تحقق صناعة العملات المشفرة مكاسب غير مسبوقة في ظل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إذ شهدت تغييرات واسعة في الهيئات التنظيمية التي كانت تواجه انتقادات من قبل شركات عالم الكريبتو.
الجهات الرقابية التي كانت تُتهم بإعاقة نمو القطاع تعرضت لإعادة هيكلة، فيما تبدو الإدارة الحالية أكثر انفتاحاً على إنهاء القضايا القانونية العالقة، حتى إن البيت الأبيض يستضيف هذا الأسبوع اجتماعاً مع ممثلي الصناعة، وهي خطوة لم تكن واردة في عهد الرئيس السابق جو بايدن.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
لكن على الرغم من هذه التوجهات الإيجابية، فقد أثارت تصريحات ترامب الأخيرة بشأن إنشاء «
احتياطي استراتيجي للعملات المشفرة» جدلاً واسعاً داخل القطاع، كان الرئيس أعلن يوم الأحد عن خطة لتوجيه الحكومة نحو تخزين البيتكوين والإيثريوم وثلاث عملات ورموز أخرى، ما أثار انتقادات واسعة من قبل بعض قادة التكنولوجيا والعملات الرقمية.
قلق من استخدام أموال دافعي الضرائب
أعرب بعض الخبراء عن رفضهم فكرة استخدام الأموال العامة لدعم أسعار العملات المشفرة، التي تُعتبر أصولاً مضاربة ذات قيمة جوهرية محدودة، كما أثار قرار إدراج ثلاثة رموز رقمية غير معروفة نسبياً –سولانا (Solana)، وريبل (XRP)، وكاردانو (Cardano)– تساؤلات بشأن دوافع هذا الاختيار، خاصة أن بعضها حظيَ بدعم من مستشار ترامب لشؤون العملات المشفرة، ديفيد ساكس.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
شهدت الأسواق رد فعل سلبياً على الإعلان غير الواضح الذي نشره ترامب عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إذ انخفضت أسعار العملات الرقمية يوم الاثنين بعد ارتفاع وجيز مساء الأحد، في الوقت ذاته، استمرت عملة البيتكوين في التداول فوق مستوى 100 ألف دولار أميركي، لكنها تعرضت لتقلبات ملحوظة.
رائد الأعمال التقني جو لونزديل، المعروف بتأييده للسياسات الجمهورية، انتقد المبادرة قائلاً «من غير المنطقي فرض ضرائب عليّ لدعم خطط المضاربة على العملات المشفرة».
كما وصف مايكل بنتلي، المدير التنفيذي لشركة Euler Labs، الفكرة بأنها «خطأ فادح»، مشيراً إلى أن تخصيص احتياطي من العملات الرقمية بهذه الطريقة يكشف عن «فهم ضعيف لقيمة البيتكوين مقارنة ببقية السوق».
جدل بشأن فكرة «إنقاذ العملات الرقمية»
رأى بعض المحللين أن إعلان ترامب قد يُفسَّر على أنه بمثابة تدخل حكومي لدعم أسعار العملات المشفرة، خصوصاً بعد شهر فبراير شباط الذي كان الأسوأ منذ عامين بالنسبة لسوق الأصول الرقمية.
فقد شهدت البيتكوين تراجعاً بنسبة 18 في المئة خلال الشهر، وهو أكبر انخفاض شهري لها منذ يونيو حزيران 2022، حين انهار سوق العملات الرقمية بعد إفلاس منصة FTX التابعة لسام بانكمان فريد.
لكن لا تزال هناك أسئلة كثيرة بشأن كيفية تمويل هذا الاحتياطي، وما إذا كان لدى ترامب الصلاحيات القانونية لإنشائه من الأساس، ومع تلاشي حماس السوق، تلقت الأسهم وأسواق العملات المشفرة ضربة إضافية يوم الاثنين بعد إعلان ترامب عن فرض تعرفة جمركية بنسبة 25 في المئة على الواردات من كندا والمكسيك، مؤكداً أنه «لم يعد هناك مجال للمفاوضات». ونتيجة لذلك، تراجعت جميع المؤشرات الرئيسية في وول ستريت، بينما انخفضت عملة البيتكوين بأكثر من 9 في المئة مساء الاثنين.
التقلبات الأخيرة تعكس نمطاً متكرراً في فترة رئاسة ترامب الثانية، إذ شهدت الأسواق الرقمية قفزة في أواخر العام الماضي بعد فوزه في الانتخابات، لكنها بدأت بالتراجع مع وضوح سياساته الاقتصادية.
ومع تزايد المخاوف بشأن الاستقرار المالي، يتجه المستثمرون عادةً إلى تقليل تعرضهم للأصول الخطرة، وهو ما يضع العملات المشفرة، التي تشتهر بتقلب أسعارها وغياب قيمتها الأساسية، في موقف أكثر هشاشة.
هل الاحتياطي الاستراتيجي فكرة منطقية؟
عادةً ما تُنشئ الحكومات احتياطيات استراتيجية من السلع الأساسية مثل النفط، نظراً لأهميته في دعم الاقتصاد الوطني، لكن وفقاً لهيلاري ألين من الجامعة الأميركية، وهي من أبرز الأكاديميين المنتقدين للعملات المشفرة، فإن «العملات المشفرة ليس لديها أي قيمة جوهرية، وسعرها يعتمد بالكامل على العرض والطلب»، وأوضحت أن شراء الحكومة للبيتكوين سيرفع سعره بشكل مصطنع، لكنه سيواجه مشكلة كبيرة بمجرد أن تبدأ الحكومة في بيع احتياطياتها، ما قد يؤدي إلى انهيار الأسعار.
وقالت ألين «مجرد فكرة أن الحكومة الأميركية قد تضطر يوماً ما إلى بيع هذا الاحتياطي توضح مدى عبثية هذا المشروع، إلا إذا كان الهدف الحقيقي هو توفير السيولة للخروج للمستثمرين الحاليين».
ساكس ينفي تضارب المصالح
حتى الآن، لم تتضح إمكانية تنفيذ خطة ترامب لإنشاء احتياطي العملات المشفرة، ولكن تصريحاته وحدها كانت كافية للتأثير على السوق، وأثار هذا الإعلان مخاوف من احتمال وجود تضارب مصالح بين الإدارة الأميركية وبعض المستثمرين.
ديفيد ساكس، مستشار ترامب لشؤون العملات الرقمية، رد على الانتقادات التي اتهمته بالاستفادة الشخصية من هذه السياسة، نظراً لاستثماراته السابقة في سولانا والعملات المشفرة الأخرى.
وقال في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي إنه باع جميع أصوله الرقمية قبل تولي منصبه، مؤكداً أنه «سيقدم تحديثاً بشأن التزامه بالقواعد الأخلاقية عند الانتهاء من الإجراءات الرسمية».
لا يزال من غير الواضح ما إذا كان ساكس قد خضع لإجراءات الإفصاح المالي المطلوبة لبعض موظفي الحكومة، كما لم يتضح ما إذا كان لا يزال مرتبطاً بشركته الاستثمارية «كرافت فينتشرز»، التي تمتلك حصصاً في شركات العملات المشفرة.
رفض البيت الأبيض التعليق على الأمر، بينما اكتفى متحدث باسم «كرافت فينتشرز» بالإشارة إلى تصريحات ساكس المنشورة على الإنترنت.
(أليسون مورو - CNN)