بين حذر حكومي مصري لتحقيق أكبر استفادة من بيع أصول الدولة ومطالبات حثيثة لصندوق النقد الدولي بالإسراع في بدء برنامج الطروحات الحكومية، يتوقع محللون اقتصاديون أن تبدأ مصر خلال النصف الثاني من 2025 في الإعلان عن صفقات لبيع أصول الدولة.
وأضافوا لـCNN الاقتصادية أن تأخر برنامج الطروحات الحكومية في مصر كان سببه الأساسي ظروف داخلية تتمثل في تقييمات منخفضة للأصول في وقت ترتفع فيه أسعار الفائدة في مصر ويبدو سعر الصرف متقلباً، مع بطء في تجهيز القوائم المالية لبعض الشركات، وتعطّل تنفيذ بنود صندوق النقد الخاصة بتقليص دور الدولة في الاقتصاد.
وقبل يومين قال رئيس الوزراء المصري د. مصطفى مدبولي إن تأخر برنامج الطروحات الحكومية في مصر جاء نتيجة الظروف الجيوسياسية التي أحاطت بمنطقة الشرق الأوسط إذ وجدت الحكومة أنه ليس من الملائم ألا تحقق الأصول المبيعة القيمة العادلة لها.
وقبل أيام أعلن صندوق النقد الدولي أنه سيدمج المراجعتين الخامسة والسادسة لمصر لإعطاء مصر الوقت للانتهاء من بعض الإصلاحات الأساسية التي تتعلق بتقليص دور الدولة في الاقتصاد وتطبيق سياسة ملكية الدولة.
«ينبع تأخير مصر في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية من ثلاثة عوامل منها الخلاف على تقييم الأصول مع المستثمرين، وتباطؤ الحكومة في الخروج من بعض القطاعات الاقتصادية»، حسب ما يقول بلال بسيوني رئيس إدارة التنبؤ بالمخاطر في PANGEA-RISK.
ويدلل بسيوني على ذلك بصفقة بيع بنك القاهرة الحكومي والتي أكثر من مرة بسبب الخلاف على تقييم سعر البنك.
ويتفق علي متولي، الاستشاري الاقتصادي في Ibis للاستشارات، مع هذا الرأي ويقول إن تأجيل برنامج الطروحات الحكومي في مصر سببه الأساسي ظروف داخلية، نتيجة التقييمات المنخفضة للأصول بسبب سعر الفائدة المرتفع وسعر الصرف المتقلّب، والبطء في تجهيز القوائم المالية لبعض الشركات المطروحة بجانب عدم تقليص دور الدولة في الاقتصاد.
ولا يستبعد جيمس سوانستون، الخبير الاقتصادي لدى كابيتال إيكونوميكس للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن تكون التوترات الجيوسياسية المحيطة بمنطقة الشرق الأوسط قد لعبت دوراً في تأخر برنامج الطروحات الحكومية المصرية.
وقال إن الجانب الإيجابي ومع هدوء حدة التورات فإن هذا قد يمكن مصر من البدء في محاولة دفع عجلة مبيعات الخصخصة من جديد.
وفقاً لتقرير حكومي صادر الشهر الماضي فإن مصر تخطط لطرح حصص في 11 شركة مملوكة للدولة ضمن برنامج الطروحات الحكومية خلال العام المالي الجاري 2025 – 2026 بقيمة ما بين 3 إلى 4 مليارات دولار.
ويقول التقرير إن من بين تلك الشركات 5 شركات تابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، إذ يجري إعادة هيكلتها عن طريق صندوق مصر السيادي تمهيداً لطرحها قبل عام 2026.
ونفذت الحكومة المصرية حتى الآن نحو 21 صفقة ضمن برنامج الطروحات الحكومية محققة حصيلة إجمالية تقدر بنحو 6 مليارات دولار.
«أعتقد أننا سنبدأ على الأرجح بسماع المزيد من الأخبار عن الطروحات الحكومية في مصر خلال النصف الثاني من هذا العام»، حسبما يتوقع سوانستون.
وأضاف «أعتقد أن هناك زخماً خلال الأشهر القليلة الماضية لمحاولة تحديد أهداف أكثر جذباً لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، إذ كان هناك المزيد من التكهنات حول صفقات محتملة مع دول مثل قطر والإمارات والسعودية».
وقال إن هذه الصفقات قد لا تكون من خلال الطرح في البورصة المصرية، ولكن قد تكون من خلال صفقات مشابهة جداً لما تم الإعلان عنه في صفقة رأس الحكمة من حيث بيع حقوق التطوير لمشاريع مختلفة في مصر تجذب تدفقات الاستثمار المباشر".
وخلال العام الماضي اتفقت مصر مع الإمارات على تطوير منطقة رأس الحكمة بالساحل الشمالي في صفقة جذبت استثمارات بقيمة 35 مليار دولار.
ويتوقع متولي أن يعاود برنامج الطروحات الحكومية الانطلاق في الربع الأخير في 2025 قبل مراجعة صندوق النقد الدولي خاصة مع استمرار شهية المستثمرين الخليجيين للأصول عالية الربح في مصر.
ويضيف أن حسم تسعير الأصول الحكومية بشفافية ونشر دراسات القيمة العادلة بالعملة الصعبة لهذه الأصول وكذلك تقديم ضمانات للمستثمر قد يفتح الباب مرة أخرى لعودة برنامج الطروحات.