واصلت وكالات التصنيف الائتماني الضغط على نيسان موتور، إذ خفضت وكالة فيتش اليوم الأربعاء تصنيف الشركة اليابانية لصناعة السيارات من BBB- إلى BB+، لتصنّف ديونها ضمن فئة عالية المخاطر (Junk-Status). جاءت هذه الخطوة بعد أن خفّضت موديز الأسبوع الماضي تصنيف نيسان بدرجة واحدة إلى Ba1 غير الاستثماري، بينما أبقت S&P غلوبال الشهر الماضي على تصنيفها عند BB+ مع نظرة مستقبلية سلبية، وتعكس هذه التقييمات تشكُّك الوكالات في قدرة نيسان على تحقيق انتعاش سريع في الأرباح وتجاوز التحديات التشغيلية.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
انخفاض الأرباح وتعافيٌ متعثر
أرجعت وكالة فيتش قرارها إلى ما وصفته بـ«استمرار انخفاض ربحية نيسان»، مشيرة إلى أن الشركة تواجه مسار تعافٍ أبطأ مما كان متوقعاً سابقاً، وتتوقع فيتش أن يظلّ الربح التشغيلي والتدفق النقدي الحر للنشاط الأساسي (قطاع السيارات) سالباً حتى نهاية السنة المالية المنتهية في مارس آذار 2026.
وترى الوكالة أن ذلك يخالف معاييرها السابقة لتفادي الخفض، والتي كانت تشير إلى ضرورة عودة الشركة إلى تسجيل تدفقات نقدية إيجابية في وقت أقرب.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
على الرغم من هذه النظرة التشاؤمية، أشارت فيتش في بيانها الرسمي إلى أن الهيكل المالي القوي لنيسان، مدعوماً بوفرة السيولة في ميزانيتها العمومية، يوفر بعض الحماية أمام أي عجز نقدي على المدى القريب، لكنَّ الشكوك بشأن تنفيذ خطة إعادة الهيكلة التي أعلنتها نيسان تفرض استمرار النظرة المستقبلية السلبية.
أداء أضعف من التوقعات
ذكرت فيتش أن معدل الأرباح التشغيلية للشركة قد يستقر في نطاق ضعيف خلال العامين إلى الأعوام الثلاثة المقبلة، إذ قلّصت نيسان توقعاتها لهامش الربحية في السنة المالية 2025 إلى 1.0 في المئة مقارنة بـ1.2 في المئة سابقاً، جرّاء الخسائر التشغيلية المستمرة في قطاع السيارات.
وترى الوكالة أن هامش الأرباح قد يتعافى تدريجياً ليلامس نحو 2.5 في المئة في السنة المالية 2027، مدفوعاً بتراجع تكاليف تصريف المخزون واستقرار الطلب في الأسواق الرئيسية.
في المقابل، تعوّل نيسان على خطّة لإعادة الهيكلة تشمل خفض الطاقة الإنتاجية وحجم العمالة وتكاليف التصنيع، بهدف مواجهة الارتفاع المتوقع في التكاليف، وتقدّر فيتش أن هذه الخطوات قد تؤدي إلى تحسّن الأرباح في النصف الثاني من السنة المالية 2026، مع الاقتراب تدريجياً من مستويات الربحية التي كانت سائدة في السنة المالية 2024.
مخاطر التعريفات الجمركية والاضطرابات في الصين
أشارت فيتش إلى أن احتمال فرض الولايات المتحدة تعريفات جمركية على الواردات، خاصة تلك المصنَّعة في المكسيك، يمثّل تهديداً إضافياً لخطة التعافي، فقد صدّرت نيسان أكثر من 300 ألف مركبة إلى الأسواق الأميركية من مصنعها في المكسيك خلال السنة المالية 2024، ما يعني أنّ أي رسوم جمركية قد ترفع التكاليف وتعرقل سلاسة الإمدادات.
وبالنسبة للسوق الصينية، تواجه نيسان تحديات كبيرة جرّاء تراجع مبيعاتها هناك بنسبة 9.1 في المئة خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة المالية 2025، بعد انخفاضات أعمق في السنوات السابقة، ورغم خطط نيسان لطرح مركبات كهربائية مخصصة للسوق الصينية بين 2025 و2027، تبقى الأرباح المتوقعة من هذا القطاع المتنافس محدودة، فيما يمثل 23 في المئة من إجمالي حجم مبيعات نيسان العالمية.
هيكل مالي قوي وتحالفات واسعة
من العوامل الإيجابية التي سلّطت فيتش الضوء عليها توافر سيولة قوية في قطاع السيارات لدى نيسان، فقد بلغ حجم النقد وما يعادله في نهاية 2024 نحو 2.0 تريليون ين (نحو 18.3 مليار دولار)، مع توقّعات بالحفاظ على رصيد نقدي يتجاوز 1.0 تريليون ين (نحو 9.2 مليارات دولار) رغم التدفقات النقدية السلبية المتوقعة، كما تمتلك الشركة خط ائتمان غير مستخدَم بقيمة 1.8 تريليون ين (نحو 16.5 مليار دولار)، يمكن توظيفه لدعم أنشطة السيارات والتمويل.
ويظل التحالف الاستراتيجي الذي يضم رينو وميتسوبيشي عاملاً آخر يمدّ نيسان بميزة الحجم اقتصادياً في قطاع السيارات، إذ يتيح لها هذا التحالف تقاسم المنصات والأبحاث والتطوير، ما يعزز الموقع التنافسي للمجموعة ويضاهي شركات عملاقة مثل هيونداي-كيا أو ستيلانتس.
وإضافةً إلى ذلك، يعزز تعاون نيسان مع هوندا، رغم انتهاء محادثات الاندماج بينهما في فبراير شباط 2025، فرص التطوير المشترك للمركبات الكهربائية.
نظرة مستقبلية.. بين مخاطر التأخير وفرص الإصلاح
أبقت فيتش على النظرة المستقبلية السلبية لنيسان؛ في إشارة إلى الشكوك المحيطة بقدرة الشركة على تنفيذ خطة إعادة الهيكلة بالسرعة والفعالية اللازمتين لتحقيق التعافي المستهدف، ولفتت إلى أن أي تأخير في تحقيق مستوى ربحية يلامس هامش لقطاع السيارات بنسبة 3.5 في المئة أو تسجيل تدفقات نقدية حرة إيجابية بحلول السنة المالية 2027، قد يعرّض التصنيف لمزيد من الخفض، وفي المقابل قد تتجه الوكالة إلى تعديل النظرة إلى مستقرة إذا نجحت نيسان في تجاوز هذه العتبات.
بذلك، تجد الشركة اليابانية نفسها أمام تحديات مزدوجة، إقناع المستثمرين بقدرتها على تجاوز مرحلة الخسائر وترسيخ مكاسبها التشغيلية عبر ضبط التكاليف وإطلاق طرازات جديدة، وفي الوقت ذاته، مواجهة تقلبات الأسواق العالمية وتشديد السياسة التجارية الأميركية، ويبقى التحالف مع رينو وميتسوبيشي، والاستفادة من الاستثمارات المشتركة في مجال المركبات الكهربائية، ورقة مهمة في سعي نيسان نحو استعادة الثقة والاستقرار المالي.