يتوقع عدد من محللي الطاقة والنفط أن يسهم قرار الإدارة الأميركية بفرض رسوم جمركية جديدة على السفن الصينية، في خطوة تُعدّ تصعيداً كبيراً في الحرب التجارية مع الصين، في اضطراب سلاسل التوريد وسوق النفط العالمي.
في أبريل 2025، أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية جديدة على السفن الصينية، في خطوة تُعدّ تصعيداً كبيراً في الحرب التجارية مع الصين، حيث ستبدأ الرسوم بمقدار 18 دولاراً لكل طن صافٍ للسفن الصينية، مع زيادة سنوية قدرها 5 دولارات على مدى السنوات القادمة، لتدخل تلك الرسوم حيز التنفيذ بعد 180 يوماً من الإعلان، أي في أكتوبر 2025.
يقول ديفيد جوربناز، المتخصص في أسواق النفط، ومحلل أسواق النفط في ICI، لـ«CNN الاقتصادية»، إن قرار الإدارة الأمريكية بفرض رسوم جمركية على السفن الصينية سيؤدي إلى اضطراب سلاسل التوريد والخدمات اللوجستية، حيث قد تُثني الرسوم الجمركية على السفن الصينية عن المشاركة في طرق شحن النفط المرتبطة بالولايات المتحدة، وخاصة النفط الخام والمنتجات المكررة والغاز الطبيعي المسال، وهو ما سيؤدي لتغيير مسارات السفن لتجنب الموانئ الأمريكية، وتأخير في عمليات التسليم، وخاصة صادرات النفط الخام الأميركي إلى آسيا، و إجراءات انتقامية محتملة من الصين، ما يُقلل الطلب على النفط الأميركي».
وأضاف جوربناز، أن الرسوم الأميركية قد تسهم في تجزئة السوق وتُصبح تدفقات التجارة العالمية أكثر تجزئة إقليمياً، حيث قد يعتمد المُصدّرون الأميركيون بشكل أكبر على ناقلات النفط غير الصينية والمشترين البدلاء، بينما قد تتجه مصافي التكرير الصينية إلى موردين خارج نطاق الرسوم الجمركية (مثل الشرق الأوسط وإفريقيا وروسيا).
ويقول المتخصص في أسواق النفط، ومحلل أسواق النفط في ICI، إن الرسوم قد تؤدي أيضاً إلى تزايد عدم اليقين في لوجستيات النفط إلى علاوة مخاطر في الأسعار، خاصة إذا اعتُبرت الرسوم الجمركية مؤشراً على تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، حيث انخفاض مشاركة الصين في عمليات نقل النفط الخام قد يُسبب اضطرابات إقليمية ملحوظة، إذ تسيطر الشركات الصينية على ما يقارب 15-20 في المئة من الأسطول العالمي لناقلات النفط الخام العملاقة.
ويضيف جوربناز، أن الأسطول الأميركي لن يكون كافياً لتلبية الاحتياجات اللوجستية المحلية والتصديرية للنفط الخام الأميركي، إذ تعتمد التجارة الدولية والأميركية بشكلٍ كبير على ناقلات النفط التي تحمل أعلاماً أجنبية، بما في ذلك ناقلات النفط من الصين واليونان وكوريا الجنوبية والنرويج».
ويقول المتخصص في أسواق النفط، ومحلل أسواق النفط في ICI، إن الرسوم الأميركية قد تزيد انخفاض توفر ناقلات النفط الصينية إلى تقليص العرض، وخاصة للرحلات الطويلة، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار لا سيما في قطاعي ناقلات النفط العملاقة جداً (VLCC)، لتؤدي الرسوم إلى ارتفاع تكاليف شحن النفط من خلال تأثيرات مباشرة ومتتالية على سوق ناقلات النفط العالمية.
ويرى راجات كابور، مدير شؤون النفط والغاز في شركة سينرجي للاستشارات، أنه من المتوقع أن يُحدث قرار الإدارة الأمريكية بفرض رسوم جمركية باهظة على السفن الصينية، سواء المملوكة أو المصنعة في الصين، التي ترسو في الموانئ الأميركية، اضطراباً حاداً في تجارة النفط العالمية، وخاصة تدفق البضائع من آسيا إلى أمريكا الشمالية.
ويقول كابور، إن الرسوم الأميركية على السفن الصينية ستدفع مستأجري ناقلات النفط إلى تفضيل ناقلات النفط التي ترفع علم كوريا الجنوبية على الناقلات الصينية، حتى لو تطلب ذلك دفع رسوم أعلى، ما قد يُؤثر هذا التغيير في تفضيلات الشحن تأثيراً بالغاً في أنماط التجارة الراسخة، وأيضاً قد يُؤدي هذا إلى تحديات في طرق بحرية استراتيجية أخرى مثل بحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي، والتي تُعتبر حيوية لنقل النفط. في عام 2023، عبر نحو 35 في المئة من شحنات النفط العالمية بحر الصين الشرقي.
ويتوقع مدير شؤون النفط والغاز في شركة سينرجي للاستشارات، ارتفاعاً في تكاليف استئجار السفن والشحن، حيث يقدّر مجلس الشحن العالمي أن الرسوم الجمركية قد تُضيف ما بين 150 و300 دولار أميركي لكل حاوية تُشحن من الصين إلى الساحل الغربي للولايات المتحدة، إذ من المرجح أن تُسبب هذه الزيادات في التكاليف اضطرابات في سلسلة التوريد العالمية، حيث يُترجم ارتفاع أسعار الشحن إلى ارتفاع أسعار النفط والمنتجات البترولية للمستهلكين النهائيين.