أظهرت دراسة جديدة أن جميع المدن العشرين الأكثر تلوثاً في العالم العام الماضي، كانت في آسيا، باستثناء واحدة.
تقع 13 مدينة من مدن القائمة في أكثر دول العالم اكتظاظاً بالسكان، الهند، حيث يعتمد النمو الاقتصادي المزدهر إلى حد كبير على الفحم، ويعيش مئات الملايين من البشر في مدن ضخمة مزدحمة.
تقع أربع مدن أخرى في باكستان المجاورة، وواحدة في كلٍ من الصين وكازاخستان.
المدينة الوحيدة خارج آسيا المدرجة في القائمة هي إنجامينا، عاصمة تشاد في وسط إفريقيا.
وتشاد هي الدولة صاحبة الهواء الأكثر تلوثاً في العالم.
بحث التقرير الصادر عن IQAir، وهي شركة سويسرية تتعقب جودة الهواء عالمياً، على وجه التحديد الجسيمات الدقيقة (PM2.5).
والجسيمات الدقيقة الموجودة في الهواء (PM2.5) هي ملوثات شديدة الخطورة وتؤدي إلى انتشار الأمراض وإحداث الوفاة لأنها تنتقل بسهولة عبر دفاعات الجسم المعتادة إلى الرئة ومجرى الدم.
وسبب التسمية أن حجمها لا يتجاوز 2.5 ميكرون متر، وتحتاج إلى أجهزة دقيقة لمتابعتها لأنها لا تُرى بالعين المجردة، وتشمل (PM2.5) جسيمات الأمونيا والكربون والرصاص والسلفيت والنيتريت، وتنتج عن احتراق الوقود الأحفوري والعواصف الغبارية وحرائق الغابات ومصادر أخرى شبيهة.
وتقول منظمة الصحة العالمية إن المستويات السنوية المتوسطة لـPM2.5 يجب ألّا تتجاوز 5 ميكروغرامات لكل متر مكعب.
سجّلت بيرنيهات، وهي بلدة صناعية في شمال شرق الهند، تركيز PM2.5 بلغ 128.2 ميكروغرام لكل متر مكعب من الهواء العام الماضي، أي أكثر من 25 ضعف معيار منظمة الصحة العالمية.
وحازت نيودلهي لقب العاصمة الأكثر تلوثاً في العالم للعام السادس على التوالي، بتركيز PM2.5 يبلغ 91.8.
في نوفمبر تشرين الثاني الماضي استقرت طبقة كثيفة من الضباب الدخاني فوق دلهي، ما أدى إلى تعطيل الرحلات الجوية وحجب الرؤية، ما دفع رئيس وزراء المدينة إلى إعلان «حالة طوارئ طبية».
ولكن بشكل عام، تراجعت الهند من المركز الثالث في قائمة الدول الأكثر تلوثاً العام الماضي إلى المركز الخامس هذا العام، وفقاً للتقرير.
وأكد التقرير أن تلوث الهواء «يظل عبئاً صحياً كبيراً في الهند، ويخفض متوسط العمر المتوقع بنحو 5.2 سنة».
ووفقاً للتقرير، فإن بنغلاديش وباكستان المجاورتين للهند، جاءتا في المرتبة الثانية والثالثة على التوالي من حيث تلوث الهواء على مستوى العالم من حيث جزيئات PM2.5، خلف تشاد المتصدرة.
أما الصين، التي كانت تُهيّمن على صدارة التصنيف العالمي لأسوأ هواء في العالم، فقد شهدت تحسناً.
وقال التقرير إن متوسط تركيز PM2.5 السنوي على المستوى الوطني انخفض من 32.5 ميكروغرام لكل متر مكعب إلى 31 ميكروغرام، مع تحسن جودة الهواء في المدن الكبرى مثل بكين وشنغهاي وتشنغدو وقوانغتشو وشنتشن.
وتُعدُّ الصين أكبر مصدر لثاني أكسيد الكربون في العالم، ولكنها شنت في السنوات الأخيرة حملة ضد تلوث الهواء، ونجحت هذه الحملات في المدن التي توسعت في الاعتماد على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
ولكن في الشهر الماضي، ظهر الخطر مرة أخرى مع إعلان خطط من جانب صناعة الطاقة في الصين لزيادة سعة محطات الفحم بما يقرب من 100 غيغا وات، وهي الزيادة الأكبر منذ ما يقرب من عقد من الزمان.
وأظهر تقرير IQAir أن جميع المدن العشرين الأكثر تلوثاً في العالم العام الماضي تجاوزت النسب الآمنة التي تقرها منظمة الصحة العالمية لتركز PM2.5 بأكثر من 10 مرات.
وذكر التقرير أن 17 في المئة فقط من 8954 مدينة تم تحليلها عالمياً بواسطة IQAir سجّلت معدلات جودة هواء تتوافق مع المعدلات الآمنة الخاصة بمنظمة الصحة العالمية بشأن التلوث.
وسجّلت 12 دولة ومنطقة وإقليم فقط تركيزات PM2.5 أقل من المعدلات الآمنة، وكان معظمها في مناطق أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي وأوقيانوسيا.
ودعا التقرير الحكومات إلى تخصيص التمويل الكافي لمشروعات الطاقة المتجددة وخفض الانبعاثات الملوثة.
من المرجّح أن تتفاقم مشكلات جمع البيانات عن تلوث الهواء بعد أن أعلنت الولايات المتحدة في وقت سابق من هذا الشهر أنها ستتوقف عن مشاركة بيانات جودة الهواء التي تم جمعها من سفاراتها وقنصلياتها في جميع أنحاء العالم بسبب «قيود التمويل» التي فرضتها إدارة ترامب، وفق ما ذكرته وكالة أسوشيتد برس.
وقال فرانك هامز، الرئيس التنفيذي العالمي لشركة IQAir «إن بيانات جودة الهواء تنقذ الأرواح، إنها تخلق الوعي لدى المواطنين، وتوجه القرارات السياسية، وتقود تدخلات الصحة العامة، وتمكن المجتمعات من اتخاذ إجراءات للحد من تلوث الهواء وحماية الأجيال القادمة».