المرأة المصرية في الاقتصاد.. رحلة نضال نحو التمكين والاستدامة

المرأة المصرية في الاقتصاد: رحلة نضال نحو التمكين والاستدامة. (أ ف ب)
المرأة المصرية في الاقتصاد: رحلة نضال نحو التمكين والاستدامة
المرأة المصرية في الاقتصاد: رحلة نضال نحو التمكين والاستدامة. (أ ف ب)

في يوم المرأة العالمي، تتجه الأنظار إلى النساء في مصر، اللواتي يقفن في صدارة مشهد التغيير الاقتصادي والاجتماعي، رغم التحديات المتراكمة.

من رائدات الأعمال إلى العاملات في القطاعات غير الرسمية، تسطر المرأة المصرية فصلاً جديداً من قصص النجاح، مدعومة بمبادرات محلية وإقليمية تهدف لتعزيز مشاركتها الاقتصادية.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

المشهد بالأرقام: أين تقف المرأة المصرية في دائرة الإنتاج؟

تلعب المرأة دوراً حيوياً في الاقتصاد المصري، ليس فقط كمساهمة في سوق العمل، ولكن كعنصر أساسي في استقرار ونمو الأسر والمجتمعات في الربع الثالث من 2024. وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (CAPMAS)، تشكل النساء نحو 18.2 في المئة من القوى العاملة مع تزايد ملحوظ في مشاركتهن بالقطاعات غير الرسمية للسيدات، إذ إن 60 في المئة من النساء في القطاع غير الرسمي لا يتمتعن بأي تغطية تأمينية أو صحية.

وتترك 38 في المئة من النساء العاملات وظائفهن بسبب غياب نظم دعم الأمهات في أماكن العمل.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

ورغم ذلك، تُسهم النساء بنسبة تقارب 22 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي من خلال أنشطتهن الإنتاجية والمشروعات الصغيرة، إلا أن هذه المساهمة يمكن أن تتضاعف إذا أُزيلت العقبات الهيكلية، وتُظهر تقديرات البنك الدولي أن مضاعفة مشاركة المرأة قد ترفع نمو الاقتصاد المصري بنسبة 34 في المئة بحلول 2030.

ريادة الأعمال: أمل النمو الاقتصادي

حققت النساء تقدماً في مجالات التكنولوجيا وريادة الأعمال الرقمية من خلال إطلاق شركات ناشئة تنافس على المستوى الإقليمي والدولي، إذ ارتفعت نسبة حصول النساء على التمويل الأصغر إلى 60 في المئة، ما يعكس تزايد ثقة البنوك في قدرة النساء على تحقيق النجاح الاقتصادي، وفقاً لما أوردته وزارة التضامن.

رغم ذلك، تواجه 58 في المئة صعوبة في الوصول إلى التمويل الرسمي، ما يدفع 70 في المئة للاعتماد على التمويل الذاتي أو غير الرسمي، وفقاً للمعهد القومي للتخطيط وتقرير آخر لماستركارد.

ساعدت برامج مثل «رائدات النيل» و«تمكين المرأة» العديد من النساء على إطلاق مشروعات ناجحة رغم التحديات.

حسنت برامج الشمول المالي مثل مبادرة البنك المركزي من مشاركة المرأة، ولكن لا تزال المرأة المصرية تواجه عوائق مؤسسية تحدّ من مشاركتها الاقتصادية، إذ إن 35 في المئة فقط من النساء يمتلكن حسابات مصرفية.

وفقاً لدراسة ماستركارد، ترى 38 في المئة من النساء أنفسهن رائدات أعمال، بينما تفكر 77 في المئة في بدء مشاريعهن الخاصة، ترتفع إلى 83 في المئة بين جيل زد.

بالإضافة إلى المشاريع التجارية الرسمية، لدى نصف النساء المصريات عمل جانبي لكسب دخل إضافي خارج وظيفتهن الرئيسية، وترتفع هذه النسبة إلى 59 في المئة بين نساء جيل إكس، بالنسبة للعديد من النساء، يُلهمهن السعي لزيادة الدخل (60 في المئة)، الادخار لهدف معين (52 في المئة)، وتحقيق الاستقلال المالي (45 في المئة) لبدء رحلتهن الريادية.

أكثر الأسباب شيوعاً لبدء العمل بين رائدات الأعمال في مصر هي: الرغبة في تحقيق الحلم (48 في المئة)، أو امتلاك فكرة رائعة أردن تنفيذها (39 في المئة)، وقالت 37 في المئة من النساء إنهن يسعين للتحرر من هياكل العمل التقليدية، والنسبة نفسها أرادت تحقيق توازن أفضل بين الحياة الشخصية والعمل.

ويتصدر التعليم (24 في المئة) قائمة القطاعات الأكثر رغبة لدى النساء في مصر لبدء الأعمال، ويليه مستحضرات التجميل (20 في المئة)، والتسويق والإعلان والعلاقات العامة وأبحاث السوق بنسبة 17 في المئة.

نحو مستقبل أكثر شمولية واستدامة

رغم الإنجازات، تواجه النساء عوائق متعددة، من محدودية الوصول إلى التمويل، إلى القوانين العمالية التي تحتاج لمزيد من التحديث لتناسب احتياجات المرأة العصرية، الثقافة المجتمعية تلعب دوراً مزدوجاً، أحياناً داعمة، وأحياناً أخرى عائقاً أمام الطموحات، ما يجعل من الضروري تعزيز حملات التوعية بأهمية الدور الاقتصادي للمرأة.

السياسات المستقبلية يجب أن تركز على ثلاثة محاور رئيسية لتحقيق نقلة حقيقية في التمكين الاقتصادي للمرأة، أولاً، الإصلاحات التشريعية التي تضمن حقوق المرأة في بيئة العمل، مثل تعديل قوانين العمل لتشمل إجازات أمومة مدفوعة الأجر، وإنشاء آليات لدعم رعاية الأطفال.

ثانياً، دعم التمويل المبتكر من خلال تعزيز منصات التمويل الجماعي وبرامج القروض الصغيرة الموجهة خصيصاً للنساء، لتسهيل دخولهن سوق العمل الحر وريادة الأعمال.

وأخيراً، التدريب والتأهيل عبر إطلاق برامج وطنية تركز على تنمية المهارات الرقمية وإدارة الأعمال، بما يتماشى مع احتياجات السوق المتغيرة، ما يمنح المرأة الأدوات اللازمة لتحقيق الاستقلالية المالية والمساهمة الفاعلة في الاقتصاد.

المرأة المصرية ليست فقط جزءاً من معادلة النمو، بل هي محرك أساسي للابتكار والاستدامة، في يوم المرأة العالمي، لا يكفي الاحتفاء بالإنجازات، بل يجب تحويل الأضواء إلى الفرص غير المستغلة، والعمل على تعزيز دور المرأة كصانعة قرار، ومستثمرة في مستقبل أكثر إشراقاً لمصر والمنطقة.