مع استمرار رفع أسعار الفائدة، كيف يمكن لذلك أن يكون جيداً بالنسبة للأسواق؟

في الوقت الذي تتوق فيه «وول ستريت» إلى إنهاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي دورة رفع الأسعار العنيفة التي تعاني منها الأسواق، والتي نالت بطبيعة الحال من معنويات المستثمرين، هناك احتمال ضئيل بحدوث توقف مؤقت في رفع أسعار الفائدة.

ظلت سوق الأسهم مرنة خلال العام الجاري، بعد عام 2022 الوحشي الذي عصفت به بعض الأحداث بداية من التضخم المستمر، وصولاً إلى رفع الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة، وإغلاق الجائحة، والتوترات الجيوسياسية.

ظل المستثمرون في حالة تأهب قصوى بانتظار علامات تدل على أن البنك المركزي قد يتخلى عن رفع أسعار الفائدة.

رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة للمرة العاشرة على التوالي في مايو أيار بنحو ربع نقطة، كما فتح الباب أمام توقف مؤقت، ما يسرع من المراهنات على أن إمكانية الإبقاء على أسعار الفائدة ثابتة في اجتماعه المقبل في يونيو حزيران، ويخفض أسعار الفائدة في أقرب وقت في يوليو تموز.

لكن الخبراء يقولون إن بنك الاحتياطي الفيدرالي ربما لن يخفض أسعار الفائدة قريباً، على الأقل إذا ظل الاقتصاد في حالة مضطربة، خاصة بعد توقف كل المراهنات في حالة تخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها.

والغريب في الأمر أنهم قالوا إن ثبات سعر الفائدة قد يكون أفضل من خفضها بالنسبة إلى الأسهم.

هل يخفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة قريباً؟

يقول الخبراء إن بنك الاحتياطي الفيدرالي لن يخفض أسعار الفائدة في المستقبل القريب؛ نظراً لسببين رئيسين، هما ثبات نسب التضخم، ومحافظة الاقتصاد على قوته.

على الرغم من استقرار الأسعار، كان التضخم أعلى بكثير من هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المئة.

وارتفع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي، وهو مقياس التضخم المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي، بنسبة 4.2 في المئة لمدة 12 شهراً المنتهية في مارس آذار.

من جهتها، بلغت البطالة الأميركية مستوىً قياسياً منخفضاً، كما يشهد سوق الإسكان الأميركي تباطؤاً، لكن انخفاض المخزون والطلب المستمر يدفعان أسعار المساكن إلى الارتفاع.

بمعنى آخر، لا يوجد شيء الآن في الأوضاع الاقتصادية يمكنه إقناع الاحتياطي الفيدرالي بالتركيز على خفض أسعار الفائدة.

قالت كبيرة مسؤولي الاستثمار في «كيسترا إنفستمينت مانجمنت» كارا مورفي، «من النادر أن يخفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة دون حدوث أزمة ما».

وكان بنك الاحتياطي الفيدرالي قد خفض أسعار الفائدة آخر مرة بعد اجتماع طارئ في مارس آذار 2020، عندما دفعت جائحة «كوفيد-19» الأسواق الأميركية إلى أول هبوط لها منذ 11 عاماً، وأثار الذعر من الركود الذي قد ينال من الاقتصاد العالمي.

وأثار انهيار بنوك «وادي السيليكون»، و«سيغنتشر»، و«فيرست ريبابليك»، هذا العام، مخاوف من إمكانية مواجهة القطاع المصرفي للمزيد من الاضطرابات.

لكن بعد احتواء الاضطرابات إلى حد كبير في البنوك الإقليمية، أكد القادة الماليون والاقتصاديون أن القطاع المصرفي يحافظ على استقراره.

تقول كبيرة محللي الاستثمار في «تشارلز شواب»، ليز آن سوندرز، «إن مرور القطاع المصرفي بمنعطف خطير نحو الأسوأ، أو انهيار داخلي في سوق العمل أو هبوط مماثل للاقتصاد، حينها فقط سيدفع البنك المركزي لخفض أسعار الفائدة في يوليو تموز».

وأضافت «سيفقد بنك الاحتياطي الفيدرالي المصداقية إلى خفض أسعار الفائدة بدون سبب».

هل تستفيد الأسهم من خفض أسعار الفائدة؟

إذا قرر بنك الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة قريباً، يُظهر التاريخ أن الأسهم تميل إلى الأداء الفاتر بعد التحول المحوري إلى تخفيضات أسعار الفائدة مقارنة بالتوقف المؤقت.

قال «كريدي سويس» في مذكرة 9 مايو أيار إن مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» ارتفع بنسبة 16.9 في المئة في المتوسط في الاثني عشر شهراً التي أعقبت الارتفاع الأخير لسعر الفائدة، وانخفض بنسبة 1 في المئة خلال الاثني عشر شهراً التي أعقبت خفض أسعار الفائدة لأول مرة.

قال المحللون إنه بافتراض أن زيادة سعر الفائدة التي حدثت في 3 مايو أيار كانت الأخيرة في هذه الدورة، فمن المفترض أن تؤدي الأسهم أداءً جيداً خلال الفترة المتبقية من العام، ومع ذلك فإن خفض أسعار الفائدة قبل الأوان يمكن أن يكون له عواقب وخيمة على الاقتصاد.

بين عامي 1972 و1974، رفع رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي آنذاك، آرثر بيرنز، أسعار الفائدة بشكل كبير، ثم خفضها مرة أخرى مع تقلص الاقتصاد.

عندما ارتفع التضخم في وقت لاحق، اتخذ الاحتياطي الفيدرالي بقيادة بول فولكر إجراءات صارمة لرفع أسعار الفائدة لترويضها. وتجاوزت معدلات الفائدة الفعلية على أموال الاحتياطي الفيدرالي 22 في المئة بحلول ذروتها في يوليو تموز 1981، وارتفعت معدلات البطالة إلى 10 في المئة.

اعترف باول بالخطأ في خطاب ألقاه في أغسطس آب الماضي في جاكسون هول، وأشار بنك الاحتياطي الفيدرالي منذ ذلك الحين إلى أنه من المحتمل ألا يخفض أسعار الفائدة هذا العام، وأعاد تأكيد التزامه بخفض التضخم.

وقال رئيس الأسهم الأميركية في «أموندي»، ماركو بيرونديني «إنني لا أعتقد أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيكون في عجلة من أمره لخفض أسعار الفائدة هذه المرة».

هذا لا يعني أن خفض سعر الفائدة الفيدرالي هذا العام خارج نطاق التوقعات تماماً، وفقاً لنائبة الرئيس الأول في مجموعة «ويلث إنهانسمنت»، نيكول ويب.

وأضافت أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيرغب في نهاية المطاف في خفض أسعار الفائدة مرة أخرى، ولكن من المحتمل ألا يفعل ذلك بالوتيرة التي رفعها بها خلال العام الماضي، قائلة «يمكنهم الخفض ببطء إلى 2.5 في المئة دون أن يرفع وحش التضخم رأسه القبيح مرة أخرى، وأنا أعتقد أن ذلك ممكن».

(كريستال هور – CNN)