بينما يتقلب الاقتصاد العالمي على وقع التوترات الجيوسياسية والتجارية، تجد البنوك المركزية الكبرى نفسها في مأزق غير معتاد، هل تواصل خفض أسعار الفائدة لدعم النمو؟ أم تنتظر مزيداً من الوضوح وسط مؤشرات تضخم متفاوتة وسلاسل توريد مضطربة؟
هذا السؤال بات حاضراً بقوة في مداولات صانعي السياسات النقدية من أوروبا إلى أميركا الشمالية وصولاً إلى آسيا، وسط قلق متزايد من أن التسرع في قرارات التيسير قد يُضعف العملات أو يُطلق موجات تضخم جديدة لاحقاً.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
منذ منتصف عام 2024، شرعت البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة في سلسلة تخفيضات لأسعار الفائدة، استجابة لانخفاض التضخم وتباطؤ النمو، إلا أن الغموض المتصاعد بشأن مستقبل التجارة العالمية، وخاصة مع تصاعد الرسوم الأميركية، بات عاملاً مقلقاً يعرقل الإجماع على المسار النقدي المقبل.
تفاصيل أبرز التحركات البنوك
في
النرويج مثلاً، كان الخفض مفاجئاً للفائدة بمقدار 25 نقطة أساس لتصل إلى 4.25 في المئة، في أول خفض منذ عام 2020، ما فاجأ الأسواق وأدى إلى تراجع الكرونة النرويجية، أشار البنك المركزي إلى احتمال إجراء خفض أو خفضين إضافيين هذا العام فقط.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
كما خفض البنك الوطني السويسري الفائدة إلى 0 في المئة، مستشهداً بانخفاض التضخم وقوة الفرنك وعدم اليقين الناتج عن السياسة التجارية الأميركية.
ورغم إبقائه جميع الخيارات مفتوحة، قال رئيسه إن خفض الفائدة إلى المنطقة السالبة بات أكثر صعوبة الآن.
وثبت بنك كندا الفائدة عند 2.75 في المئة في يونيو حزيران، بعد خفضها بـ225 نقطة أساس منذ سبتمبر أيلول 2024، وأشار إلى أنه قد يُقدم على خفض آخر إذا تعرض الاقتصاد لصدمات جديدة نتيجة الرسوم التجارية.
وفي السويد، خفض البنك المركزي الفائدة إلى 2 في المئة من 2.25 في المئة، مشيراً إلى ضغوط تضخمية ضعيفة ونمو اقتصادي باهت، وبلغ مجموع التخفيضات منذ مايو أيار 2024 نحو 200 نقطة أساس.
وفي نيوزيلندا، بنك الاحتياطي خفض الفائدة إلى 3.25 في المئة في مايو أيار، مرجحاً خفضاً آخر في 2025، نتيجة القلق من تراجع التجارة مع الصين، بلغ إجمالي التخفيضات في الدورة الحالية 225 نقطة أساس.
بالنسبة لمنطقة اليورو فقد خفّض البنك المركزي الأوروبي الفائدة للمرة الثامنة منذ منتصف 2024، وأبقى جميع الخيارات مفتوحة، وسط اقتراب التضخم من هدف الـ2 في المئة، تترقب الأسواق ما إذا كان التضخم سيتراجع أكثر مما ينبغي ويجبر المركزي على المزيد من التيسير.
وخفّضت أستراليا الفائدة إلى 3.85 في المئة في مايو أيار، وسط مخاوف من تأثير الحرب التجارية بين أميركا والصين على اقتصادها المعتمد على تصدير السلع، الأسواق تتوقع وصول الفائدة إلى نحو 3 في المئة مع نهاية العام.
بينما ثبت الفيدرالي الأميركي الفائدة هذا الأسبوع، مشيراً إلى أن الخفض لا يزال مرجحاً هذا العام، لكن دون التزام واضح بالتوقيت.
حذر جيروم باول من المبالغة في الاعتماد على توقعات السياسة النقدية، مؤكداً أن البيانات الاقتصادية ستكون الفيصل.
وحافظ بنك بريطانيا أيضاً على الفائدة عند 4.25 في المئة، لكن 3 من أصل 9 أعضاء في لجنة السياسة النقدية صوتوا لصالح خفض فوري، ما يعكس انقساماً داخلياً بشأن الحاجة إلى تسريع التيسير النقدي في ظل ضعف سوق العمل واستمرار التضخم.
وأبقى بنك اليابان على معدلاته دون تغيير ويواصل التدرج البطيء نحو إنهاء سياسات التيسير الاستثنائية التي استمرت عقداً من الزمن، في وقت تتصاعد فيه الضغوط الناتجة عن توتر الشرق الأوسط وزيادة الرسوم الأميركية.