اقتصاد ترامب يترنح.. هل بدأ الانهيار المنتظر؟

اقتصاد ترامب يترنح.. هل بدأ الانهيار المنتظر؟

الاقتصاد الأميركي يعيش لحظة فارقة، فبعد سنوات من النمو القوي بدأت المؤشرات تظهر أن المستهلكين والشركات والمستثمرين يواجهون صدمة غير متوقعة، تراجع ثقة المستهلك، وانخفاض مبيعات التجزئة، وتذبذب الأسواق المالية كلها إشارات على أن «العصر الذهبي» قد يكون على وشك الانتهاء، ومع تصاعد المخاوف بشأن السياسات الجمركية المتقلبة، يطرح السؤال نفسه: هل بدأ اقتصاد ترامب في الانهيار؟

قبل عام، كانت الولايات المتحدة تعيش ما يُعرف بـ«الركود الشعوري» (vibecession)، حيث كانت المؤشرات الاقتصادية قوية (مع بعض التحفظات)، لكن المزاج العام كان سيئاً بشكل غير متناسب.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

اليوم، يبدو أن الواقع الاقتصادي والمشاعر العامة يتماشيان أخيراً، لكن ليس في الاتجاه الإيجابي.

الوضع الاقتصادي في 2025

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

المستهلكون، الذين ساعدوا في دفع عجلة الاقتصاد خلال أسوأ فترات ركود جائحة كورونا، بدؤوا في الاستسلام، فقد جاءت مبيعات التجزئة الشهر الماضي أضعف بكثير من المتوقع، كما انخفضت ثقة المستهلكين إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2022، عندما تجاوز معدل التضخم السنوي 9% وتراجع مؤشر S&P 500 بأكثر من 19%.

وانخفضت معدلات بناء المنازل بشكل كبير، ويشير أحد التوقعات الاقتصادية الفورية إلى أن الاقتصاد سينكمش بنسبة 2.4% خلال هذا الربع، وفي ظل كل ذلك تشهد الأسواق المالية حالة من الذعر بسبب السياسات الجمركية المتقلبة للبيت الأبيض، والتي تهدد الاقتصاد الأميركي.

كما يُظهر «مؤشر الخوف والجشع» التابع لـCNN أن وول ستريت تعيش حالة من «الخوف الشديد».

اقتصاد ترامب تحت الضغط

ببساطة، الاقتصاد القوي الذي ورثه الرئيس دونالد ترامب بدأ ينهار تحت وطأة سياساته الجمركية، ما ترك الشركات والمستهلكين والمستثمرين في حالة من الشلل بسبب عدم اليقين.

بالطبع، ترامب يحرص على تبني أي أخبار اقتصادية إيجابية، بينما يُلقي باللوم على سلفه في الأخبار السيئة أو يتجاهلها تماماً.

البيانات الاقتصادية.. إشارات مختلطة

تراجعت معدلات الرهن العقاري عن مستوياتها المرتفعة الأخيرة.

أسعار البنزين لا تزال منخفضة، حيث يبلغ متوسطها نحو 3 دولارات للجالون.

والتضخم العام، حتى أسعار البيض، بدأ في التباطؤ.

لكن عند النظر بعمق إلى هذه الأرقام، تظهر إشارات تحذيرية خطيرة:

معدلات الرهن العقاري

تراجعت معدلات الرهن العقاري لأن المستثمرين يتجهون نحو السندات الحكومية الأميركية ذات العشر سنوات، والتي تعد ملاذاً آمناً في أوقات اضطراب سوق الأسهم، ارتفاع الطلب على هذه السندات يؤدي إلى انخفاض عوائدها، وبالتالي انخفاض معدلات الرهن العقاري.

أسعار البنزين

تراجعت أسعار البنزين بنسبة 2% منذ تولي ترامب منصبه، وهو أمر سارع إلى التفاخر به، لكن السبب الحقيقي لانخفاض الأسعار ليس سياسته «الحفر، الحفر، الحفر»، بل يرجع إلى اختلال التوازن بين العرض والطلب على مستوى العالم، خاصة مع تباطؤ الطلب في الصين.

التضخم

لا يزال التضخم مرتفعاً نسبياً عند 2.8%، في حين يستهدف الفيدرالي الأميركي خفضه إلى 2%، أي انحراف عن هذا الهدف قد يؤدي إلى مشكلات اقتصادية، سواء بارتفاع التضخم أو بركود اقتصادي إذا تم كبح النمو بشكل مفرط.

التوظيف وسوق العمل.. العامل الحاسم

حتى الآن، كان سوق العمل هو الحاجز الذي حال دون دخول الاقتصاد في ركود، طالما أن الأميركيين لديهم وظائف ويشعرون بالثقة في استقرارها، فإنهم سيواصلون الإنفاق.

آخر تقرير للوظائف أشار إلى أن السوق لا يزال قوياً، لكنه لم يعكس بشكل كامل عمليات التسريح الأخيرة في الوكالات الفيدرالية التي تعرضت لتخفيضات حادة تحت إدارة إيلون ماسك، كما أظهر مسح ADP للقطاع الخاص أن قطاعات مثل التعليم والخدمات الصحية، والتي تعتمد بشكل كبير على الإنفاق الحكومي، فقدت 28 ألف وظيفة الشهر الماضي.

ماذا بعد؟

الكثير سيعتمد على ما إذا كان ترامب سيتراجع عن سياساته الجمركية أم لا.

يقول ديفيد كيلي، كبير المحللين الاستراتيجيين في JPMorgan Asset Management: «هذا اقتصاد شديد المرونة، يمكنه تحمل الضغوط ومواصلة النمو، لكنه لا يحب حالة عدم اليقين هذه، في الوقت الحالي يشعر العديد من رجال الأعمال وكأنهم غزلان مشلولة أمام أضواء السيارات، وهذه وضعية خطيرة للغاية».