هو إزالة نقاط الاحتكاك قدر الإمكان، «وجعل التجربة مرنة وسلسة قدر الإمكان، بدءاً من التخطيط وانتهاءً بالوصول».

الاستثمار في التكنولوجيا لدعم النمو

من أجل دعم هذا التحوّل، يوضح قوبعه أن أماديوس تخصص نسبة كبيرة من عائداتها السنوية للبحث والتطوير، حيث تجاوزت استثماراتها في عام 2024 نحو 1.45 مليار يورو، لكنه يضيف: «الاستثمار وحده لا يكفي، المهم أن تكون هناك شراكات طويلة الأمد مع الحكومات والجهات السياحية في المنطقة، لتكييف التكنولوجيا مع الواقع المحلي».

فروقات داخل المنطقة.. لكنها ليست عائقاً

وعند الحديث عن التفاوت بين مطارات المنطقة، خصوصاً بين دول الخليج ودول مثل لبنان والعراق، يقول قوبعه: «نعم، هناك فروقات واضحة، لكن التكنولوجيا يمكن أن تُكيّف لتناسب السياقات المختلفة»، ويضيف أن العديد من شركات الطيران الإقليمية من طيران الشرق الأوسط إلى الاتحاد والسعودية تشغّل أنظمة أماديوس، ما يسهّل توحيد التجربة التقنية رغم التباينات في البنية التحتية.

مطار آل مكتوم.. مشروع طويل الأمد

من المشاريع التي تُبنى على هذه الرؤية الرقمية، مطار «آل مكتوم الدولي» في جنوب دبي، تم تشغيله جزئياً منذ عام 2010، لكنه يشهد اليوم خطة تطوير واسعة أعلنت عنها دبي في عام 2024، تهدف إلى تحويله إلى المطار الرئيسي للإمارة في غضون 2032، الطاقة الاستيعابية المستهدفة للمطار في مرحلته النهائية تصل إلى نحو 160 مليون مسافر سنوياً

قوبعه يكشف أن أماديوس تعمل مع مطارات دبي وطيران الإمارات على تجربة تكنولوجية تُعرف بـ«التدفق الحر»، تقوم على إزالة الحواجز المادية وتمكين المسافر من عبور الجوازات والأمن دون توقف أو أوراق، «نختبر هذه التجربة اليوم في مطار دبي، لتكون نموذج التشغيل في مطار آل مكتوم لاحقاً»، بحسب تعبيره.

السفر كنظام متكامل.. من الحجز إلى النشاطات

واحدة من المفاهيم التي تدفع بها أماديوس بقوة في المنطقة هي «السفر بنقرة واحدة»، أي تجربة رقمية متكاملة تبدأ من الحجز وتشمل الإقامة، والنقل الداخلي، وحتى النشاطات الثقافية والدينية، ويضيف قوبعه: «نحن نعمل مع الخطوط السعودية لتقديم باقات سفر لا تشمل فقط المقعد والوجبة، بل نشاطات دينية وسياحية مصممة حسب المسافر، هذا هو مستقبل السفر».

وفي دبي، تعمل الشركة مع دائرة الاقتصاد والسياحة على حلول تستند إلى الذكاء الاصطناعي لجذب الزوار بناءً على سلوكهم واهتماماتهم الشخصية.

بيئة واعدة مدعومة بأرقام النمو

تشير البيانات المحدثة حتى يونيو 2025 إلى أن قطاع السفر في دول الخليج يشهد نمواً متسارعاً:

- أكثر من 92 مليون مسافر عبر مطار دبي الدولي في 2024.

- السعودية استقبلت نحو 30 مليون زائر دولي، وتتوقع وصول العدد إلى 70 مليون بحلول 2030.

- الخطوط الإقليمية مثل «فلاي دبي» والعربية للطيران توسّعت في وجهاتها الرقمية وخيارات السفر الذكي.

ووفقاً لتقرير «GlobalData»، تجاوز عدد المسافرين عبر مطارات الخليج مجتمعة 145 مليوناً في 2024، مع توقعات ببلوغ 165 مليوناً في 2025.

الخصوصية والبيانات.. التحدي المستمر

ورغم التفاؤل، لا يخلو هذا التقدم من التحديات، يشير قوبعه إلى أن موضوع الخصوصية «ليس بسيطاً»، ويضيف: «نحن بحاجة إلى تعاون بين جميع الأطراف لضمان أمن البيانات وسلامة الأنظمة، ما نراه في الخليج هو مرونة تنظيمية تسمح بتبني التكنولوجيا بسرعة، مع الحفاظ على معايير الأمان».