تقرير: طرد الموظفين ذوي «الأداء الضعيف» يضر بالأرباح والابتكار

تفيد أبحاث بأن سياسة طرد من يُسمون بـ"ضعيفي الأداء" لا ترفع الكفاءة كما يظن البعض، بل تؤثر سلباً على الابتكار والعوائد. (شترستوك)
تقرير: طرد الموظفين ذوي «الأداء الضعيف» يضر بالأرباح والابتكار
تفيد أبحاث بأن سياسة طرد من يُسمون بـ"ضعيفي الأداء" لا ترفع الكفاءة كما يظن البعض، بل تؤثر سلباً على الابتكار والعوائد. (شترستوك)

في عام 2025، أصبح تسريح الموظفين الذين يُصنفون بأنهم «ذوو أداء ضعيف» شعاراً متكرراً بين كبار المديرين في الشركات الأميركية.

إذ قامت شركات مثل فيسبوك ومايكروسوفت، وإيلون ماسك بطرد آلاف الموظفين تحت ذريعة «تحسين الأداء» ورفع معايير الكفاءة.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

حين أعلن مارك زوكربيرغ عن فصل نحو 4 آلاف موظف كان الهدف «التخلص من ضعيفي الأداء» وضمان وجود أفضل الكفاءات في الفرق، وفق تقرير بيزنس إنسايدر.

وفي الوقت ذاته، طُبقت مايكروسوفت نظام «التصنيف والتصفية» حيث فُصل العديد من الموظفين، بينما قام إيلون ماسك بطرد آلاف العاملين الفيدراليين الذين زعم عدم تحقيقهم معايير الأداء، رغم أن بعضهم كان قد حصل على تقييمات إيجابية.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

آثار الخوف على الأداء

يشير آدم غرانت، عالم النفس التنظيمي وأستاذ إدارة في مدرسة وارتون، إلى أن مثل هذه السياسات تهدف إلى خلق «مساءلة أكبر»، لكنها في الواقع تولد ثقافة من الخوف وعدم اليقين.

يوضح غرانت أن «هذه القرارات قصيرة النظر تؤدي إلى انخفاض معنويات الموظفين، وتزيد معدل دورانهم الوظيفي، ما يؤثر سلباً على الابتكار والأرباح على المدى الطويل»، وأكد أن نتائج الأبحاث التي تناولت موضوع «إدارة الخوف» تُظهر بوضوح أن الضغط المفرط على الأداء لا يؤدي إلى تحسين النتائج، بل يضعف الإبداع ويعوق الإنتاجية.

دروس من تاريخ الإدارة

تعود جذور الفكرة إلى عصر التمكين القياسي للفرد، إذ تقوم بعض النظريات الإدارية القديمة -مثل تلك التي طرحها فريدريك تايلور- على أن العمال بطبيعتهم كسالى، ويحتاجون إلى رقابة صارمة، لكن التجارب التي اتبعتها الشركات مثل جنرال إلكتريك تحت قيادة جاك ويلش، والتي أدت إلى تطبيق نظام «التصنيف والتصفية»، أظهرت نتائج عكسية.

فقد أدت تلك السياسات إلى نزاعات داخلية مستمرة، وانخفاض معدلات الإنتاجية، وتراجع القيمة السوقية، كما حدث مع شركة مايكروسوفت التي انخفضت قيمتها السوقية بأكثر من 50 في المئة بسبب هذا النظام، بحسب التقرير.

أثر ثقافة الخوف على الإبداع والابتكار

أوضح الباحثون أن الضغط القائم على الخوف يدفع الموظفين إلى التركيز على حماية وظائفهم بدلاً من تطوير أفكار جديدة وتحمل المخاطر الإبداعية.

وأشارت دراسة في التسعينيات داخل شركة تكنولوجية كبرى إلى أن بقاء الموظفين في بيئة مليئة بالضغوط أدى إلى تقليل عدد الأفكار المبتكرة وتباطؤ عملية الاختراع.

ويُعرف هذا التأثير باسم "استجابة التصلب الناجم عن التهديد (Threat-Rigidity Response)، حيث يؤدي القلق الناتج عن عدم استقرار الوظيفة إلى تقليص نطاق التفكير الإبداعي وحل المشكلات.

النتائج الاقتصادية للسياسات الإدارية

يوجد العديد من الدراسات التي أكدت أن تطبيق سياسات الطرد القاسي لا يحقق سوى مكاسب قصيرة الأجل في الإنتاجية، لكنها تؤثر سلباً على جودة العمل على المدى البعيد؛ إذ إن النظام الذي يعتمد على «التصنيف والتصفية» يخلق بيئة تنافسية تعوق التعاون وتدمر روح الفريق، ما يؤدي إلى انخفاض الأداء العام وخسائر مالية كبيرة.

وقد أدت هذه السياسات، بحسب ما كشفه الصحفي كورت آيشينوالد، إلى إحداث «معارك داخلية مستمرة» داخل الشركات، ما أدى إلى تعطيل مشاريع استراتيجية مثل تطوير تكنولوجيا الكتب الإلكترونية والهواتف الذكية.

خلاصة وتوصيات

في ضوء هذه الأدلة، يُستنتج أن النهج القائم على الخوف وطرد «ضعيفي الأداء» ليس حلاً مستداماً لتحسين الكفاءة أو تعزيز الابتكار.

بدلاً من ذلك، ينصح الخبراء بتطبيق أنظمة تقييم أداء تركز على التحفيز والدعم، وتقديم التدريب المستمر، وتشجيع بيئة عمل تتسم بالتعاون والابتكار. ويضيف آدم غرانت «الموظفون الذين يشعرون بالتقدير والدعم يكونون أكثر استعداداً لتقديم أفكار جديدة والمساهمة في نمو الشركة».

هذه الحقائق تُحذر الشركات من تبني سياسات قد تبدو سهلة التنفيذ في البداية، لكنها تحمل آثاراً سلبية على المدى البعيد من حيث انخفاض الروح المعنوية، وارتفاع معدل دوران الموظفين، وتراجع الكفاءة والربحية.