تشهد آسيا سباقاً محموماً نحو التحول إلى مراكز رئيسية للعملات الرقمية، إذ تتصدر كلٌ من هونغ كونغ وسنغافورة هذا التوجه، مستفيدتين من الانتعاش العالمي في القطاع بفضل الدعم الذي أبداه الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وارتفع سعر البيتكوين مؤخراً ليقترب من حاجز 110 آلاف دولار، كما شهدت العملات الرقمية الأخرى ارتفاعاً مدفوعاً بوعود ترامب الداعمة للعملات المشفرة. ومع التوقعات بمزيدٍ من الصعود، تسعى الحكومات إلى اقتناص الفرصة وتعزيز وجودها في هذا القطاع.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
وفي هذا السياق، أكدت الجهات التنظيمية في هونغ كونغ، الأربعاء، أن المدينة بحاجة إلى الاستفادة من «السيولة العالمية»، مع وضع خطط تشمل تقديم منتجات عملات رقمية أكثر خطورة مثل تداول المشتقات والتمويل بالهامش.
وقال إريك يب، المدير التنفيذي في لجنة الأوراق المالية والعقود الآجلة، خلال مؤتمر صناعي في المركز المالي، «الكلمة المفتاحية التي يجب أن نضعها دائماً في الاعتبار هي السيولة، كيف نجلب السيولة إلى هذا السوق، ومن ثَمَّ نخلق قيمة تجارية ونبني نظاماً بيئياً متكاملاً؟».
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
من الانهيار إلى التنظيم
شهدت العملات الرقمية ضربة قوية مع انهيار منصة «إف تي إكس» عام 2022، إذ خسر العملاء ما يقرب من 8 مليارات دولار، قبل أن يستعيدوها لاحقاً.
دفع هذا الحدث الجهات التنظيمية حول العالم إلى تعزيز إجراءات الرقابة، ما أدّى إلى ابتعاد القطاع عن جذوره الفوضوية المناهضة للمؤسسات التقليدية والتوجه نحو الامتثال للأنظمة.
ورغم الحرص على حماية المستثمرين، تسعى الحكومات لجعل لوائحها مرنة بما يكفي لجذب الأعمال.
وقالت هونغ فانغ، رئيسة منصة «أوه كيه إكس»، «قبل عامين أو ثلاثة، بعد انهيار إف تي إكس، كانت هناك رقابة مشددة، يريد المنظمون التأكد من أنهم يجرون العناية الواجبة بشكلٍ صحيح».
سباق المراكز المالية
إلى جانب هونغ كونغ وسنغافورة، تبحث دول آسيوية مثل ماليزيا وتايلاند عن تعديلات في سياسات العملات الرقمية، بينما تحرز اليابان وكوريا الجنوبية وكمبوديا تقدماً تدريجياً.
لكن هونغ كونغ و
سنغافورة، إلى جانب دبي في الشرق الأوسط، عزّزت مواقعها الريادية، خاصة في ظل موقف الإدارة الأميركية السابقة برئاسة جو بايدن المتشكك تجاه العملات الرقمية.
وفي تحول لافت، أصدر ترامب، الشهر الماضي، أمراً تنفيذياً يتعهد فيه بجعل الولايات المتحدة «عاصمة العملات المشفرة على كوكب الأرض»، متعهداً بتقديم «وضوح تنظيمي ويقين» لدعم الابتكار في مجال البلوكشين والأصول الرقمية.
وقال إيفان أو يانغ، رئيس مجموعة «أنيموكا براندز»، إن التوقعات بشأن السياسات الأميركية الجديدة ستغير قواعد اللعبة وتؤثر على المنظمين حول العالم.
وفي سنغافورة، أصدرت السلطة النقدية تراخيص «مؤسسة الدفع الكبرى» المتعلقة بالعملات الرقمية لـ30 شركة، بما في ذلك منصة «أوه كيه إكس»، بينما منحت هونغ كونغ تراخيص «منصة تداول الأصول الافتراضية» لعشر شركات.
وأشار أو يانغ إلى أن هونغ كونغ تأتي «في المرتبة الثانية بعد سنغافورة» في ما يتعلق بالتنظيم، مضيفاً أن بورصات هونغ كونغ شهدت زيادة حادة في حجم التداولات.
خطوات حاسمة
في النصف الأول من عام 2024، تلقت البورصات المركزية في هونغ كونغ ما قيمته 26.6 مليار دولار، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف العام السابق، ومتجاوزة بكثير سنغافورة التي سجلت 13.5 مليار دولار.
وعدّلت هونغ كونغ إطارها القانوني لمنصات العملات الرقمية في منتصف 2023، وأسندت إلى لجنة الأوراق المالية والعقود الآجلة مهمة منح التراخيص والإشراف.
ورغم أن الصين حظرت العملات الرقمية منذ 2021، لا تزال هونغ كونغ، التي تعد بوابة الصين المالية، تتبع سياسات داعمة لهذا القطاع، وفقاً لما قاله يات سيو، الرئيس التنفيذي لمجموعة «أنيموكا براندز».
وفي الوقت الذي تواصل فيه هونغ كونغ سن القوانين، تخطط لجنة الأوراق المالية لاستكشاف تنظيمات جديدة تتعلق بخدمات الحفظ، والتخزين، والتداول خارج المنصات.
لكن الطريق ليس سهلاً، إذ يشير المحامي المتخصص في التنظيم المالي، جوناثان كرومبتون، إلى أن أي شخص يسعى للحصول على ترخيص التداول سيضطر للالتزام بنظام حوكمة صارم، قائلاً «الأمر ليس موجهًا لأصحاب القلوب الضعيفة».
وفي العامين الماضيين، كافحت بعض الشركات لتوظيف مختصين في الامتثال التنظيمي، كما تعاني لجنة الأوراق المالية نقصاً في الموظفين.
وبحسب موقع اللجنة، هناك ثماني طلبات ترخيص قيد الدراسة، بينما سحب 13 مرشحاً طلباتهم، وفي هذا الصدد، يقول كرومبتون «اللجنة عالقة بين مطرقة المطالب بسرعة تنظيم النظام، وسندان الحاجة لحماية المستثمرين».
(أ.ف.ب).