توقعت شركة كوليرز للاستشارات العقارية في تقريرها أن «تشهد سوق العقارات في الهند نشاطاً متزايداً في عام 2024 بسبب ارتفاع الطلب»، وذكر التقرير أن التدفقات الأجنبية شكّلت 77 في المئة من إجمالي الاستثمارات في القطاع العقاري الهندي بين عامي 2019 و2023، ما يشير إلى «استمرار الثقة» في القطاع.

وأوضح التقرير أن متوسط إجمالي الاستثمار السنوي في هذه الفترة بلغ 5.1 مليار دولار، من بينها 4 مليارات دولار في صورة تدفقات أجنبية.

وحصل قطاع المكاتب على أعلى متوسط تدفق (ملياري دولار)، يليه قطاع البدائل (0.5 مليار دولار)، ثم الصناعة والخدمات اللوجستية والسكنية والوحدات متعددة الاستخدامات (0.4 مليار دولار لكل منها).

ووفقاً لتقرير منفصل من «جي إل إل»، سجل الطلب على الوحدات المكتبية في الهند مستوى قياسياً في عام 2023، إذ ارتفع نشاط التأجير خلال العام ليشمل نحو 63 مليون قدم مربعة، محطماً جميع الأرقام القياسية السابقة، وكان النصف الثاني من العام قوياً بشكل خاص، وتركز الطلب في قطاعات التصنيع الهندسة والخدمات المالية والتكنولوجيا.

وأضاف تقرير كوليرز أن نسبة الطلب على المكاتب المستدامة في الهند وصلت إلى 50 في المئة.

وانعكست زيادة أنشطة التسوق بين الهنود في عام 2023 بشكل إيجابي على القطاع العقاري، إذ بلغت مساحة تأجير عقارات التجزئة في مراكز التسوق والشوارع الرئيسية أكثر من 7 ملايين قدم مربعة، وهو أعلى مستوى خلال عقد.

وقال تقرير كوليرز «بينما تستمر المكاتب في كونها الأصول المفضلة للمستثمرين، نتوقع أن تشهد العقارات السكنية اهتماماً كبيراً في الفترة المقبلة».

أبرز الجنسيات

وقال أكاش أوهري، المدير التنفيذي لمجموعة دي إل إف العقارية، وهي أكبر شركة عقارية مدرجة في الهند، في اتصال مع «CNN الاقتصادية» إنه خلال السنة المالية 2022-2023 وحدها، حققت مجموعته مبيعات تجاوزت 2000 كرور روبية هندية (أكثر من 260 مليون دولار أميركي) من مستثمري الهنود غير المقيمين، وهو ما يشكل نحو 14 في المئة من إجمالي المبيعات.

وتصدر العملاء من دول الخليج والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وسنغافورة قائمة المستثمرين.

وأشار أوهري أن إلى أنه في أحدث مبيعات الشركة، جاءت 25 في المئة من المبيعات (نحو 1800 كرور روبية) من الهنود غير المقيمين، مع زيادة ملحوظة في الطلبات من الولايات المتحدة وكندا وجنوب شرق آسيا ودول مجلس التعاون الخليجي، واللافت أن هذا المشروع استقطب مشترين من مناطق متنوعة، بما في ذلك تنزانيا وكينيا.

كما أوضح أنه خلال الأرباع الثلاثة الأولى من السنة المالية 2024/2023، بلغت مساهمة مبيعات الهنود غير المقيمين نحو 20 في المئة من إجمالي المبيعات

ووفقاً للبيانات الواردة في تقرير كوايرز، تعد الولايات المتحدة وكندا المصدرين الرئيسيين لرأس المال الأجنبي في قطاع العقارات الهندي، مع وجود اهتمام متزايد من دول آسيا والمحيط الهادئ وسنغافورة، وهونغ كونغ، وكوريا الجنوبية، واليابان.

وتضاعفت التدفقات النقدية من منطقة آسيا والمحيط الهادئ خلال الأعوام الأخيرة لتصل إلى 1.8 مليار دولار في عام 2023 مقارنة بـ0.9 مليار دولار فقط في عام 2019. وفي عام 2023، كانت التدفقات الواردة من المنطقة أعلى بنسبة 57 في المئة.

أما المستثمرون من دول آسيا والمحيط الهادئ فقد خصصوا 70 في المئة من استثماراتهم في الهند في المساحات المكتبية، على الرغم استمرار اهتمامهم بالأصول السكنية والصناعية والتخزينية.

لماذا يهتم غير المقيمين بالسوق الهندية؟

بحسب أوهري، زاد عدد الهنود غير المقيمين الذين يتطلعون إلى شراء منازل في الهند بشكل كبير خلال السنوات الثلاث الماضية.

وقال «إن النظام الضريبي المبسط، وفوائد الفهرسة للممتلكات المحتفظ بها في الهند، وتقلبات العملة المواتية، ورقمنه الإجراءات، والتنظيمات الشفافة هي بعض الأسباب التي تجذبهم إلى استثمار فائض أموالهم في الهند».

وأضاف «تقف العقارات الهندية شامخة كمنارة للفرص، ومن المقرر أن تحتل موقع الصدارة كفرصة استثمارية مفضلة للهنود غير المقيمين في الوطن».

وفي العامين الماضيين، زادت قدرة الشركة على استقطاب المستثمرين الهنود غير المقيمين من نحو 5 في المئة إلى ما يقرب من 20 في المئة.

وتعليقاً على ذلك، قال أوهري «كان هناك تغيير كبير في سوق العقارات السكنية منذ بداية الجائحة، هذه الفترة جلبت فئة جديدة من المستثمرين لم يكونوا يفكرون في السابق في شراء أي عقارات، ونتيجة لذلك شهدت السوق إقبالاً كبيراً من مشتري المنازل لأول مرة، وكل من يملك منزلاً قرر شراء منازل أفضل مع مساحة أكبر ووسائل راحة ومرافق محسنة، وشهد القطاع المتميز والفاخر الطلب الأكبر، مقارنة بأداء هذه القطاعات سابقاً».

وذكر أن الطلب اليوم امتد ليشمل جميع المناطق وأنواع العقارات، وخاصة قطاع العقارات الفاخرة والمشاريع التي توفر وسائل الراحة والمرافق ذات المعايير العالمية.

طلب على العقارات الفاخرة

كشف استطلاع توقعات الرفاهية السنوي لعام 2024 الذي أجرته شركة سوثبي إنترناشيونال ريالتي في الهند عن تفاؤل اقتصادي قوي بين الأفراد متوسطي الثراء والفئات الأعلى ثراءً، إذ أعرب 79 في المئة عن ثقتهم في المسار الإيجابي للاقتصاد الهندي خلال السنة المالية 2024/2023، مقارنة بـ59 في المئة العام الماضي.

على الرغم من ارتفاع أسعار العقارات بنسبة 40 في المئة تقريباً على مدار الأشهر الـ24 الماضية وزيادة معدلات الرهن العقاري، أعرب 71 في المئة عن عزمهم شراء العقارات خلال الأشهر الـ12 إلى 24 القادمة، ما يظهر ثقة كبيرة في السوق.

وبصرف النظر عن المساكن الرئيسية، عرض المشاركون مجموعة متنوعة من الأصول العقارية، حيث يمتلك 34% منهم عقارات تجارية، مقابل 25% يمتلكون بيوت عطلات، و21% أراضٍ زراعية، و20% بيوت مَزارع.

وفي نتائج إيجابية أخرى، قال 35% من مشتري منازل العطلات إن ولاية غوا الهندية هي وجهتهم المفضلة، وظلت الرغبة في الاستثمارات العقارية في الخارج مستقرة عند 12 في المئة، مع احتفاظ دبي والولايات المتحدة الأميركية بمكانتيهما كأفضل الخيارات.

المواقع المفضلة

رغم أن المدن الكبرى مثل نيو دلهي و مومباي وبنغالور كانت دائماً الخيار المفضل للهنود غير المقيمين في الهند، فقد وضع المستثمرون أنظارهم في الآونة الأخيرة على المدن الناشئة مثل شانديغار وبانتشكولا وغوا وكوتشي، باعتبارها وجهات ذات كثافة منخفضة.

وتثير مدينة غوروغرام القريبة من العاصمة اهتمام الهنود الذين يعيشون خارج الهند بشكل كبير، كونها مدينة تم اعتمادها كأحدث مركز في الهند لمقرات الشركات، ومع ازدهار بعض العقارات التجارية والسكنية الأكثر تكلفة في العقدين الماضيين، فإنها تجتذب اليوم الأثرياء من جميع أنحاء الهند والعالم.