الفيدرالي الأميركي يُبقي الفائدة دون تغيير وسط مخاوف الركود والتضخم

أبقى مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي على معدلات الفائدة دون تغيير عند نطاق 4.25 في المئة - 4.50 في المئة. (شترستوك)
قرار الاحتياطي الفيدرالي اليوم الاربعاء 19 مارس 2025 و ابقي الفيدرالي على معدلات الفائدة دون تغيير عند نطاق 4.25 في المئة - 4.50 في المئة، وهو القرار المتوقع على نطاق واسع وسط تزايد المخاوف من تباطؤ الاقتصاد وعودة الضغوط التضخمية.
أبقى مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي على معدلات الفائدة دون تغيير عند نطاق 4.25 في المئة - 4.50 في المئة. (شترستوك)

أبقى مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، اليوم الأربعاء، على معدلات الفائدة دون تغيير عند نطاق 4.25 في المئة - 4.50 في المئة، وهو القرار المتوقع على نطاق واسع وسط تزايد المخاوف من تباطؤ الاقتصاد وعودة الضغوط التضخمية.

يأتي قرار البنك في ظل استمرار تداعيات الحرب التجارية التي أطلقها الرئيس دونالد ترامب منذ بداية ولايته الثانية، وهو وقت حرج بالنسبة للاقتصاد الأميركي، إذ أظهرت البيانات الأخيرة ضعفاً في النمو وارتفاعاً في معدلات التضخم، ما زاد من التكهنات حول توجهات السياسة النقدية للفيدرالي خلال الأشهر المقبلة.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

وقال علي حمودي، الخبير الاقتصادي والرئيس التنفيذي لشركة ATA Global Horizons، في تعليق على على قرار الفيدرالي لـCNN الاقتصادية: "كان إبقاء الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة متوقعًا على نطاق واسع من قبل السوق، وهما أمران لفتا انتباهي من تصريحات جيروم باول بعد الإعلان. قال باول إن البيانات الملموسة لا تزال قوية، على الرغم من ضعف البيانات الاقتصادية غير المؤكدة مؤخراً".

وأضاف: "سنتكيف مع التطورات". وأشار إلى أنه يعتقد أن الاحتياطي الفيدرالي سيحصل على وضوح بشأن الاقتصاد وتأثيرات التعريفات الجمركية خلال الأشهر القليلة المقبلة، كما أقر بأنه مع التعريفات الجمركية، قد يتأخر تقدم التضخم. وأكد أيضًا أن التوقعات "غير مؤكدة للغاية".

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

وأكد أن هذا يدل على أن الاحتياطي الفيدرالي لا يعرف شيئًا أكثر مما نعرفه، وأن السياسة النقدية ستظل غامضة حتى تتضح آثار التعريفات الأميركية على الاقتصاد الحقيقي ككل في الأشهر القليلة المقبلة.

ومن جانبها، قالت وكالة فيتش الدولية للتصنيف الائتمانى: "التغييرات في التوقعات الاقتصادية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي تعكس مخاطر التعريفات الجمركية". 

الفيدرالي في مواجهة «علاج ترامب الصادم»

يواجه مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي مهمة صعبة في تحديد كيفية استجابة الاقتصاد لسياسات ترامب الصادمة، إذ يشير المحللون إلى ارتفاع التضخم وضعف النمو هذا العام، وهو مزيج خطير يشبه «الركود التضخمي».

المهمة الأصعب أمام رئيس الفيدرالي جيروم باول هي طمأنة الأميركيين القلقين حول كيفية تعامل البنك المركزي مع هذا التهديد المزدوج، في وقت تظهر فيه استطلاعات الرأي تغيّراً سلبياً في توقعات الأميركيين للأسعار.

وقال توم بروس، كبير استراتيجيي الاقتصاد الكلي في تانغل وود توتال ويلث مانجمنت لشبكة CNN «من الصعب التنبؤ بكيفية توازن هذه القوى المتعارضة في النهاية، وهذا ما يحاول الفيدرالي استيعابه الآن.»

وأضاف «يعتمد الفيدرالي على البيانات، لذا لن يتخذ أي خطوة خلال هذا الاجتماع، لكن باول سيؤكد أنهم يراقبون الوضع عن كثب ومستعدون لتغيير السياسة إذا لزم الأمر».

رحلة الفيدرالي من التشديد النقدي إلى الترقب

على مدار العامين الماضيين، تبنى الفيدرالي سياسة نقدية متشددة للسيطرة على التضخم الذي بلغ ذروته عند 9.1 في المئة في يونيو حزيران 2022، وهو أعلى مستوى له منذ أربعة عقود.

وبين مارس آذار 2022 ويوليو تموز 2023، رفع الفيدرالي أسعار الفائدة بأكثر من 5 نقاط مئوية، في واحدة من أسرع دورات التشديد النقدي في التاريخ الحديث.

كان لهذه التحركات تأثير واضح؛ فقد انخفض معدل التضخم إلى 3.3 في المئة في نوفمبر تشرين الثاني 2024، وفقاً لمؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي الأساسي، لكن على الجانب الآخر بدأ معدل البطالة في الارتفاع تدريجياً، ما دفع الفيدرالي إلى تخفيف سياسته النقدية.

في سبتمبر أيلول 2024، خفض الفيدرالي الفائدة لأول مرة منذ 2020 بمقدار 50 نقطة أساس إلى 4.75 في المئة – 5 في المئة، ثم تبع ذلك تخفيضان آخران بمقدار 25 نقطة أساس في نوفمبر تشرين الثاني وديسمبر كانون الأول 2024، ليصل المعدل إلى 4.25 في المئة - 4.5 في المئة مع بداية عام 2025.

تأثيرات السياسة النقدية على الاقتصاد الأميركي

رغم نجاح الفيدرالي في كبح التضخم، فإن الضغوط على سوق العمل بدأت تتزايد، تباطأت معدلات التوظيف، كما شهدت مبيعات التجزئة انخفاضاً ملحوظاً في فبراير شباط 2025، ما يعكس ضعف ثقة المستهلكين نتيجة لتشديد السياسة النقدية السابقة.

وفقاً لمسح جامعة ميشيغان، ارتفعت توقعات التضخم لدى المستهلكين للعام المقبل إلى 4.9 في المئة في مارس آذار، مقارنة بـ4.3 في المئة في فبراير شباط، وهي أعلى نسبة منذ نوفمبر تشرين الثاني 2022، كما ارتفعت التوقعات طويلة الأجل للتضخم إلى 3.9 في المئة، وهو أعلى ارتفاع شهري منذ عام 1993.

دروس من الماضي.. كيف تعامل الفيدرالي مع الأزمات السابقة؟

لا يعد تغيير الفيدرالي اتجاهاته النقدية أمراً جديداً، فعند تفشي جائحة كوفيد-19 في مارس آذار 2020، خفض الفيدرالي الفائدة مرتين في اجتماعات طارئة، أولاً بمقدار 50 نقطة أساس ثم بمقدار 100 نقطة أساس، لتصل إلى 0.0 في المئة - 0.25 في المئة في محاولة لدعم الاقتصاد الذي فقد 20.5 مليون وظيفة في أبريل نيسان 2020، وارتفع معدل البطالة إلى 14.7 في المئة.

لكن بعد تعافي الاقتصاد الأميركي، بدأ الفيدرالي في رفع الفائدة مرة أخرى بدءاً من مارس آذار 2022، عندما أدرك أن التضخم ليس مؤقتاً كما كان متوقعاً.

هل نشهد تخفيضات جديدة في 2025؟

في حين أن الفيدرالي أبقى الفائدة دون تغيير في هذا الاجتماع، فإن الأسواق تترقب خطواته القادمة، يرى بعض المحللين أن أي إشارات على ارتفاع التضخم قد تدفع الفيدرالي إلى الإبقاء على معدلات الفائدة المرتفعة لفترة أطول، بينما قد تؤدي أي إشارات على تباطؤ الاقتصاد إلى مزيد من التخفيضات في وقت لاحق من عام 2025.

مع بقاء التضخم فوق المستهدف البالغ 2 في المئة، واستمرار التوترات التجارية، فإن أي تحرك للفيدرالي سيكون محط أنظار المستثمرين والمستهلكين على حد سواء.