الإنفاق يتراجع والتضخم يصعد.. الفيدرالي في مأزق مزدوج

الفيدرالي الأميركي
الإنفاق يتراجع والتضخم يصعد.. الفيدرالي في مأزق مزدوج
الفيدرالي الأميركي

رغم المؤشرات على تباطؤ النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة، لا تزال الضغوط التضخمية قائمة، ما يضع صناع السياسة النقدية في موقف دقيق، مع دخول الاقتصاد مرحلة من الغموض في ظل الرسوم الجمركية التي أعاد الرئيس دونالد ترامب فرضها منذ عودته إلى البيت الأبيض.

وأظهر تقرير وزارة التجارة الأميركية أن مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE) –وهو المعيار المفضل للفيدرالي لقياس التضخم– ارتفع بنسبة 2.3% على أساس سنوي في مايو، مقارنة بـ2.2% في أبريل، أما التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار الغذاء والطاقة، فقد ارتفع بنسبة 2.7%.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

ورغم أن هذه الزيادات كانت ضمن التوقعات، فإنها تشير إلى مقاومة التضخم لمحاولات التهدئة عبر السياسة النقدية، خصوصاً مع تراجع الإنفاق الاستهلاكي بنسبة 0.1% على أساس شهري، وهو أول انخفاض منذ شهور.

هل الرسوم الجمركية وراء تراجع الثقة؟

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

يشير بعض المحللين إلى أن تراجع الإنفاق قد يرتبط بالبيئة التجارية الجديدة التي فرضها ترامب، حيث أعاد فرض رسوم جمركية على عدد كبير من الشركاء التجاريين، وشملت الإجراءات واردات من الصلب والألومنيوم والسيارات.

ويقول خبراء من مؤسسة «بانثيون ماكروإيكونوميكس»، إن التجربة السابقة في 2018 تؤكد أن التأثير الحقيقي للرسوم على الأسعار لا يظهر فوراً، بل يمتد على فترة بين 3 إلى 6 أشهر، ما يعني أن الصيف قد يحمل مفاجآت غير سارة على صعيد الأسعار.

ويضيف الخبيران الاقتصاديان صامويل تومبس وأوليفر ألين أن «شركات عديدة لا تزال تبيع مخزونات تم شراؤها قبل فرض الرسوم، لكن مع انتهاء هذه الكميات، قد تبدأ الأسعار في الارتفاع بشكل ملموس خلال الأشهر المقبلة».

قطاعات تعاني بالفعل.. السيارات والسفر نموذجاً

من بين أبرز المؤشرات التي تلفت انتباه المحللين، الانخفاض الحاد في مبيعات السيارات، حيث سارع المشترون لاقتناص العروض قبل بدء تطبيق الرسوم المرتفعة، كما لاحظ خبراء في «أوكسفورد إيكونوميكس» تراجعاً في الإنفاق على الخدمات الترفيهية، لا سيما في السفر والضيافة، وهو ما وصفوه بـ«التدهور الواضح في الإنفاق على الخدمات التقديرية».

يعلّق مايكل بيرس، نائب كبير الاقتصاديين في المؤسسة ذاتها، قائلاً:

«هناك تراجع واضح في ثقة المستهلك، ما ينعكس بشكل مباشر على قرارات الإنفاق، حتى في القطاعات التي عادةً ما تكون أكثر مرونة».

السياسة النقدية في وضع الانتظار.. لا رفع ولا خفض

هذا المزيج من تضخم يتسارع وإنفاق يضعف يضع الاحتياطي الفيدرالي أمام معضلة مزدوجة، فمن جهة، التضخم لا يمنح صانعي القرار فرصة لخفض أسعار الفائدة، ومن جهة أخرى، تباطؤ النمو الاقتصادي قد يفرض ضغوطاً على الفيدرالي لدعم الاقتصاد في حال تدهور البيانات المستقبلية.

ويعتقد محللون أن الفيدرالي سيظل متريثاً حتى تظهر الصورة كاملة في نهاية الصيف، خصوصاً مع دخول جولة جديدة من الرسوم الجمركية حيّز التنفيذ في يوليو، ما قد يؤدي إلى تفاقم التوترات التجارية وتأثيرها على الأسواق.

هل يقود التضخم الفيدرالي لتغيير سياسته؟

حتى اللحظة، تُظهر التقديرات أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي لن يقدم على تغيير أسعار الفائدة خلال الأشهر القليلة المقبلة، إذ أشار مايكل بيرس إلى أن «المخاطر المرتبطة بارتفاع التضخم ستدفع الفيدرالي إلى الإبقاء على معدلات الفائدة دون تغيير حتى وقت لاحق من العام».

الموقف الاقتصادي باختصار

التضخم في الولايات المتحدة لا يزال مرتفعاً، رغم التباطؤ الواضح في الإنفاق.

الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب لم تؤثر بعد بشكل كامل على الأسعار، لكن آثارها المتأخرة قد تظهر في النصف الثاني من 2025.

ثقة المستهلك تتراجع، ما ينعكس على القطاعات غير الأساسية مثل السيارات والسفر.

الفيدرالي يواجه معضلة اقتصادية وقد يؤجل اتخاذ قرارات جديدة بشأن أسعار الفائدة.

توقعات المراقبين

يرى العديد من المراقبين أن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة في تحديد اتجاه الاقتصاد الأميركي، خصوصاً مع اقتراب موعد تفعيل المزيد من الرسوم وغياب أي اختراق كبير في المحادثات التجارية، وبين تضخم مقاوم للنزول، وإنفاق ينذر بالتباطؤ، يجد الفيدرالي نفسه في مرحلة ترقب دقيقة قد تحدد مسار الاقتصاد في النصف الثاني من العام.