فائض الحساب الجاري للهند يقفز لأعلى مستوى منذ 4 سنوات

فائض الحساب الجاري للهند يقفز لأعلى مستوى منذ 4 سنوات (شترستوك)
فائض الحساب الجاري للهند يقفز لأعلى مستوى منذ 4 سنوات
فائض الحساب الجاري للهند يقفز لأعلى مستوى منذ 4 سنوات (شترستوك)

بخلاف ما كانت تتوقعه الأسواق، سجلت الهند فائضاً كبيراً في حسابها الجاري بلغ 13.5 مليار دولار خلال الربع الأخير من السنة المالية 2025، وهو الأعلى منذ الربع المنتهي في سبتمبر أيلول 2020، متجاوزاً التوقعات التي أشارت إلى فائض خجول لا يتعدى 8 مليارات دولار.

هذه القفزة اللافتة جاءت بدفع من أداء قوي في صادرات الخدمات، خصوصاً في قطاعات الخدمات التجارية وخدمات الكمبيوتر، ما رفع فائض الخدمات إلى 53.3 مليار دولار مقابل 42.7 مليار في الفترة نفسها من العام السابق.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

كما ارتفع فائض التحويلات الثانوية، التي تشمل تحويلات العاملين الهنود في الخارج، إلى 31.5 مليار دولار مقابل 28.7 مليار.

وفي المقابل، أسهم تراجع العجز الأولي، المتعلق بالدخل على الاستثمارات، من 14.8 مليار دولار إلى 11.9 مليار في تعزيز الحساب الجاري.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

لكن، ورغم هذه التطورات الإيجابية، فإن العجز في تجارة السلع اتسع من 52 مليار دولار إلى 59.8 مليار، وهو ما يعكس استمرار الضغط على الميزان التجاري من ارتفاع واردات السلع، إلا أن أثره تم احتواؤه بفضل الأداء القوي لباقي مكونات الحساب الجاري.

الإنفاق العام يكشف عن هيكل اقتصادي يُفسّر ضغط العجز السلعي

في سياق متصل، أظهرت بيانات الحسابات القومية لعام 2025 الصادرة عن وزارة الإحصاء وتنفيذ البرامج في الهند، أن نحو 71.4 في المئة من إجمالي الإنفاق الحكومي في السنة المالية 2023–2024 ذهب إلى الإنفاق الجاري.

بينما لم يتجاوز الإنفاق الرأسمالي نسبة 20.2 في المئة، في حين توزعت النسب المتبقية بين الاستثمار الصافي في المخزون (5.1 في المئة) والقروض والسلف (3.3 في المئة).

ومن حيث الأهداف، استحوذت الخدمات الاقتصادية على الحصة الأكبر من الإنفاق الحكومي بنسبة 33.3 في المئة من إجمالي الإنفاق بالأسعار الجارية، تليها خدمات التعليم بنسبة 16.7 في المئة.

هذا التركيب يعكس تركيزاً حكومياً على دعم القطاعات التشغيلية والخدمات الإنتاجية، لكنه في الوقت ذاته يطرح تساؤلات حول كفاية الاستثمارات الرأسمالية في البنية التحتية والقدرة الصناعية، وهي عوامل حاسمة في تقليص العجز في الميزان التجاري على المدى المتوسط.

تشير هذه المؤشرات إلى أن السياسة المالية للهند لا تزال تميل إلى تلبية الاحتياجات الجارية، على حساب توسيع الطاقة الإنتاجية والتصديرية، وهو ما يُفسّر جزئياً استمرار العجز المرتفع في تجارة السلع رغم قوة فائض الخدمات.

البيانات التي تقدمها الحسابات القومية تُعتبر مرآة دقيقة لبنية الاقتصاد الهندي، وتشكّل أداة لا غنى عنها لصناع القرار والمحللين في تقييم الأداء الاقتصادي وتحديد الأولويات الهيكلية للإصلاح.

يشير هذا التحول اللافت إلى ديناميكية جديدة في الاقتصاد الهندي، حيث تلعب صادرات الخدمات دوراً أكبر في موازنة الحسابات الخارجية، خاصة مع تراجع تدريجي في الضغوط المرتبطة بالعجز الأولي.

وفي الوقت الذي يبقى فيه العجز السلعي مصدر قلق، فإن استمرار الأداء الإيجابي في قطاع الخدمات قد يمنح الحكومة والبنك المركزي فسحة أوسع في السياسة النقدية خلال النصف الثاني من العام.