لم أختر يوم الأول من أبريل نيسان، كي لا يظن أحد أن التعريفات الجمركية الجديدة التي نفرضها على الدول «كذبة نيسان»، ولذلك وضعتها في اليوم الثاني.. هذا ما قاله الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤخراً في تعليق لإحدى الصحف.
فبعد
الحرب التجارية التي يخوضها على كندا والمكسيك والصين وكذلك الاتحاد الأوروبي، التي تجاوزت 25 في المئة، تعهد الرئيس الأميركي بفرض تعريفات جمركية متبادلة واسعة النطاق وتعريفات جمركية إضافية خاصة بقطاعات مُحددة بحلول 2 أبريل نيسان، بعدما فرض تعريفات قاسية على السيارات والصلب والألومنيوم.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
هذا المسار الذي بات مقلقاً للاقتصاد العالمي بشكلٍ عام، دفع بعض المحللين إلى التنبؤ بركود مقبل على أميركا أولاً ومعها العالم بأكمله من جهة، ومن جهة أخرى يرى آخرون أن دولاً كثيرة قد تكون بمنأى عن هذه التوترات في ما لو بقيت محدودة ضمن إطار زمني قصير، خصوصاً في حال إيجاد حل دبلوماسي توافقي بعد كل هذه التصريحات والقرارات القاسية من ترامب لمسألة التعريفات الجمركية الأميركية على الصديق قبل العدو.
فهل تكون دول المنطقة والخليج بمنأى عن هذه الحرب التجارية؟
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
شركات الألومنيوم في المنطقة تحت مجهر ترامب.. لكن لا قلق
يرى محمد علي ياسين، الرئيس التنفيذي لشركة «أوراكل للاستشارات المالية»، أن هناك تأثيراً مباشراً ضعيفاً نسبياً وتأثيراً غير مباشر، موضحاً أن في المنطقة دول مستوردة أكثر من كونها مصدرة لأميركا، وبالتالي ترامب هو الخاسر من هذه الحرب التجارية لأن لدى أميركا فائض تجاري مع دول المنطقة ودول الخليج، ومشكلة ترامب يجب أن تكون مع الدول التي تعاني أميركا من عجز تجاري معها.
وأضاف في حديث مع «CNN الاقتصادية»، أن التعريفات التي فرضها ترامب على واردات أميركا من الألومنيوم دون أي استثناءات، والتي تشكّل شركة «الإمارات للألومنيوم» ثاني أكبر مصدّر لأميركا منه، إضافة إلى شركة «ألبا» البحرينية، قد تتأثران بهذه التعريفات، لكن ياسين توقع أن تتحمل هذه الشركات جزءاً من التعرفة كي لا تضيفها على المستهلك الأميركي بهدف الإبقاء على أسعارها التنافسية مع المصدرين الآخرين.
ولفت إلى أن العالم اليوم دخل مرحلة من الحرب التجارية على جميع المستويات، والغريب هذه المرة أنها مع الدول الحليفة لأميركا مثل كندا وحتى الاتحاد الأوروبي، وهذه الحرب جعلت هذه الدول تعيد النظر بسياساتها التجارية واعتمادها بشكلٍ كبير على الأميركيين.
الخليج حالياً بمنأى عن حرب ترامب التجارية
رأى ياسين أن الخليج «بمنأى عن هذه الحرب التجارية» لأن ترامب لم يفرض على دول المنطقة والخليج أي رسوم، وبالتالي يرى ياسين أن الوضع حالياً ليس مقلقاً، لكن المقلق في المرحلة المقبلة هو تأثير ما يحدث على قوة العملات المحلية في المرحلة المقبلة، خصوصاً بسبب ضعف الدولار مقابل العملات الرئيسية الأخرى مثل اليورو والين وغيرها.
كيف حمت الإمارات نفسها من الحروب التجارية العالمية؟
قال ياسين إن اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة «سيبا» التي بدأتها الإمارات تحديداً في 8 فبراير شباط 2022، والتي تهدف إلى تعزيز التجارة والاستثمارات، ودعم سلاسل التوريد، وتطوير مجالات التعاون في القطاعات الحيوية، مع دول كبرى مثل الهند وتركيا وإيطاليا وغيرها من الدول، تؤتي ثمارها في مثل هذه المرحلة الدقيقة التي يعيشها العالم اليوم بظل حرب ترامب التجارية، وتمنع أي ازدواج ضريبي بين الإمارات وأي طرف من هذه الدول.
وأضاف أن دولة الإمارات استطاعت من خلال هذه الاتفاقيات أن تحمي المستهلك الإماراتي من تضخم أسعار المنتجات المستوردة، وأيضاً أن تحمي ميزانيتها من تكاليف إضافية تنتج عن مثل هذه الظروف.
القلق بعض الشيء يبقى من المرحلة المقبلة كون سياسة ترامب الخارجية لم تتضح كلياً بعد، وما سينتج عن زيارته المرتقبة للمنطقة من ضغوط سلبية خصوصاً لجهة الضغط على دول المنطقة لتخصيص مبالغ ضخمة لاستثمارها بالولايات المتحدة والتي قد لا تكون بالضرورة لمصلحة هذه الدول.
الضغوط التضخمية رهن الوقت
قال مازن سلهب، كبير استراتيجيي الأسواق في «بي دي سويس»، في المرحلة الحالية ما من تأثير مباشر على اقتصادات المنطقة ودول الخليج، لكن العبرة في الوقت، ومدى استمرار الرئيس ترامب في سياساته «التعسفية» تجاه الدول الأخرى.
وأضاف في حديث لـ«CNN الاقتصادية»، أن عملات دول الخليج قد تشهد تراجعاً بعض الشيء لكنه سيكون بسيطاً جداً وهامشياً لأن ميزانيات دول الخليج قوية ومستقرة، إضافة إلى أن هذه العملات ليست متاحة للتداول بالنسبة للأفراد بشكلٍ مباشر كسلة العملات الست ما يمنع التقلبات اليومية على سبيل المثال.
إضافة إلى ذلك، تراجع الفائدة الأميركية سينعكس بتراجع الفائدة في دول المنطقة ودول الخليج أيضاً كذلك، وهذا يعني أن الضغوط التضخمية قد ترتفع تدريجياً لأن تكاليف الواردات قد تصبح أعلى خصوصاً في حال تفاقم الأوضاع بين أميركا وبقية الدول.
وتابع سلهب أن أسواق الخليج قد تكون أقل انكشافا وأقل تأثراً بموضوع الحرب التجارية، ولكن هذا لا يعفيها من التأثيرات السلبية في المرحلة القادمة خصوصاً إذا أدّت الحرب التجارية إلى تراجع قاسٍ في أسعار النفط، وعلى الأسعار أن تبقى بين هوامش 70 و75 دولار لتكون مناسبة لاقتصادات دول الخليج ودعم ميزانياتها.
المخاوف محصورة باحتمال تراجع أسعار النفط
قال الخبير الاقتصادي علي حمودي، إن كل دول العالم تعيش في نظام عالمي مترابط، وبالتالي فإن تراجع الاقتصاد الأميركي نتيجة ما يفعله
دونالد ترامب، وهو عكس ما يدعيه بأنه سيجعل أميركا «عظيمة وقوية اقتصاديا»، لا بُد أنه سينعكس على اقتصادات العالم جميعها.
وأوضح في حديث لـ«CNN الاقتصادية»، أن التأثير لن يكون مباشراً على اقتصادات دول الخليج ودول المنطقة، لكن المخاوف تبقى في حال تأثر أسعار النفط بالتراجع نتيجة تراجع حركة التجارة العالمية وبالتالي حركة الإنتاج، وهو ما قد يترك تأثيراً على دول الخليج التي تعتمد بشكل كبير على صادراتها النفطية.
أما موضوع الفائدة، فقال علي حمودي إن الضغوط التضخمية التي قد تنتج عن سياسات ترامب قد تدفع الفيدرالي الأميركي إلى الامتناع عن خفض الفائدة، وبالتالي الدولار قد يبقى قوياً ما ينعكس بالضعف على العملات الأخرى.