من لا يجيد قراءة السياسة لن تُسعفه الشموع اليابانية.. وفي زمن الحرب، لا يتحدث السوق بلغة الأرقام وحدها، بل بلغة الخوف، والترقب، لغة الحرب وتطاير الصواريخ في الحرب التي تدور رحاها الآن بين إسرائيل وإيران، وتصدي قبب الحديد لأسراب الصواريخ.. وإطلاق الصواريخ من الأرض لتراقص قبب الحديد، هنا الرعب قد يجني الذهب ويحصد الشهد.
كيف يربح متداولو الملاذات الآمنة في زمن الحرب؟ وما هي هذه الملاذات؟
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
حصاد الشهد وجني الربح في زمن الحرب يأتي من الذهب، الفرنك السويسري، الين الياباني، والنفط.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
فالذهب يحمي الثروات، والفرنك يُنقذ المحافظ، والين ملك الصمود ضد التقلب، والنفط يُراهن على اتساع اللهيب.
إلى التفاصيل والأرقام..
الذهب لا يصدأ
الذهب لا يتحدث لكنه يعلو، لا يعد بشيء، لكنه يطمئن، فكلما تصاعد الدخان في سماء المنطقة، خرجت أعين الأسواق تبحث عن لمعانه، واليوم الثلاثاء 17 يونيو 2025 وعلى وقع النار يحوم المعدن النفيس قرب مستوياته التاريخية عند قمة 22 أبريل 2025 البالغة 3500 دولار للأوقية، في تأكيد على احتفائه البالغ بقبب الحديد والصواريخ العابرة للحدود (فرط صوت).
الذهب، ذلك المعدن الذي عرف كل الحروب ولم يُهزم، يعاود الصعود بمجرد أن تعجز البنوك المركزية عن طمأنة الشعوب، في ظل صياغة جمل مفيدة في باطنها «النووي» يقف الذهب مبتهجاً مرتدياً عباءة الحكمة، ويقول للمضارب: «لا تطلبني للربح السريع فقط.. بل للحماية العميقة».
الين الياباني.. جبل الصمود الذي لا يبالي
قد تبدو اليابان بعيدة جغرافياً عن منطقة الصراع، لكن عملتها تُستدعى فوراً في كل أزمة، لماذا؟ لأنها وديعة في أيدي البنوك المركزية، وسند ثقة عند المستثمرين.
واليوم الثلاثاء 17 يونيو 2025 يسجل الين 144.644 دولار أي على بعد 5 دولارات من قمة 25 أبريل 2025 عندما سجل 139.9 ين/دولار.
حين تتخبط العملات الأخرى في بحار التذبذب، يتحوّل الين إلى قارب نجاة.
لكن هذه المرة، الين يتقدم بحذر، تدخلات بنك اليابان لا تزال تراقب من بعيد، ومشاعر السوق تميل إليه، لكنها لا تندفع، لا يزال في عينيه بريق الأمان، لكن خلفه جداراً هشاً من تيسير نقدي مستمر، من يتداول عليه، عليه أن يجيد فن المخاطرة المحسوبة.
الفرنك السويسري.. جندي محايد وسط عالم مسلّح
الفرنك لا يصرخ، لكنه يزداد قيمة كلما صرخ العالم، وها هو قد عاد بمفرقعات الحرب وشظاياه المتناثرة في كل مكان إلى مستوياته التاريخية عند قمة 21 أبريل 2025 البالغة 1.24438 مقابل الدولار.
سويسرا لم تكن طرفاً في أي حرب منذ قرون، وهذا وحده يكفي كي تتحول عملتها إلى "زي" مقاوم للرصاص.
في كل مرة ترتفع فيها أصوات الانفجارات في الخليج، تتحرك البنوك العالمية إلى الحسابات المقوّمة بالفرنك.
لكن المفاجأة أن الفرنك اليوم يشارك الذهب في الصعود، لا كمنافس، بل كشقيقٍ في المبدأ؛ احمني ولا تعدني بالعائد.
النفط... حين يصبح برميل النفط ذهباً خالصاً
ليس كل ملاذ آمن يولد من الحذر؛ أحياناً يُولد من الطمع المرتكز على الخوف.
هكذا هو النفط اليوم.. بعد أن قفزالخام الأميركي فوق 77.5 دولار للبرميل صبيحة انطلاق الحرب 25 يونيو 2025 رابحاً أكثر من 22 دولاراً مقارنة بأدنى مستوى مسجل له هذا العام بتاريخ 2 مايو 2025 عند 55.44 دولار للبرميل.
وبالمثل، فقد قفزخام برنت فوق 76.2 دولار للبرميل صبيحة انطلاق الحرب 25 يونيو 2025 رابحاً أكثر من 18 دولاراً مقارنة بأدنى مستوى مسجل له هذا العام بتاريخ 9 أبريل 2025 عند 58.2 دولار للبرميل.
كلما اقتربت النيران من مضيق هرمز، ارتفع سعر البرميل كما لو أنه يحسب كل لحظة تعطّل في شحنات الخام.
الخام ليس ملاذاً آمناً بالمفهوم الكلاسيكي، لكنه أداة تحوّط هجومية.
من يشتريه، يراهن على أن السوق ستُعاقب العالم بأسره على التفريط في برميل نفط من أجل التنمية في زمن السلام، وأن الصناعة ستدفع الثمن بالدولار.. لا، بل الكثير من الدولارات.
في ظل علو صوت الحرب والإبادة وإخلاء المدن.. يسود النفط.. ويبقى النفط سيد اللحظة الجيوسياسية، إنه ملاذ من لا ملاذ له.. النفط هو الذهب الحقيقي بكل قطراته المكررة الصافية.. فهو تاج التداول في زمن الحرب.