احتياطي البيتكوين.. «فورت نوكس» الرقمية أم مغامرة محفوفة بالمخاطر؟

قرار ترامب بإنشاء احتياطي استراتيجي من البيتكوين يثير جدلاً واسعاً حول مستقبل العملات الرقمية ودورها في الاقتصاد الأميركي (شترستوك)
بيتكوين
قرار ترامب بإنشاء احتياطي استراتيجي من البيتكوين يثير جدلاً واسعاً حول مستقبل العملات الرقمية ودورها في الاقتصاد الأميركي (شترستوك)

وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمراً تنفيذياً بإنشاء «احتياطي البيتكوين الاستراتيجي»، في خطوة وصفها مسؤول البيتكوين في البيت الأبيض ديفيد ساكس بأنها أشبه بـ«فورت نوكس» الرقمية، في إشارة إلى قاعدة فورت نوكس العسكرية التي تحتفظ باحتياطي الذهب الأميركي.

يأتي القرار في وقت تجاوز فيه سعر الذهب 3 آلاف دولار للأوقية للمرة الأولى، مع تزايد المخاوف الاقتصادية بسبب سياسات الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب مؤخراً.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

كيف سيعمل الاحتياطي؟

سيمول الاحتياطي بنحو مئتي ألف بيتكوين، تقدر قيمتها بنحو 17 مليار دولار، وهي عملات صادرتها في الولايات المتحدة نتيجة قضايا مدنية وجنائية، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.

وسيظل هذا الاحتياطي مؤمناً افتراضياً لفترة غير محددة، كما يمكن إضافة المزيد من البيتكوين إليه طالما أن هذه الخطوة محايدة في الميزانية، أي أنها لن تكلف دافعي الضرائب الأميركيين أي أموال إضافية.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

تأثير فاتر على الأسواق

رغم أهمية الإعلان، لم يلقَ الاحتياطي الاستراتيجي دعماً قوياً من المستثمرين، إذ تراجع سعر البيتكوين مباشرة بعد صدور القرار، قبل أن يستقر لاحقاً.

وترى محللة سوق العملات الرقمية ديسيسلافا أوبيرت أن أحد أسباب غياب التأثير الإيجابي هو أن القانون الأميركي يلزم الحكومة بإعادة البيتكوين المصادر إلى الضحايا المتضررين من عمليات الاختراق، مثل تلك التي استهدفت منصة Bitfinex عام 2016.

كما يترقب المراقبون ما إذا كانت عملات رقمية أخرى ستُضاف إلى الاحتياطي، إذ أشار ترامب إلى إمكانية إدراج إيثريوم وإكس آر بي وسولانا وكاردانو في المستقبل.

البيتكوين مقابل الذهب.. مقارنة محفوفة بالمخاطر

يرى معارضو الفكرة أن البيتكوين، على عكس الذهب، يُعد أصلاً شديد التقلب وليس له قيمة جوهرية، ما يجعله خياراً محفوفاً بالمخاطر كاحتياطي مالي.

لكن مؤيدي القرار، مثل ستيفان إيفراه، مدير الاستثمار في منصة كوين هاوس، يؤكدون أن ندرة البيتكوين، المحدودة بـ 21 مليون وحدة فقط، قد تجعله مشابهاً للذهب كمخزن للقيمة.

كما يشير البعض إلى أن الاحتياطي الجديد سيكون أكثر شفافية من الذهب، إذ يمكن تتبع عدد وحدات البيتكوين بدقة، بخلاف احتياطي الذهب في فورت نوكس الذي لا تتوفر بيانات علنية عنه.

دوافع ترامب ومخاوف تضارب المصالح

يرى بعض المنتقدين أن الهدف الحقيقي من الاحتياطي هو تعزيز الاهتمام بصناعة العملات الرقمية، وهو ما قد يحقق مكاسب للمستثمرين.

وواجه ترامب اتهامات بتضارب المصالح، خاصة بعد أن كسب 350 مليون دولار من إطلاق عملة رقمية تحمل اسمه ($TRUMP) بالتزامن مع تنصيبه، كما ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن عائلته ناقشت إمكانية الاستثمار في منصة بينانس، وهو ما نفاه مؤسس المنصة.

دول أخرى تستكشف الفكرة

الولايات المتحدة ليست الدولة الوحيدة التي تفكر في إنشاء احتياطي للعملات الرقمية. ففي حين تدرس البرازيل إمكانية إنشاء احتياطي مماثل، قرر البنك المركزي السويسري مؤخراً استبعاد الفكرة.

كما قامت ألمانيا العام الماضي ببيع 50 ألف بيتكوين تمت مصادرتها، بينما تبنت السلفادور البيتكوين كعملة رسمية، لكنها اضطرت لاحقاً إلى التراجع بسبب ضعف الإقبال الشعبي.

أما بوتان، فتمتلك 900 مليون دولار من البيتكوين، ما يعادل 30 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي، ما يعكس تنامي دور العملات الرقمية في الاقتصادات الصغيرة.

رغم التحديات والمخاوف، فقد يمثل الاحتياطي الأميركي للبيتكوين نموذجاً جديداً في السياسة المالية، وهو ما ستكشفه الأشهر القادمة مع تطورات تنظيم العملات الرقمية عالمياً.