شهد شهر مارس آذار 2025 اضطرابات حادة في الأسواق الأميركية، إذ سجل مؤشر إس آند بي 500 خسارة تقارب 5 في المئة منذ بداية الشهر، رغم تحقيقه مكاسب ليومين متتاليين. جاءت هذه التقلبات وسط إعلانات الرئيس
دونالد ترامب عن تعريفات جمركية جديدة، ما زاد من حالة عدم اليقين لدى المستثمرين.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
لكن وفقاً لكبير الاستراتيجيين في إل بي إل فايننشال، جيف بوخبندر، فإن التقلبات ليست غير اعتيادية، وقال «التقلبات هي الثمن الذي يدفعه المستثمرون مقابل العوائد الجذابة على المدى الطويل».
لماذا لا يجب الذعر؟
تعتبر عمليات التصحيح السوقي، التي تحدث عندما ينخفض السوق بنسبة 10 في المئة أو أكثر عن ذروته، جزءاً طبيعياً من الدورة الاقتصادية، وأوضح وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسينت، أن هذه التصحيحات «صحية للأسواق» وليست سبباً للذعر.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
وأشار إلى أن الأسواق شهدت ارتفاعات قياسية على مدى العامين الماضيين، ما يجعل حدوث تصحيحات أمراً متوقعاً، وأضاف «ما هو غير صحي هو أن ترتفع الأسواق بشكل مستمر دون أي تصحيحات».
كيف تتعامل مع فترات التقلب؟
عندما يتراجع السوق، قد يشعر المستثمرون بالقلق تجاه مدخراتهم التقاعدية واستثماراتهم طويلة الأجل، ومع ذلك ينصح الخبراء بعدم اتخاذ قرارات متسرعة بناء على العواطف.
وقال المدير التنفيذي في Ulin & Co. Wealth Management، جون أولين، إن ردود الفعل العاطفية قد تدمر العوائد الاستثمارية، وبيع الأسهم بدافع الذعر يعني غالباً تثبيت الخسائر وفقدان فرص الارتداد لاحقاً.
ويضيف «حماية محفظتك لا تتعلق بمحاولة توقيت السوق، بل بالبقاء فيه لفترات طويلة مع استراتيجية متماسكة».
ماذا يحدث في الأسواق؟
منذ بدء ولاية ترامب الثانية، عانت الأسواق من أسوأ بداية لرئاسة أميركية منذ عهد باراك أوباما، وفقاً لتحليل CFRA Research، ويرجع السبب الرئيسي إلى عدم اليقين الناجم عن سياسات التعريفات الجمركية، التي أدت إلى خسائر في الأسواق، إذ محا كل من داو جونز وناسداك وإس آند بي 500 مكاسبهم منذ الانتخابات.
بلغ مؤشر إس آند بي 500 مرحلة التصحيح الأسبوع الماضي، مسجلاً انخفاضاً بنسبة 10 في المئة عن أعلى مستوى له في 19 فبراير شباط، ورغم ذلك فإن مثل هذه التراجعات ليست غير مألوفة، إذ يسجل المؤشر في المتوسط ثلاث مرات تراجعاً بين 5 في المئة و10 في المئة سنوياً، وفقاً لبوخبندر.
التنويع.. مفتاح الصمود في وجه التقلبات
ينصح الخبراء بالعودة إلى أساسيات الاستثمار خلال فترات التقلب، فتوزيع الاستثمارات عبر أسهم مختلفة وسندات وأسواق عالمية يمكن أن يساعد في تقليل المخاطر خلال الاضطرابات السوقية.
يقول أولين «التنويع هو مثل حزام الأمان لمحفظتك الاستثمارية، يحافظ على استقرارها عندما تمر الأسواق بفترات عصيبة».
على سبيل المثال، إذا كانت محفظتك مركزة بشكل مفرط على الأسهم الأميركية، فقد يكون من المفيد النظر إلى الأسواق الأوروبية أو السندات الحكومية لتنويع المخاطر، كذلك يمكن الاستثمار في قطاعات أقل تأثراً بالتعريفات الجمركية، أو ما يعرف بـ«تحصين المحفظة من التعريفات الجمركية».
التخطيط المالي والتكيف مع الأهداف
لا يوجد نهج استثماري واحد يناسب الجميع، إذ تختلف استراتيجيات الاستثمار بناء على الأهداف المالية وتحمل المخاطر لكل فرد، يشير توم هينلين، كبير الاستراتيجيين الاستثماريين في US Bank Wealth Management، إلى أن التقلبات توفر فرصة لمراجعة الأهداف الاستثمارية والتأكد من أن الاستثمارات ما زالت تتماشى مع الاحتياجات المالية طويلة الأجل.
كما يشير إلى أهمية الحفاظ على سيولة كافية لمواجهة المصاريف الكبيرة أو حالات الطوارئ، أما بالنسبة لمن يقتربون من سن التقاعد، فقد يكون من الحكمة زيادة الحيازات النقدية في سندات الخزانة أو أصول منخفضة المخاطر لتقليل مخاطر التسلسل (Sequence Risk)، وهو خطر سحب الأموال أثناء تراجع الأسواق.
الانضباط هو مفتاح النجاح
رغم أن التقلبات قد تكون مقلقة، فإنها جزء طبيعي من الأسواق المالية، وينصح الخبراء المستثمرين بضبط النفس والتركيز على الأهداف طويلة الأجل، بدلاً من اتخاذ قرارات سريعة استجابة لحركة السوق.
وقال أولين «المفتاح هو مراجعة توزيع الأصول، وإعادة التوازن عند الحاجة، وعدم الانجرار وراء الضوضاء الإعلامية»، مضيفاً «النجاح في الاستثمار يعتمد على الانضباط، وليس الذعر».
(جون توفيغي - CNN)