تدرس عدة بنوك سعودية توريق الديون المتعثرة في محاولة لتحسين ميزانياتها وتنويع مصادر تمويلها، لكنّ وكالة فيتش للتصنيف الائتماني ترى أن هذه الخطوة، رغم رمزيتها، لن تُحدث فرقاً كبيراً في قوة البنوك الائتمانية أو ترفع تصنيفاتها. أوضحت فيتش أن نسبة القروض المتعثرة في البنوك السعودية انخفضت بنهاية 2024 إلى 1.4 في المئة من إجمالي القروض، أي نحو 41 مليار ريال، مقابل 49 مليار ريال في نهاية 2022، بفضل شطب بعض الديون وتراجع وتيرة القروض الجديدة المتعثرة نتيجة البيئة التشغيلية الصحية.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
لكن حتى مع توريق كل هذه القروض، فإن الأثر على رأس المال الأساسي للبنوك سيكون محدوداً جداً، لأن صافي القروض المتعثرة لا يتجاوز 0.5 في المئة من إجمالي الأصول المرجّحة بالمخاطر، وهو رقم ضئيل يصعب معه تحقيق قفزة مالية كبيرة.
اللافت أن البنوك السعودية شطبت خلال السنوات الثلاث الماضية ما قيمته 43 مليار ريال من القروض، ويمكن التفكير في توريق هذه الأصول أيضاً.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
غير أن معظمها «شبه ميت» مالياً، ما يعني أن القيمة الاسمية لأي سندات تصدر مقابلها ستكون منخفضة جداً وغير مؤثرة في موازين القوى البنكية.
تتوقع فيتش نمواً ائتمانياً قوياً للقطاع المصرفي السعودي هذا العام يتراوح بين 12 في المئة و14 في المئة لكن نمو الإقراض سيواصل تفوقه على نمو الودائع، ما يعني اتساع فجوة التمويل التي بلغت 300 مليار ريال في 2024.
ومن هنا، فإن توريق الديون المتعثرة، حتى لو تم بالكامل، فلن يكون كافياً لسد هذه الفجوة أو تقليل الاعتماد على التمويل التقليدي.
ومع ذلك، فإن هذه الخطوة قد تفتح نافذة جديدة أمام تنويع أدوات التمويل ودعم تطوير سوق الدين في المملكة، وهو هدف استراتيجي يتماشى مع خطط التحول المالي لرؤية 2030.
تكمن الفرصة الأكبر في سوق الرهن العقاري، فمحفظة الرهون العقارية للبنوك السعودية تبلغ نحو 700 مليار ريال، أي ما يمثل 23 في المئة من إجمالي القروض.
وحتى الآن، لا تزال مساهمة التوريق العقاري محدودة، إذ لا تتجاوز قيمة محفظة الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري «SRC أس أر سي» نحو 29 مليار ريال فقط، رغم إصدار بعض التراخيص لسندات رهن عقاري عبرها.
بالتالي، إذا توسّعت البنوك في توريق القروض العقارية بدلاً من الاكتفاء بالديون المتعثرة، فقد نشهد دفعة قوية لأسواق الدين السعودية، بما يسهم في تخفيف الضغوط التمويلية على البنوك ويدعم استدامة تمويل المشاريع الضخمة التي تقودها الدولة، مثل نيوم والقدية وغيرها.
شهدت البنوك
السعودية خلال السنوات الماضية تحسناً ملحوظاً في جودة أصولها وسط بيئة تشغيلية مواتية، مدعومة بنمو اقتصادي قوي ومبادرات إصلاحية ضمن رؤية 2030.
هذا التحسن قلّص الحاجة إلى المخصصات، لكنه لم يلغِ الحاجة إلى أدوات تمويلية مبتكرة، ما دفع البنوك للتفكير في التوريق كأحد الحلول الممكنة، سواء للديون المتعثرة أو القروض العقارية.
** توريق الديون هي عملية تقوم فيها البنوك بتحويل القروض (مثل الديون المتعثرة أو القروض العقارية) إلى أوراق مالية يمكن بيعها للمستثمرين، الهدف منها هو جمع سيولة فورية وتخفيف الضغط على الميزانية، يعني أن البنك «يبيع» قروضه القديمة أو المتعثرة على شكل سندات لمستثمرين، ليحصل على أموال نقدية يستخدمها في تمويل نشاطاته بدلاً من الانتظار لتحصيل تلك القروض.