مع استمرار تطور قطاع الأصول الرقمية وازدياد التركيز العالمي على تنظيمه، تتابع الشركات الرائدة في المجال تحرّكات الأسواق الناشئة عن كثب، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط، وفي مقابلة خاصة مع CNN الاقتصادية اعتبرت هونغ فانغ، رئيسة شركة أو كيه إكس، أن دولة الإمارات تقدّم نموذجاً متقدماً في تنظيم الأصول الرقمية، مشيدة بالدور الذي تلعبه «هيئة تنظيم الأصول الافتراضية» (VARA) في بناء بيئة متوازنة بين حماية المستهلك وتشجيع الابتكار. وخلال المقابلة، قدّمت فانغ رؤيتها لتوجهات السوق العالمية، والتحديات التنظيمية، إلى جانب نظرتها المستقبلية لتقنيات Web3 والأسواق الدولية.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
الإمارات: نموذج تنظيمي متقدّم وجاذب
أكدت فانغ أن اختيار الإمارات، وتحديداً دبي، كمركز لعمليات أو كيه إكس لم يكن قراراً عشوائياً، بل نتيجة تقييم استراتيجي لعدة عوامل، في مقدمتها البيئة التنظيمية المتطورة التي توفرها «هيئة تنظيم الأصول الافتراضية» (VARA).
وقالت «نرى إمكانات هائلة في هذه المنطقة، ليس فقط لموقعها الجغرافي الذي يربط آسيا بالشرق الأوسط وأوروبا، بل أيضاً بسبب النضج التنظيمي الذي توفره VARA، لقد جلسوا معنا، فهموا المنتج، البنية التقنية، والمخاطر المرتبطة، وقدموا لنا إطاراً تنظيمياً دقيقاً وعملياً».
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
وأضافت أن هذا النهج أدى إلى تدفقات كبيرة من رأس المال والمواهب إلى الدولة، ما يعزز موقع الإمارات كمركز عالمي تنافسي في المستقبل.
أو كيه إكس وتوطين الخدمات
وتابعت فانغ أن أو كيه إكس تفخر بكونها أول منصة تتيح أزواج تداول بالعملة المحلية الإماراتية، وتوفّر آليات دخول وخروج مالي محلي (on-ramp / off-ramp)، وهي خطوة وصفتها بأنها «أساسية في بناء منصة محلية فعالة وشاملة تخدم المجتمع والعملاء في الإمارات».
وأكدت أن أو كيه إكس لا تتسرع بالتوسع في دول أخرى بالمنطقة في الوقت الحالي، بل تركّز على ترسيخ وجودها في الإمارات: «نريد أن نضاعف جهودنا هنا، ونكون أقرب للمجتمع، هذه ليست مرحلة انتشار أفقي، بل تعميق عمودي».
OKXPay: كيف نُدخل المستخدم العادي إلى عالم Web3؟
في ما يخص خدمة OKXPay، اعترفت فانغ بأن إيصال هذا النوع من الحلول التقنية إلى المستخدم العادي –وليس فقط عشّاق العملات المشفّرة– هو «السؤال الذي نسأله داخلياً كل يوم»، وأوضحت أن الجواب يكمن في بناء حالات استخدام حقيقية، وإيجاد الشركاء المناسبين، ومجتمعات داعمة: «الأمر كله متعلق بالشراكة، تماماً كما في القطاع المؤسسي، نحتاج أن نبدأ بمنتج قوي، ورؤية واضحة».
وأشارت إلى أن الابتكار الحقيقي يكمن في الدمج بين التمويل المركزي (CeFi) والمحافظ اللامركزية (Self-Custody)، مع طبقة تنظيمية تسهّل التفاعل مع الأنظمة المالية التقليدية: «هدفنا أن نقدّم حلاً عملياً وآمناً لمن يريد الاحتفاظ بمفاتيحه الخاصة دون تعقيدات تقنية، وفي الوقت نفسه يتمكن من التحويل والدفع بسلاسة».
وأضافت أن OKXPay ستقدّم أيضاً وظائف اجتماعية مثل الدفعات بين الأصدقاء والتواصل داخل التطبيق، ما قد يسهم في خلق «تأثير عدائي» أو ما يُعرف بـviral effect.
الأصول المرمّزة: الطريق إلى المؤسسات الكبرى
وتناولت فانغ تطور الاهتمام بالصناديق النقدية المرمّزة (Tokenized Money Market Funds)، مؤكدة أن المؤسسات المالية بدأت تُظهر اهتماماً متزايداً بها، وأضافت أن أو كيه إكس دخلت في شراكة ثلاثية مع Standard Chartered وFranklin Templeton لتقديم هذه الصناديق، مع إمكانية استخدامها كضمان للحصول على عوائد، مشيرة إلى أن «وجود سوق يعمل على مدار الساعة لتسعير هذه الأصول سيكون خطوة محورية لتوسيع استخدامها».
لكنها أشارت إلى أن التحدي لا يزال كبيراً بسبب بطء تبني المؤسسات التقليدية لهذه المنتجات، خاصة مع تفاوت شهية المخاطر ونقص الأطر التنظيمية الموحدة.
العلاقة المعقدة بين العملات الرقمية والأنظمة المالية التقليدية
تؤمن فانغ بأن القطاع ينقسم إلى شقّين: الأول يمثله البتكوين والإيثيريوم وسولانا، وهو ما تصفه بأنه «نظام مالي جديد بالكامل، لامركزي، شفاف، ويعمل على السلسلة»، أما الثاني، فهو تحسين النظام المالي القائم من خلال تقنيات مثل العملات المستقرة والأصول الواقعية المرمّزة.
وترى أن المؤسسات التقليدية مثل لاك روك ستكون فاعلة في الشق الثاني، لكنها لا تستطيع قيادة الشق الأول، الذي يحتاج إلى بناء من داخل المنظومة الرقمية نفسها.
هل يمكن فصل العملات الرقمية عن السياسة؟
عندما طُرحت مسألة تأثير السياسة والأنظمة على العملات الرقمية، قالت فانغ بوضوح: «من المستحيل فصل العملات الرقمية عن السياسة، هي ليست مجرد تكنولوجيا، بل نظام حوافز يعيد توزيع القوة الاقتصادية، وهذه القوة ترتبط حتماً بالسياسة».
وأكدت أن أو كيه إكس لا تضع رهانات سياسية، بل تركّز على «فهم حاجات المستخدمين، واستباق الاتجاهات، وبناء البنية التحتية التنظيمية والتقنية والموهوبة».
عن سؤال «لماذا لا تتبع العملات الرقمية أنماطاً واضحة كما هو الحال مع الذهب والأسهم؟»، أجابت فانغ أن السوق لا تزال تتأرجح بين الضجيج الإعلامي والأساسيات: «في الأمد القصير، لا يمكن التنبؤ بالسعر، لكن على المدى البعيد، أؤمن بأن هناك توجهاً هيكلياً داعماً للبتكوين، خصوصاً مع تصاعد الاضطرابات السياسية والمالية حول العالم».
أميركا.. فرص واعدة وسط تعقيدات تنظيمية
وفي ما يخص السوق الأميركية، أكدت فانغ أن أو كيه إكس تعمل على بناء وجودها هناك منذ ثلاث سنوات، رغم العقبات التنظيمية ومشكلات الوصول إلى البنوك، وقالت إن الشركة أطلقت منتجها هناك وتعمل الآن على تطويره تدريجياً.
وقالت «نأمل بظهور إطار تنظيمي موحد على المستوى الفيدرالي، لكن حتى ذلك الوقت سنواصل العمل وفق نظام التراخيص على مستوى الولايات»، مضيفةً أن الشركة «تبني منتجاً ومجتمعاً لن يتوقف عن التوسع رغم التحديات».