الأسواق الأميركية على أعتاب إنجاز تاريخي.. وول ستريت تقترب من ذروة جديدة

الأسواق الأميركية على أعتاب إنجاز تاريخي.. وول ستريت تقترب من ذروة جديدة

في تحول مذهل لم يكن يتوقعه أحد قبل أشهر قليلة، تبدو الأسواق الأميركية اليوم الجمعة على وشك استكمال رحلة تعافي استثنائية، ففي 8 أبريل الماضي، حين كانت المؤشرات على حافة الدخول في سوق هابطة، لم يتوقع كثير من خبراء وول ستريت أن يسجل السوق مستوى قياسياً جديداً بعد 80 يوماً فقط.

واليوم الجمعة، افتتح مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» التداولات في منطقة قياسية، وإذا أغلق في هذه المنطقة، فسيكون ذلك أول إغلاق عند مستوى قياسي منذ 19 فبراير.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

وارتفع المؤشر بنسبة 0.28% صباح الجمعة، مسجلاً مستويات غير مسبوقة، كما صعد مؤشر «ناسداك المركب» بنسبة 0.36%، متداولاً أيضاً في نطاق قياسي، في طريقه لتسجيل أعلى مستوى له منذ 16 ديسمبر، مدفوعاً بطفرة الذكاء الاصطناعي التي غذّت انتعاشاً في أسهم التكنولوجيا خلال الأشهر الماضية، وحقق «ناسداك 100»، الذي يضم أكبر شركات التكنولوجيا، مستوى قياسياً في وقت سابق من الأسبوع.

أما مؤشر «داو جونز»، فقد ارتفع بنحو 182 نقطة، أي بنسبة 0.42%، وعلى الرغم من هذا الصعود، لا يزال المؤشر بحاجة إلى كسب نحو 1600 نقطة إضافية ليصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، في ظل ضغوط من بعض الشركات الكبرى مثل «يونايتد هيلث» التي هبطت أسهمها بنسبة 40% هذا العام، إضافة إلى «أبل» و«ميرك» و«نايكي».

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

من التصعيد التجاري إلى الاتفاقات

بدأت رحلة الأسواق منذ منتصف فبراير بسيناريو مقلق، إذ أثار الرئيس الأميركي دونالد ترامب فزع المستثمرين بإعلانه عن رسوم جمركية غير مسبوقة وصفها خبراء الاقتصاد بأنها قد تعيد إشعال التضخم وتدفع الاقتصاد نحو الركود.

وفي الثاني من أبريل، ضاعفت إدارة ترامب من هذه الإجراءات في إعلان وصفه بـ«يوم التحرير»، تم فيه رفع الرسوم الجمركية على عشرات الدول، وصلت في بعض الحالات إلى 50%، كما تجاوزت الرسوم المفروضة على الصين نسبة 145% لبعض السلع، ما اعتُبر بمثابة حصار اقتصادي على ثاني أكبر شريك تجاري لأميركا.

ولكن في اليوم التالي، وتحت ضغط من الأسواق المالية وسندات الخزانة، أعلنت الإدارة الأميركية عن تعليق الرسوم المتبادلة لمدة 90 يوماً، وخلال الشهر الماضي، توصلت واشنطن إلى أطر اتفاقات تجارية مع كل من المملكة المتحدة والصين، ما أعطى المستثمرين انطباعاً بأن أسوأ ما في الحرب التجارية قد انقضى، مع إمكانية عقد مزيد من الاتفاقات مستقبلاً.

انفراجة من الصين

تلقت الأسواق دفعة جديدة الجمعة بعدما أعلنت الصين عن استعدادها لإعادة فتح سوق المعادن الأرضية النادرة أمام الولايات المتحدة، بعد إعلان مسؤولين في البيت الأبيض التوصل إلى اتفاق تجاري – وهو تطور اعتبر انفراجة كبيرة بعد أسابيع من المفاوضات المكثفة.

ورغم استمرار وجود تعرفة جمركية عالمية بنسبة 10%، ورسوم بنسبة 50% على الصلب والألومنيوم، و25% على السيارات وقطع غيارها، فإن الأسواق تجاهلت في الأسابيع الأخيرة هذه الملفات، وركّزت على عوامل أخرى أكثر تفاؤلاً.

من أبرز هذه المحفزات، الطفرة التي يشهدها قطاع الذكاء الاصطناعي، مدفوعة بارتفاع مبيعات رقائق شركة «إنفيديا»، إلى جانب تحركات يقودها الجمهوريون لتحرير الصناعة من القيود التنظيمية، كما دعمت الأسواق آمال بخفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، وسط بيانات اقتصادية قوية نسبياً ومستويات تضخم منخفضة.

مخاوف تلوح في الأفق

رغم هذه الأجواء الإيجابية، لا تزال هناك تحديات تلوح في الأفق، فإذا فشل الكونغرس في تمرير مشروع القانون المحلي الشامل، الذي يتضمن بنداً لرفع سقف الدين، فقد تقترب أمريكا مجدداً من خطر التخلف عن السداد بسبب عدم قدرتها على اقتراض الأموال اللازمة.

كما أن انتهاء مهلة تعليق الرسوم المتبادلة في 9 يوليو قد يفتح الباب أمام تصعيد جديد في الحرب التجارية، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاقات جديدة.

ويظل احتمال اندلاع حرب في الشرق الأوسط قائماً، رغم التوصل هذا الأسبوع إلى هدنة هشة بين إسرائيل وإيران. كما أن استمرار الرسوم الجمركية المرتفعة قد يؤدي إلى رفع الأسعار في الأشهر المقبلة، ما قد يضر بالنمو الاقتصادي.

مبالغة في تقييم الأسهم؟

بالإضافة إلى هذه المخاطر، فإن السوق تواجه تحدياً أقل حدة لكنه جوهري: المبالغة في تقييم الأسهم، إذ ارتفعت نسبة السعر إلى الأرباح في مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى أكثر من 23، وهي نسبة مرتفعة تاريخياً، ما يشير إلى أن أسعار الأسهم باتت مرتفعة مقارنة بأرباح الشركات الفعلية.

وعليه، قد تشهد الأسواق احتفالات إذا أغلقت المؤشرات عند مستويات قياسية اليوم الساعة الرابعة عصراً بتوقيت نيويورك، ولكن يبقى السؤال: إلى متى سيستمر هذا الانتعاش؟