بناء السفن.. ورقة كوريا الجنوبية للتفاوض مع ترامب

كوريا الجنوبية تستخدم السفن لمواجهة التوتر التجاري مع واشنطن (شترستوك)
بناء السفن.. ورقة كوريا الجنوبية للتفاوض مع ترامب
كوريا الجنوبية تستخدم السفن لمواجهة التوتر التجاري مع واشنطن (شترستوك)

تسعى كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، إلى توظيف صناعة بناء السفن كأداة استراتيجية في مواجهة الرسوم الجمركية الأميركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب، والتي تهدد بإلحاق ضرر كبير بصادراتها، خاصة في مجالي الصلب والسيارات.

وبينما تُعلق سول آمالها على تعليق مؤقت لرسوم بنسبة 25 في المئة تنتهي مهلة تجميدها في 8 يوليو تموز المقبل، وتبدو صناعة بناء السفن، التي لطالما كانت ركيزة في الاقتصاد الكوري، ورقة تفاوضية مهمة في أي محادثات تجارية قادمة مع واشنطن.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

صناعة مدعومة منذ السبعينيات

تعود جذور النهضة الصناعية الكورية إلى سبعينيات القرن الماضي، عندما اعتُبرت قطاعات مثل الصلب وبناء السفن «صناعات استراتيجية» بدعم مباشر من الدولة.

حينها، تأسست شركة بوسكو، التي أصبحت من أكبر منتجي الصلب في العالم، وبنت مجموعة هيونداي أول حوض لبناء السفن في مدينة أولسان الساحلية، لتبدأ هيمنة آسيوية واضحة على هذا القطاع.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

وعزّزت كوريا الجنوبية في العقود التالية مكانتها من خلال التركيز على السفن عالية القيمة مثل ناقلات الغاز الطبيعي والسفن العملاقة للنفط، مدعومة باستثمارات ضخمة في البحث والتطوير.

وبحسب بيانات الصناعة، بلغت صادرات قطاع بناء السفن نحو 25.6 مليار دولار عام 2024، أي ما يعادل 4 في المئة من إجمالي الصادرات الكورية، في حين تجاوزت الطلبات الجديدة خلال العام الجاري 13 تريليون وون (نحو 9.4 مليار دولار).

أداة تفاوضية في مواجهة أميركا

يرى مسؤولون كوريون تحدثوا إلى وكالة أ.ف.ب، أن قطاع بناء السفن قد يشكّل «ورقة تفاوضية فعالة»، خاصة في ظل تراجع صناعة السفن في الولايات المتحدة.

وقال وزير التجارة والصناعة الكوري، آن دوك غيون، إن الرئيس ترامب أبدى «اهتماماً كبيراً» بالتعاون في هذا القطاع، مشيراً إلى وجود فرصة استراتيجية يمكن استثمارها.

وفي مايو أيار 2025، اجتمع المفاوض التجاري الأميركي جيميسون جرير مع نائب رئيس شركة «HD هيونداي» قبل لقائه مسؤولين حكوميين، في إشارة واضحة إلى اهتمام واشنطن بالشركات الكورية.

كما التقى جرير المدير التنفيذي لشركة «هانوا أوشن»، التي أصبحت أول شركة غير أميركية معتمدة لصيانة سفن البحرية الأميركية، في خطوة تعكس التوجه الأميركي نحو تعزيز قدراته البحرية في آسيا.

تحديات داخلية ومنافسة صينية

ورغم الإنجازات، تواجه كوريا الجنوبية تحديات هيكلية في القطاع، أبرزها المنافسة الصينية الشرسة وتراجع الطلب العالمي، إذ أظهرت بيانات حديثة أن حصة كوريا في السوق العالمية تتراجع، في حين أن الطلبيات العالمية في الفترة بين يناير كانون الثاني وأبريل نيسان 2025 انخفضت بواقع 50 في المئة مقارنة بالعام السابق.

وفي ظل تنامي الطلب على السفن الصديقة للبيئة، دعا خبراء إلى مراجعة الأطر التنظيمية لدعم تطوير تكنولوجيا السفن منخفضة الانبعاثات.

كما تبرز مشكلة نقص العمالة، إذ تشير البيانات إلى تراجع عدد السكان من الشباب في مراكز صناعية مثل مدينة «غوجي»، ما يثير قلقاً بشأن استدامة هذه الصناعة الحيوية.

ويبدو أن ما يُعرف بـ«الدورة الفائقة» التي تمر بها صناعة بناء السفن الكورية قد تقترب من نهايتها، وقال نام تشول، نائب رئيس شركة «هيونداي» لبناء السفن، إن الطفرة الحالية «لن تستمر طويلاً»، محذّراً من أن الذروة المتوقعة قد تكون أقل من التوقعات السابقة.

وفي ظل هذه المعطيات، يبقى السؤال المطروح: هل تستطيع كوريا الجنوبية الحفاظ على ريادتها في بناء السفن وتحويلها إلى أداة فعّالة في معادلة الضغط التجاري مع الولايات المتحدة؟