استغرق الفيدرالي سنوات لخفض التضخم.. ثم جاء ترامب

استغرق الفيدرالي سنوات لخفض التضخم.. ثم جاء ترامب (شترستوك)
استغرق الفيدرالي سنوات لخفض التضخم
استغرق الفيدرالي سنوات لخفض التضخم.. ثم جاء ترامب (شترستوك)

في أواخر العام الماضي، بدا وكأن الاحتياطي الفيدرالي قد حقق ما كان مستبعداً، إذ نجح في تنفيذ «الهبوط الناعم» للاقتصاد عندما هبط بالتضخم من أعلى معدل منذ أربعة عقود دون التسبب في ركود اقتصادي.

مر شهران من ولاية الرئيس دونالد ترامب الثانية، وهذا الإنجاز التاريخي أصبح مُعرضاً للخطر مع حرب الرئيس التجارية على العالم.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

منذ تولي ترامب منصبه في يناير كانون الثاني 2025، أجرت إدارته إصلاحات شاملة للسياسة التجارية، وخفضت القوى العاملة الفيدرالية، وفرضت قيوداً على الهجرة، وأعادت هيكلة علاقة أميركا بحلفائها، وهي تغييرات عميقة أثارت قلق المستهلكين والمستثمرين الأميركيين.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

خلال شهرين من عهد ترامب انتقلت مؤشرات الأسهم الرئيسية من مستويات مرتفعة قياسية إلى تصحيح هذا الصعود، وتراجعت ثقة المستهلك من أعلى مستوى لها في ثمانية أشهر إلى أدنى مستوى منذ نوفمبر 2022.

يواجه مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي الآن مهمة صعبة تتمثل في تحديد كيفية الاستجابة لصدمات ترامب، ويتوقع المحللون بالفعل ارتفاع التضخم وضعف النمو هذا العام، وهو ثنائي خطير يُشكل «الركود التضخمي».

من شبه المؤكد أن قادة البنك المركزي الأميركي سيُبقون أسعار الفائدة ثابتة في ختام اجتماعهم اليوم الأربعاء، ومن المرجح أن يُؤكد رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، أن الاقتصاد لا يزال في وضع جيد، لكن توقعاتهم الأخيرة تُظهر على الأرجح أن الاقتصاد يتجه نحو الركود التضخمي.

تتمثل مهمة باول الصعبة الآن في طمأنة الأميركيين، حيث تُظهر استطلاعات رأي مختلفة أن تصورات الأميركيين للأسعار تتغير نحو الأسوأ.

الركود التضخمي

قبل تولي ترامب منصبه، كانت هناك بالفعل مؤشرات على توقف تراجع التضخم، وهو ما كان سبباً رئيسياً وراء توقف الاحتياطي الفيدرالي عن خفض أسعار الفائدة في يناير، وكان الحل بسيطاً: تثبيت أسعار الفائدة حتى يتباطأ التضخم مجدداً.

لم يكن قرار يناير صعباً، إذ بدا الاقتصاد في حالة جيدة، مع انخفاض معدل البطالة وتحقيق نمو مطّرد.

لكن قد لا يتمتع مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي بهذه الرفاهية لفترة أطول.

لن تؤدي رسوم ترامب الجمركية إلى رفع الأسعار فحسب، بل قد تعوق النمو أيضاً، وصرح اقتصاديون عالميون في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، الاثنين الماضي، بأن «أسعار الرسوم الجمركية الجديدة المتبادلة بين أميركا وشركائها التجاريين ستزيد إيرادات الحكومات التي تفرضها، لكنها ستُشكل عبئاً على النشاط العالمي والدخل وإيرادات الضرائب».

وعد ترامب بأن إدارته «ستُعادل» أي رسوم جمركية تفرضها أي دولة على منتجات الولايات المتحدة بحلول 2 أبريل المُقبل، وقد قوبلت الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارته بالفعل، مثل الرسوم على المعادن والسلع الصينية والكندية، برد فعل انتقامي سريع من الدول الأخرى.

ويأتي هذا النزاع التجاري في وقت قد يتراجع فيه المستهلك الأميركي، المحرك الرئيسي للاقتصاد الأميركي، عن الإنفاق.

وتُمثل مبيعات التجزئة ثلث إجمالي الإنفاق الأميركي.

وقد كان أداء قطاع التجزئة أضعف بكثير من المتوقع في فبراير، بعد أن انخفض إنفاق المستهلكين في يناير بسبب موجة باردة غير معتادة، ومن المتوقع أن يُؤثر ذلك سلباً على معدل النمو الاقتصادي في الربع الأول من العام.

صرحت سارة هاوس، كبيرة الاقتصاديين في ويلز فارجو «نتجه نحو المزيد من التضخم، ونتوقع أيضاً تباطؤاً في إنفاق المستهلكين نتيجة استمرار تباطؤ سوق العمل».

خطر التشاؤم 

الأميركيون ليسوا قلقين فحسب، بل قد يفقدون ثقتهم باستقرار الأسعار، ويُولي مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي اهتماماً بالغاً لتصورات الناس للأسعار لأنها قد تكون (أسطورة ذاتية التحقيق).

إذا توقع الناس ارتفاع التضخم، واستمراره في الارتفاع في السنوات المقبلة، فيمكنهم تعديل إنفاقهم وفقاً لهذه التوقعات، وهذا يُصعّب على الاحتياطي الفيدرالي عمله.

ارتفعت توقعات الأميركيين للتضخم في العام المقبل إلى 4.9 في المئة هذا الشهر من 4.3 في المئة، وهو أعلى مستوى منذ نوفمبر 2022، «مسجلة بذلك ثلاثة أشهر متتالية من الزيادات الكبيرة غير المعتادة التي بلغت 0.5 نقطة مئوية أو أكثر»، وفقاً لأحدث استطلاع رأي للمستهلكين أجرته جامعة ميشيغان.

في الوقت نفسه، ارتفعت توقعات الأميركيين للتضخم السنوي (في السنوات الخمس إلى العشر المقبلة) إلى 3.9 في المئة في مارس من 3.5 في المئة في فبراير، وفقاً لمسح ميشيغان، وهي «أكبر زيادة شهرية منذ عام 1993».

وقد تُجبر التوقعات السلبية الاحتياطي الفيدرالي على رفع أسعار الفائدة، حتى لو أدى ذلك إلى ارتفاع معدلات البطالة.