تعريفات جمركية هنا وهناك تارة من إدارة الرئيس دونالد ترامب، وتارة من شركائه التجارين، وكأن المشهد يشبه مزاداً وعلى الأقوى أن يزيد أرقام رسومه ليستعرض عضلاته، لكن السؤال هنا لمن بدأ فتح هذا المزاد؛ أي إلى ترامب، ترى ماذا يريد الرئيس الجمهوري؟ لكن عند البحث عن الإجابة قد لا نجد جواباً صريحاً من البيت الأبيض، لذا، كل ما يمكننا فعله هو النظر إلى ما تفعله الإدارة بالفعل. حتى الآن، تبدو خطة ترامب للرسوم الجمركية أشبه بإشعال النار في الحي والوقوف في الخارج مع شاحنة إطفاء كبيرة، في انتظار اصطفاف الناس وطلب المساعدة.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
وليس هناك ما يشير إلى أن الاستراتيجية تذهب إلى أبعد من ذلك، على الرغم من مخطط الإدارة الخيالي والبلاغي إلى حد كبير حول إعادة التصنيع إلى الولايات المتحدة.
قال أستاذ الاقتصاد في كلية لندن للأعمال، خوسيبا مارتينيز: «ستقول الإدارة إن أحد أهداف استراتيجيتها الاقتصادية الكبرى هو إعادة التصنيع في أميركا»، فإذا كان هذا هو الهدف، فإن السياسة الاقتصادية غير متسقة داخلياً.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
كيف ذلك؟
يتلخص التناقض في الآتي: يمكن للرسوم الجمركية أن تكون مثل العصا؛ أي وسيلة ضغط في محادثات التجارة، أو أن تُجبر الشركات على نقل عملياتها إلى أميركا، لكنها لا تستطيع القيام بالأمرين في آنٍ واحد.
فبمجرد البدء بعقد الصفقات، تفقد هذه العصا قوتها، سيدرك قادة الصناعة بسرعة ما يحدث، وبدلاً من إنفاق المليارات على تقويض سلاسل التوريد الخاصة بهم، سيعملون جاهدين للتوصل إلى نوع من الإعفاء.
عندما أوقف ترامب رسومه الجمركية الأكثر صرامة لمدة 90 يوماً قبل أسبوعين، دخل رسمياً في حالة «لنعقد صفقة».
بدأ الأمر بأجهزة آيفون التي حُدد سعرها بأكثر من الضعف بموجب رسوم ترامب الجمركية البالغة 145 في المئة على الصين.
لكن الرئيس التنفيذي لشركة أبل، تيم كوك، اتصل بالبيت الأبيض، وسرعان ما حصل على مهلة، وفقاً لتقارير صحيفة نيويورك تايمز.
لاحظت شركات أخرى ذلك، وسرعان ما تسابق الرؤساء التنفيذيون وجماعات الضغط لإثبات أن اقتصادهم المحترق يستحق بعض الماء.
ويوم الاثنين، زار الرؤساء التنفيذيون لشركات وول مارت، وتارجت، ولو، وهوم ديبوت البيت الأبيض لمناقشة الرسوم الجمركية، حسب ما قال مسؤول في البيت الأبيض لزملائي في شبكة CNN.
كما سعت جماعات الضغط من مختلف الشركات الأميركية جاهدةً لجذب انتباه الرئيس.
ومع ذلك، وكما أشارت بوليتيكو هذا الأسبوع، فإن العديد من هؤلاء الأشخاص يواجهون عقبة، ليس لأن ترامب ملتزم أيديولوجيا بإعادة وظائف التصنيع، لكن لأن البيت الأبيض فشل في وضع آلية رسمية تسمح للشركات بعرض قضيتها.
قال ممثل تجاري وثيق الصلة بإدارة ترامب لصحيفة بوليتيكو: «هناك شخص واحد فقط يمكنه حقاً الموافقة على هذا الإعفاء، وهو الرئيس»، وأضاف: «لذا، إذا لم تكن شركة قادرة على الهمس في أذن الرئيس أو القيام برحلة إلى مار إيه لاغو والقيام بذلك بشكل مقنع، فأنت نوعاً ما معزولة عن العملية في الوقت الحالي».
لماذا يُمثل أي من هذا مشكلة؟
أولاً: هناك احتمال واضح للفساد، ثانياً: رُفضت رواية ترامب الشعبوية بشأن التعريفات الجمركية (أو على الأقل النسخة التي روّج لها الأكاديمي المفتقر للمصداقية والمساهم في مشروع 2025، بيتر نافارو)، وثالثاً: إن الاستراتيجية المتبعة حتى الآن هي مجرد استراتيجية دون نهاية واضحة.
بعد توقف ترامب عن فرض التعريفات الجمركية في 9 أبريل نيسان، سارع مساعدوه إلى انتقاد وسائل الإعلام ومنتقدي الإدارة لعدم فهمهم للنقطة الأساسية.
كتب كبير مستشاريه، ستيفن ميلر، على قناة إكس: «لقد شاهدتم أعظم استراتيجية اقتصادية بارعة من رئيس أميركي في التاريخ».
وقالت السكرتيرة الصحفية كارولين ليفيت: «من الواضح أن الكثير منكم في وسائل الإعلام أغفل فن إبرام الصفقات، وأنكم لم تروا بوضوح ما يفعله الرئيس ترامب هنا».
إدارة ترامب غير محددة الوجهة
ربما الإدارة ليست واضحة تماماً بشأن أهدافها الاقتصادية، فلقد وجّه ترامب نفسه رسائل متضاربة حول أجندته آخرها يوم أمس، عندما أخبر الصحفيين في المكتب البيضاوي أنه لن «يتعامل بقسوة» مع الصين، الدولة التي فرض عليها ضرائب استيراد بنسبة 145 في المئة.
إذا كانت وسائل الإعلام في حيرة من أمرها، فربما يكون المفاوضون التجاريون كذلك، ووفقاً لبلومبيرغ، غادر المفوض التجاري للاتحاد الأوروبي اجتماعات واشنطن الأسبوع الماضي «دون وضوح يُذكر بشأن الموقف الأميركي».
ولم يُبرم اتفاق مع اليابان، كان يبدو وشيكاً الأسبوع الماضي، وتشير رويترز إلى أن «رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا أعرب عن قلقه البالغ» إزاء اتساق الرسوم الجمركية الأميركية الأخيرة.
حتى لو تمكنت الإدارة من إبرام سلسلة من الصفقات، فإن ذلك لن يُخمد سوى الحرائق التي أشعلتها، ولن يُصلح الضرر الذي أحدثته رسوم ترامب الجمركية بالفعل.
في تقرير مُقلق، توقع صندوق النقد الدولي تباطؤاً حاداً في النمو الاقتصادي، لا سيما في الولايات المتحدة، مع دخولنا حقبة جديدة «يُعاد فيها ضبط النظام الاقتصادي العالمي الذي عمل على مدار الثمانين عاماً الماضية».
قال دي جي دي-سول، المعروف أيضاً باسم ديفيد سولومون، الرئيس التنفيذي لشركة غولدمان ساكس لشبكة سي إن بي سي يوم الثلاثاء: «مستوى عدم اليقين مرتفع للغاية، وهو أمر غير مُجدٍ، سيكون له تأثير على نمو الاقتصاد، وسنرى ذلك، في رأيي، سريعاً نسبياً».
(CNN،أليسون مورو)