رسم مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) يوم الأربعاء صورة لاقتصاد أعادت صياغته سياسات الرئيس دونالد ترامب الاقتصادية بشكل جذري، وحذّر من أن الرسوم الجمركية قد تؤدي إلى تراجع التوقعات الاقتصادية، ما قد يرفع معدلات التضخم ويبطئ النمو الاقتصادي، وأثار ذلك مخاوف من الركود التضخمي، وهو أحد أسوأ السيناريوهات الاقتصادية التي يصعب الخروج منها.
وفي محاولة لطمأنة المستثمرين والشركات والمستهلكين، دعا الاحتياطي الفيدرالي إلى عدم المبالغة في رد الفعل على توقعاته، مشيراً إلى أن التضخم الناتج عن الرسوم الجمركية قد يكون مؤقتاً.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
ومع ذلك، لا يوجد مزيج يكرهه مسؤولو البنوك المركزية أكثر من ارتفاع معدلات البطالة مع ارتفاع التضخم.
وبينما بدأت وول ستريت تدق ناقوس الخطر بشأن الركود التضخمي، بقي رئيس الفيدرالي جيروم باول هادئاً نسبياً، وهو ما ظهر خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده يوم الأربعاء عقب الاجتماع.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
لكن العديد من المراقبين شعروا بأن التوقعات الاقتصادية الجديدة الصادرة عن الاحتياطي الفيدرالي تحمل إشارات مقلقة، وفقاً لأحدث تقديرات المسؤولين، قد يصل معدل البطالة في الولايات المتحدة إلى 4.4% بحلول نهاية العام، بينما قد يرتفع التضخم –وفقاً لمؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي– إلى 2.7%.
وتعد هذه الأرقام زيادة مقارنة بتوقعات ديسمبر التي أشارت إلى 4.3% للبطالة و2.5% للتضخم، كما أنها تمثل ارتفاعاً عن المعدلات الحالية البالغة 4.1% للبطالة (بحسب تقرير الوظائف لشهر فبراير) و2.5% لمؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي في يناير.
أما بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي الأميركي، فيتوقع مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي نموه بمعدل سنوي يبلغ 1.7%، مقارنة بـ2.1% التي تم توقعها في ديسمبر.
وفي مذكرة للمستثمرين يوم الأربعاء، قال مايكل فيرولي، كبير الاقتصاديين في "جي بي مورغان" في الولايات المتحدة، إن التوقعات "تم تعديلها في اتجاه ركود تضخمي".
ومع ذلك، إذا تحققت توقعات الاحتياطي الفيدرالي، فإن الوضع سيكون بعيداً عن الركود التضخمي الحقيقي.
الركود التضخمي.. السيناريو الأسوأ للبنوك المركزية
يُعد الركود التضخمي أسوأ كابوس يمكن أن يواجهه صناع السياسة النقدية، حيث يؤدي أي إجراء يتخذونه إلى مزيد من الألم الاقتصادي.
في الظروف العادية، يخفف انخفاض معدل البطالة من تأثير التضخم المرتفع، حيث يمكن للشركات رفع الأسعار فقط عندما يكون لدى الناس دخل كافٍ لدفعها، أما في ظل ارتفاع البطالة وتراجع الإنفاق، فإن الشركات تجد صعوبة في تمرير الأسعار المرتفعة إلى المستهلكين، ما يؤدي إلى إبقاء التضخم منخفضاً.
إحدى أسوأ موجات الركود التضخمي وقعت في السبعينيات، عندما تسبب الحظر النفطي العربي المفروض على الولايات المتحدة ودول أخرى دعمت إسرائيل خلال حرب يوم الغفران عام 1973 في ارتفاع حاد بتكاليف المعيشة، وعندما حاول الاحتياطي الفيدرالي كبح التضخم عبر رفع أسعار الفائدة، دخل الاقتصاد في حالة ركود.
وعندما حاول الفيدرالي تنشيط الاقتصاد عبر خفض الفائدة، أدى ذلك إلى ارتفاع التضخم مجدداً، وفي النهاية لم يتمكن الاقتصاد من استعادة استقراره إلا بعد دخول ركود مؤلم دون خفض أسعار الفائدة.
أما اليوم، فإن ما يمر به الاقتصاد الأميركي –نتيجة جزئية لسياسات الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب والتي أضعفت توقعات النمو وأثارت مخاوف بشأن التضخم– لا يبدو أنه سيدفع مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي حتى إلى التلميح بمصطلح الركود التضخمي.
يقول جيروم باول: "لقد عايشت فترة الركود التضخمي، كانت معدلات البطالة عند 10%، والتضخم في خانة الأرقام المرتفعة، والنمو كان بطيئاً للغاية"، مشيراً إلى أزمة السبعينيات.
نحن لا نزال بعيدين جداً عن تلك المستويات اليوم.