أكبر هيكل خشبي بإكسبو 2025.. اليابان تراهن العالم على مستقبل مستدام

أكبر هيكل خشبي بإكسبو 2025
أكبر هيكل خشبي بإكسبو 2025.. اليابان تراهن العالم على مستقبل مستدام
أكبر هيكل خشبي بإكسبو 2025

منذ افتتاح أول معرض عالمي في لندن قبل 174 عاماً، شكّلت معارض «إكسبو» فرصة للدول لعرض أعظم ابتكاراتها، لكن خلال العقود الأخيرة، لم تعد هذه المعارض تقتصر على الابتكار فحسب، بل أصبحت منصات دبلوماسية واستراتيجية للترويج الوطني.

ومع انطلاق إكسبو 2025 في أوساكا باليابان هذا الأسبوع، بعد ثلاث سنوات فقط من اختتام إكسبو دبي 2020 الذي تأخر بسبب جائحة كوفيد-19، يبرز المعماري الياباني سوجو فوجيموتو، المصمم الرئيسي للحدث، برؤية لا تركز على التقدم الصناعي أو العلمي، بل على مفهوم الوحدة في زمن يعصف فيه العالم بالانقسامات.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

يقول فوجيموتو في جولة نظمتها له شبكة CNN في موقع الحدث: «الوضع العالمي غير مستقر للغاية، وأعتقد أن هذه فرصة ثمينة لإظهار أن العديد من الدول يمكن أن تجتمع في مكان واحد لتفكر في مستقبلنا المشترك».

منصة عالمية تحت شعار «تصميم مجتمع المستقبل»

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

تسعى اليابان إلى استقبال نحو 28 مليون زائر حتى منتصف أكتوبر المقبل، في موقع يمتد على جزيرة صناعية تبلغ مساحتها 960 فداناً في خليج أوساكا. صمّم فوجيموتو هذا الموقع ليضم أكثر من 150 جناحاً تمثل تقنيات وتصاميم ومعارض متعددة الوسائط، تحت شعار «تصميم مجتمع المستقبل من أجل حياتنا».

ومن أبرز معالم المعرض «الحلقة الكبرى» التي صمّمها فوجيموتو، وهي هيكل خشبي دائري ضخم يزيد محيطه عن 1.2 ميل، يحيط بجزء كبير من أرض المعرض، الهيكل المصنوع من خشب الأرز الياباني والسرو، إضافةً إلى الصنوبر الاسكتلندي، حطم الرقم القياسي في موسوعة غينيس لأكبر هيكل معماري خشبي في العالم.

وحسب فوجيموتو، فإن الحلقة الكبرى لا تُعد رمزاً للوحدة فقط، بل أيضاً نموذجاً عملياً يُظهر إمكانية استبدال الخرسانة كثيفة الكربون بالخشب في العمارة المستدامة، كما توفر الحماية للزوار من المطر والشمس وتُستخدم كممر مشاة يربط بين أنحاء الموقع.

من التقاليد إلى التكنولوجيا.. الخشب في قلب الابتكار

رغم التحديات التقنية، خاصة على هذا النطاق، نجح فريق فوجيموتو في دمج تقنيات البناء الحديثة مع مفاصل خشبية تقليدية مستوحاة من معابد الشنتو اليابانية، ما تطلب اختبارات مكثفة لضمان المتانة ومقاومة الزلازل.

يشير فوجيموتو إلى أن اليابان تمتلك تاريخاً غنياً في العمارة الخشبية، خاصة بعد أن كشفت زلازل عامي 1891 و1923 عن هشاشة المباني الأوروبية من الطوب والحجر، وحتى اليوم، يتم بناء نحو 90% من المنازل اليابانية الخشبية وفق هذه التقاليد.

ويضيف المعماري: «لدينا تقاليد رائعة في البناء الخشبي، وحِرَف مذهلة تعود لأكثر من ألف عام، واليوم، يمكننا دمج هذه التقاليد مع التكنولوجيا الحديثة لصنع مستقبل معماري مستدام».

مصير «الحلقة الكبرى» يثير الجدل

رغم الإشادة بتصميم المعرض، لم يخلُ طريقه من العراقيل، فقد ارتفعت تكلفة الإنشاءات من 125 مليار ين (نحو 852 مليون دولار) إلى 235 مليار ين (1.6 مليار دولار)، كما واجهت السلطات المحلية صعوبة في تسويق التذاكر مسبقاً.

أما عن مصير «الحلقة الكبرى» بعد انتهاء الحدث، فلا يزال محل نقاش، يرى البعض أن تفكيكها سيقوّض رسالتها البيئية، وعلى الرغم من رغبة فوجيموتو في الإبقاء عليها، يدرك أن القرار سيعتمد على التمويل اللازم للصيانة أو إعادة الاستخدام.

وقال: «أود حقاً الحفاظ على هذا الهيكل؛ لأنه رائع ويمثل كيف يمكن لمجتمعنا أن يتعايش مع الطبيعة، وإذا تم تفكيكه، فأتمنى استخدام الخشب في مشاريع أخرى؛ لأن روح المواد يمكن أن تظل حية حتى بعد زوال البناء».

العودة إلى الطبيعة في تصميم معماري فريد

في قلب المعرض تقع «غابة السكون»، وهي مساحة مزروعة بنحو 1500 شجرة، من ضمنها أنواع محلية كبلوط اليابان وقيقب اليابان، إضافةً إلى أشجار نُقلت من حديقة تذكارية لإكسبو 1970، في رمز لاستمرارية التاريخ.

تصميم فوجيموتو يعبّر عن فلسفته المعمارية التي يطلق عليها «المستقبل البدائي»، والتي تركز على العلاقة بين الإنسان والطبيعة والتصميم، وتُعزى هذه الرؤية إلى نشأته وسط الطبيعة في جزيرة هوكايدو.

وفي مقارنة بين إكسبو 1970 وإكسبو 2025، قال «إن سقف كينزو تانغي في إكسبو السابق عبّر عن التكنولوجيا والصناعة، أما الحلقة الخشبية الحالية فهي رمز للاستدامة»، كما أشار إلى تحوّل المجتمع الياباني إلى الانغلاق، مضيفاً: «المعرض فرصة لإعادة ربط الثقافة اليابانية بالعالم».