قوة الأسواق الآسيوية تتعاظم.. وفجوة التمويل تهدد الاستدامة

آسيا تُغيّر قواعد اللعبة.. الأسواق المالية تنمو ولكن التمويل ما زال تحدياً (شترستوك)
آسيا تُغيّر قواعد اللعبة.. الأسواق المالية تنمو ولكن التمويل ما زال تحدياً
آسيا تُغيّر قواعد اللعبة.. الأسواق المالية تنمو ولكن التمويل ما زال تحدياً (شترستوك)

بينما يتجه بصر العالم نحو آسيا بوصفها قاطرة النمو العالمي، تسلط أحدث تقارير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) الضوء على مشهد متناقض داخل الأسواق المالية الآسيوية، من حيث توسّع مذهل في عدد الشركات المدرجة وأحجام السوق من جهة، ولكن مع استمرار التحديات التمويلية للشركات، خاصة الصغيرة منها، من جهة أخرى.

فقد تضاعف عدد الشركات المدرجة في آسيا ليصل إلى نحو 29 ألف شركة عام 2024، وهو ما يمثل 55 في المئة من الشركات المدرجة عالمياً.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

وبلغت القيمة السوقية لأسواق الأسهم الآسيوية 34.4 تريليون دولار، بما يعادل 27 في المئة من القيمة السوقية العالمية.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

هذه القفزات اللافتة جاءت نتيجة إصلاحات هيكلية بعد الأزمة المالية الآسيوية، وزيادة تدفق رؤوس الأموال الأجنبية، وتعزيز الابتكار خاصة في قطاعات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.

لكنّ خلف هذه الأرقام البراقة تكمن فجوات تمويلية حقيقية، خاصة في الدول النامية مثل فيتنام، وبنغلادش، ولاوس وكمبوديا، إذ تعتمد الشركات بشكل شبه كامل على القروض المصرفية، ويقل اعتمادها على التمويل عبر الأسواق.

حتى في الاقتصادات الأكبر، مثل الصين والهند، يبقى التمويل المصرفي هو السائد، إذ لا تمثل أدوات الدين سوى 14 في المئة فقط من إجمالي التمويل.

وتعتبرالشركات الصغيرة والمتوسطة (MSMEs) هي الأكثر تضرراً، فمعظمها لا يستطيع تلبية شروط الإدراج في البورصات أو الحصول على تصنيف ائتماني ملائم لإصدار السندات.

ووفقاً للتقرير، نحو 70 في المئة من هذه الشركات لا تحصل على التمويل الكافي، ما يُعطل قدرتها على النمو، والتوسع، والاستثمار في الابتكار.

وإذا ألقينا نظرة على السندات المستدامة، نجد أن آسيا أظهرت أداءً مشجعاً، إذ بلغت حصتها 29 في المئة من الإصدارات العالمية في هذا المجال، مع هيمنة واضحة للسندات الخضراء.

إلا أن تحديات «الغسل الأخضر» وضعف الشفافية بشأن استخدام العائدات لا تزال حاضرة، ما قد يقوض ثقة المستثمرين.

من جهة أخرى، لا تزال القواعد التنظيمية الخاصة بالحوكمة تحتاج إلى إصلاحات عميقة، فنحو 46 في المئة من الشركات الآسيوية تتركز ملكيتها بين ثلاثة مساهمين فقط، في حين تمثل الشركات المملوكة للدولة 70 في المئة من شركات القطاع العام المدرجة عالمياً.

هذا التركّز في الملكية يضعف من حماية المساهمين الأقلية ويُقلص من فرص جذب المستثمرين المؤسسيين الأجانب.

بلغ إجمالي السندات غير المالية القائمة في المنطقة نحو 13.9 تريليون دولار، وهو ما يمثل 24 في المئة من السوق العالمية.

هذه النسبة تعكس تطوراً مهماً في اعتماد الشركات الآسيوية على أدوات التمويل غير المصرفي، وإن كانت لا تزال دون الوزن الاقتصادي الحقيقي للمنطقة، التي تسهم بـ31 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

أما في مجال التمويل المستدام، فقد برزت آسيا كمحور رئيسي، حيث استحوذت على نحو 29 في المئة من إجمالي إصدارات السندات المستدامة عالمياً خلال الفترة حتى 2024، بقيمة بلغت نحو 3.2 تريليون دولار.

واللافت أن الغالبية الساحقة من هذه الإصدارات تأتي في شكل سندات خضراء، التي تشكل وحدها 81 في المئة من سوق السندات المستدامة الآسيوية، أي نحو 2.6 تريليون دولار.

هذا التركّز يعكس تفضيل الشركات الآسيوية للتمويل الموجّه نحو مشاريع الطاقة المتجددة والبنية التحتية البيئية، ولكنه يثير أيضاً تساؤلات حول التنوع المحدود في استخدام أدوات التمويل المرتبطة بالأهداف الاجتماعية أو الاستدامة الشاملة.

ورغم التوسع في استخدام أدوات التكنولوجيا المالية (FinTech) وإطلاق صناديق تقاعد تعتمد على الأصول، فإن قاعدة المستثمرين الأفراد لا تزال ضعيفة في معظم الدول الآسيوية، بسبب انخفاض الثقافة المالية وصعوبة الوصول إلى المنتجات الاستثمارية.

وبالمثل، لا تزال نسبة أصول صناديق التقاعد إلى الناتج المحلي الإجمالي أقل من 10 في المئة في آسيا، ما يحدّ من قدرة الأسواق على الاعتماد على مصادر تمويل محلية طويلة الأجل.