سايبرترك.. الحلم المعدني الذي تصدع تحت ضغط الواقع

سايبرترك، الشاحنة الثورية من تسلا، تتحول من حلم مستقبلي إلى كابوس تقني وسياسي. (شترستوك)
سايبرترك من تسلا
سايبرترك، الشاحنة الثورية من تسلا، تتحول من حلم مستقبلي إلى كابوس تقني وسياسي. (شترستوك)

في بداياتها، وُعدت بأن تكون أيقونة ثورية في عالم النقل، شاحنة «سايبرترك» لم تكن مجرد سيارة كهربائية بتصميم مستقبلي حاد الزوايا، بل كانت، في رؤية إيلون ماسك، إعلاناً عن فصل جديد في قصة تسلا، يفتح أبواب سوق الشاحنات الربحية ويثبت تفوق الابتكار على التقليد.

لكن مع حلول منتصف 2025، تغيرت النغمة، من تسويق طموح إلى شكاوى بالجملة، من وعود بأداء خارق إلى سحب جماعي للطرازات، «سايبرترك» أصبحت عنواناً لمشكلات تسلا، لا إنجازاتها.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

ووفقاً لتقرير موسع نشرته صحيفة وول ستريت جورنال اليوم السبت، فإن العيوب التصنيعية المتكررة، وردود الفعل المتباينة من المستهلكين، إضافة إلى المناخ السياسي المتوتر حول إيلون ماسك، كلها عوامل أسهمت في تحول هذه الشاحنة من مشروع طموح إلى عبء دعائي وتكنولوجي.

من وعود إلى واقع

في 2019، ظهر النموذج الأولي للسايبرترك كأنه مركبة من فيلم خيال علمي، سعرها الأولي الموعود بـ39,900 دولار، مدى البطارية المتوقع 800 كيلومتر، لكن الإنتاج الفعلي تأخر سنوات، ومع نهاية 2023، لم يحصل الزبائن الأوائل إلا على نسخ بسعر يبدأ من 100 ألف دولار، ومدى بطارية لا يتجاوز 510 كيلومترات.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

مع ارتفاع السعر وتراجع المواصفات، بدأ الواقع يفرض نفسه، في 2024، باعت تسلا أقل من 40 ألف شاحنة من هذا الطراز، مقابل هدف ماسك الأصلي بإنتاج 250 ألف وحدة سنوياً.

الجودة على المحك

الصدمة الكبرى كانت في «العيوب الإنتاجية»، من زجاج أمامي ضخم ومتشقق إلى دواسة تسارع تعلق في مكانها، ومن ألواح خارجية تطايرت أثناء القيادة إلى مساحات زجاجية تفشل في الشتاء.

في مارس آذار 2024، اضطرت تسلا إلى سحب أكثر من 46 ألف وحدة من الشاحنة بسبب خلل في المادة اللاصقة التي تُثبت الألواح الجانبية، والتي تصبح هشة في الطقس البارد.

ولم يكن الأمر مفاجئاً لمن عملوا داخل المصنع، إذ ظهر أن كثير من هذه المشكلات كانت معروفة سلفاً، لكن ضغوط إطلاق المنتج دفعت بالإنتاج إلى السوق قبل أن تُحل جذور المشكلات.

مالكون تحولوا إلى مختبرات اختبار

يقول ديفيد، مصرفي متقاعد من فلوريدا، إنه انتظر عاماً لشراء سيارته، آملاً أن تحل العيوب مبكراً، لكنه اكتشف بعد شرائها، بقيمة 72 ألف دولار، إضافة إلى تعديلات بـ7 آلاف دولار، أن مشكلات تسلا لم تعد مجرد أعطال تُحل بتحديثات برمجية «الآن نحن نتحدث عن ألواح تتطاير ومفاصل تتفكك، لا يمكن لتحديث هوائي أن يُصلح ذلك».

التكنولوجيا في مواجهة الطبيعة

ربما كانت أبرز ضربة رمزية هي ما واجهه اليوتيوبر ريد توماسكو، الذي أخذ شاحنته في رحلة عبر أميركا بنجاح، إلى أن جاء شتاء نيوهامشير.

خلال القيادة، طار لوح معدني من جانب السيارة، لاحقاً، عرضت تسلا استرداد الشاحنة ودفع ما يقارب كامل سعرها.

رد فعل توماسكو؟ سيشتري أخرى، لكن بسعر أقل، مفارقة تشرح كيف أن ولاء قاعدة تسلا ما زال قوياً رغم الإخفاقات، لكنه لم يعد أعمى.

تسلا وإيلون ماسك.. عندما تتقاطع السياسة مع الصناعة

أسهم التوتر السياسي بين ماسك والرئيس الأميركي دونالد ترامب في تعقيد صورة تسلا، التصريحات المتبادلة، ونية إلغاء الدعم الضريبي لمشتري السيارات الكهربائية، وزيادة الرسوم الجمركية على مكونات رئيسية، كلها أثرت على معنويات المستثمرين والمشترين.

يوم واحد من التصعيد بين الرجلين كلف تسلا 150 مليار دولار من قيمتها السوقية.

هل تُدفن الأسطورة قبل أن تكتمل؟

من تصميمها الغريب إلى محاولات جعلها «مركبة برمائية»، اختزلت «سايبرترك» طموحات إيلون ماسك في قالب معدني، لكنها أيضاً كشفت التوترات بين السرعة والصلابة، بين الرؤية والحقيقة، بين الدعاية والمنتج.

ربما لا تكون نهاية القصة بعد، وربما تنجح تسلا في تصحيح المسار، لكن إلى أن يحدث ذلك، تبقى سايبرترك، بتصميمها الفريد، رمزاً لدرس كبير في عالم السيارات؛ لا يكفي أن تكون مختلفاً، بل يجب أن تكون موثوقاً.