أظهرت بيانات جديدة، يوم الجمعة، أن أسعار الجملة في الولايات المتحدة انخفضت الشهر الماضي، ما يشير إلى أن الضغوط التضخمية لم تكن تتزايد بالضرورة قبل أن تصل إلى المستهلكين.
وسجل مؤشر أسعار المنتجين (PPI) قراءة أفضل من المتوقع، حيث انخفضت الأسعار المدفوعة للمنتجين بنسبة 0.4% في مارس مقارنة بالشهر السابق، وتباطأ المعدل السنوي إلى 2.7% بعد أن كان 3.2%، وتوفر هذه البيانات لمحة عن حالة الاقتصاد قبل بدء تنفيذ السياسات التجارية العدوانية للرئيس السابق دونالد ترامب بشكل كامل.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
وكان الاقتصاديون يتوقعون ارتفاع الأسعار الشهرية بنسبة 0.2% وتسارع المعدل السنوي إلى 3.3%.
وجاء ذلك بعد تقرير مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) الذي صدر يوم الخميس، والذي أظهر أيضاً تباطؤاً في التضخم بالنسبة للسلع والخدمات التي يشتريها الأميركيون بشكل شائع.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
وكتب أورين كلاشكين الاقتصادي في أسواق المال لدى شركة «نايشنوايد»، في مذكرة للعملاء، يوم الجمعة: «كان التضخم في طريقه للانخفاض قبل صدمة الرسوم الجمركية، لكن مثل تقرير CPI بالأمس، فإن بيانات PPI اليوم لا تقدم الكثير من الطمأنينة في ظل حالة عدم اليقين الكبيرة، والتغيرات الجذرية في السياسات التجارية، والاضطرابات في الأسواق المالية».
ويحذر الاقتصاديون من أن التصعيد الحاد في الرسوم الجمركية الأميركية سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار على الشركات والمستهلكين، إضافة إلى اضطراب الاقتصاد العالمي، ما قد يتسبب في ركود اقتصادي.
وقد انعكست هذه المخاوف في بيانات التضخم الأخيرة، حيث كان الانخفاض الحاد في مؤشر أسعار المنتجين ناتجاً جزئياً عن مخاوف من تباطؤ الاقتصاد العالمي نتيجة التغييرات الجذرية في سياسة التجارة الأميركية.
وأفاد مكتب إحصاءات العمل أن مؤشر الطاقة للطلب النهائي انخفض بنسبة 4% خلال الشهر، وعادة ما ترتفع أسعار الطاقة في هذا الوقت من العام، لكنها انخفضت الشهر الماضي بسبب اختلال في العرض والطلب بالإضافة إلى الضغوط الناتجة عن مخاوف الركود التي أثرت على أسعار النفط الخام.
كما أظهرت أسعار الخدمات النهائية بعض الانكماش، حيث انخفضت بنسبة 0.2% خلال الشهر، ما قد «يشير إلى أن الاقتصاد يضعف»، حسب يوجينيو أليمان، كبير الاقتصاديين في «رايموند جيمس» الذي قال في مقابلة: «أسعار الخدمات كانت مستقرة نسبياً، لكننا رأينا على جانبي CPI وPPI أن الأسعار بدأت في الضعف قليلاً».
وأضاف: «هذا جيد بالنسبة للتضخم، لكنه قد يكون أيضاً إشارة على تباطؤ النشاط الاقتصادي».
في ظروف مختلفة، كان من الممكن اعتبار هذا التقرير دليلاً على نجاح جهود الاحتياطي الفيدرالي في كبح الطلب والسيطرة على التضخم.
وقال أليمان: «نحن نعد تقريرنا الأسبوعي الآن، وأحد العناوين الفرعية هو: (هكذا يمكن أن تضيع بيانات التضخم الجيدة). من الجيد أن الشركات لا تواجه ضغوطاً متزايدة على الأسعار، وهو ما سيساعد في التخفيف من آثار الضغوط التي ستبدأ بالتصاعد مع دخول الرسوم الجمركية حيز التنفيذ».
انخفاض أسعار البيض
ورغم المخاوف، حمل تقرير الجمعة بعض الأخبار السارة في ما يتعلق بالتضخم، فقد انخفضت أسعار الغذاء بالجملة بنسبة 2.1%، كما واصل التضخم الأساسي تباطؤه، وباستثناء فئتي الغذاء والطاقة –المعروف عنهما التقلب الكبير– تراجع مؤشر PPI الأساسي بنسبة 0.1% مقارنة بفبراير، ما خفّض المعدل السنوي إلى 3.3%، وهو أدنى مستوى منذ سبتمبر.
كما تراجعت أسعار البيض المدفوعة للمنتجين، وهو ما يعكس بعض الانخفاضات التي لاحظتها وزارة الزراعة الأميركية مؤخراً، فقد انخفضت أسعار البيض للاستخدام الطازج بنسبة 21.3% في مارس، لكنها لا تزال أعلى بنسبة 165.4% مقارنة بالعام الماضي، وفقاً لبيانات PPI.
ورغم أن مؤشر أسعار المنتجين لا يعكس دائماً الأسعار التي يدفعها المستهلكون، فإن مثل هذا التراجع يشير إلى احتمال انخفاض أسعار البيض في متاجر التجزئة قريباً.
ويُعد مؤشر PPI مقياساً للتغيرات المتوسطة في الأسعار التي يتقاضاها المنتجون مقابل السلع والخدمات، ويمكن أن يكون مؤشراً استباقياً لمستويات التضخم التي سيواجهها المستهلكون لاحقاً، كما أنه يخضع لمراقبة دقيقة حالياً للكشف عن الآثار الأولية للرسوم الجمركية الجديدة والمقترحة من قبل ترامب.
أسعار الصلب تبدأ بالارتفاع
شهد شهر مارس الشهر الثاني من فرض الرسوم الجمركية على السلع الصينية، والتي ارتفعت من 10% على جميع الواردات إلى 20% في أوائل مارس؛ كما دخلت الرسوم العالمية بنسبة 25% على واردات الصلب والألومنيوم حيز التنفيذ في 12 مارس.
وفي أبريل، رفع ترامب حدة إجراءاته، بما في ذلك فرض رسم عام بنسبة 10% على الواردات، ورسوم ضخمة بنسبة 145% على الواردات الصينية.
وقد أظهر تقرير PPI الصادر الجمعة بعض المؤشرات المبكرة على أن آثار الرسوم الجمركية بدأت في الظهور.
فقد قفزت أسعار مصانع الحديد والصلب بالجملة بنسبة 7.1% في مارس، وهي أكبر زيادة شهرية منذ أبريل 2021 عندما كانت سلاسل الإمداد تواجه ضغوطاً شديدة نتيجة التعافي السريع من الجائحة.
وكتب كلاشكين: «ارتفعت أسعار منتجات المعادن بشكل حاد في مؤشر PPI لشهر مارس، وهو ما يدل على أن الرسوم الجمركية على الصلب والألومنيوم بدأت تؤثر فعلياً، ومع تصاعد الرسوم مؤخراً، نتوقع أن نرى المزيد من الانعكاسات في بيانات PPI القادمة».