أجّلت البنوك الكبرى عمليات الاستحواذ متخذة الحيطة تجاه تعهدات إدارة الرئيس دونالد ترامب بإطلاق العنان لعقد الصفقات، وسط قلق بشأن الاقتصاد وتقلبات السوق، وفقاً لمسؤولين تنفيذيين في القطاع.
ويأتي ذلك على الرغم من تصريح وزير الخزانة سكوت بيسنت الأسبوع الماضي بأن عمليات اندماج البنوك تباطأت بسبب مشكلات بسيطة.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
وقبل أيام، تحركت الجهات التنظيمية المُعيّنة حديثاً لإلغاء قواعد عهد بايدن الصارمة التي شددت الرقابة على الصفقات الكبيرة.
في 3 مارس آذار، أعلن مجلس إدارة مؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية، الذي يقوده الجمهوريون، أنه سيعيد العمل بالمبادئ التوجيهية السابقة لعملية مراجعة اندماج البنوك، متراجعاً عن الإطار الأكثر صرامة الذي كان سائداً في عهد بايدن.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
قال راندي بينجينك، الرئيس المشارك للخدمات المالية في شركة كوفينجتون آند بيرلينج للمحاماة: «شكّلت إرشادات مؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية لعمليات الدمج والاستحواذ لعام 2024، انحرافاً كبيراً عن الممارسات التقليدية»، وأضاف أن إلغاء هذه القواعد كان خطوة مهمة في إعادة الاستقرار إلى القطاع.
وقال بيسنت في خطاب ألقاه في 6 مارس أمام النادي الاقتصادي في نيويورك: «غالباً ما تتباطأ عمليات الدمج المثمرة والتآزرية بسبب مشكلات إشرافية غير جوهرية»، وأضاف أن إدارة ترامب تريد إعادة تركيز التنظيم المالي بعد تجاوزات الجهات التنظيمية في عهد بايدن.
ومع ترحيب المصرفيين والمسؤولين التنفيذيين في القطاع بمؤشرات تخفيف القيود التنظيمية، صرّحوا لرويترز بأن عمليات الاستحواذ الكبيرة تعثرت بسبب تقلبات السوق، وعدم اليقين الاقتصادي، والمخاوف بشأن الخسائر في الميزانيات العمومية للبنوك، وتعقيد المعاملات بين المُقرضين الكبار الخاضعين لرقابة مشددة.
وتتوقع شيريل بات، كبيرة مديري المحافظ في أنجيل أوك أدفايزرز، إتمام بعض عمليات الاستحواذ بين المُقرضين الإقليميين والمحليين الصغيرة، لكنها ترى أن العمليات الكبرى تُمثل تحدياً.
قال بات، الذي تدير شركته أصولاً بقيمة 18.4 مليار دولار: «أنا أقل تفاؤلاً بشأن عمليات الاستحواذ على المستوى الإقليمي، وأعتقد أن هذا سيخضع على الأرجح لتدقيق أكبر بكثير، ما يجعل عمليات الاندماج بين الأطراف المتساوية غير مرجحة».
بالنسبة للبنوك الكبرى، من المنطقي أن يقتصر توسيع أعمالها على عدد قليل من الشركات الكبيرة المستهدفة، لذا فإن المسؤولين التنفيذيين مستعدون لانتظار الصفقة المناسبة.
الحذر يسود
يتناقض الحذر بشأن الصفقات مع الحماس الذي أعقب انتخاب الرئيس ترامب في نوفمبر تشرين الثاني.
وكان من المتوقع أن تُسهّل موجة إلغاء القيود المتوقعة على البنوك الأميركية، التي يزيد عددها على 4500 بنك، عملية الدمج.
وبينما لا تزال عمليات الدمج بحاجة إلى مراجعة، فإن الإدارة الجديدة تُلغي بعض الإرشادات الأكثر صرامة التي وُضعت العام الماضي.
وقد أعرب المسؤولون التنفيذيون في الصناعة عن استيائهم من التدقيق الذي أجرته الجهات التنظيمية في عهد بايدن في عمليات الدمج، قائلين إنه أدى إلى تأخير المعاملات وتثبيط الصفقات الجديدة.
ولم يتم الاندماج الذي تبلغ قيمته 35 مليار دولار بين كابيتال وان، وديسكوفر للخدمات المالية، والذي أُعلن عنه في فبراير 2024، على موافقة الجهات التنظيمية بعد عام، ويُنظر إليه على أنه اختبار حاسم لاستعداد الإدارة الجديدة لتسريع الموافقات.
لم يُعلن سوى عن تسع معاملات بقيمة تزيد على مليار دولار منذ مارس 2022، وفقاً لشركة ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس.
ويُقارن ذلك باثنتي عشرة صفقة بقيمة تزيد على مليار دولار أُبرمت خلال السنة الأولى لبايدن في منصبه.
ويستشهد المسؤولون التنفيذيون في الصناعة باستحواذ بنك تورنتو دومينيون، بقيمة 13.7 مليار دولار، على فيرست هورايزون، والذي يُعد بمثابة قصة تحذيرية عما يمكن أن يحدث عندما تسوء الأمور.
وأُلغيت الصفقة في عام 2023 بعد انتظار الموافقات لأكثر من عام، وبينما تعافى سعر سهم فيرست هورايزون إلى حد ما، لا تُعادل قيمة البنك اليوم سوى 70 بالمئة من سعر الصفقة الأصلي.
ضبابية المشهد
لا تزال التوقعات التنظيمية متقلبة، لأن الهيئات، بما في ذلك مؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية ومكتب مراقب العملة، تُدار من قِبل قادة مؤقتين، كما يواجه العديد من المُقرضين مشكلات تنظيمية تحتاج إلى حل قبل موافقة المسؤولين على أي عمليات اندماج واستحواذ واسعة النطاق.
كما لا يزال نحو ثلثي البنوك الأميركية الكبرى خاضعة للعقوبات التنظيمية، إذ اعتبرها الاحتياطي الفيدرالي ممارسات غير مرضية في مجالات تتراوح من هياكل الحوكمة إلى إدارة مخاطر السيولة، وفقاً لتقرير حديث صادر عن شركة المحاماة «واتشتيل، ليبتون، روزن وكاتز».
كما أثرت الاضطرابات الناجمة عن إفلاس بنك وادي السيليكون وفيرست ريبابليك عام 2023 على معنويات المستثمرين، وثبّطت عمليات الاندماج.
وفي الوقت نفسه، دفع ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية البنوك إلى الاحتفاظ بخسائر ورقية ضخمة في محافظ أوراقها المالية، والتي ستُسجل كخسائر فعلية في حال اندماجها.
قال جيسون جولدبرج، المحلل في باركليز: «لا تزال هناك بعض العقبات، تحتاج البنوك إلى فهم ما تريده الجهات التنظيمية تحديداً للموافقة على الاندماج وتقليل حالة عدم اليقين السياسي، ومع مرور الوقت، أعتقد أن الخسائر غير المحققة ستنخفض، وستعود الصفقات. القطاع مهيأ للاندماج».