في وقتٍ تتسارع فيه الأزمات العالمية، يبرز مشهدٌ مأساوي تعيشه اقتصادات الدول الهشّة والمتأثرة بالنزاعات التي تحوّلت إلى بؤر للفقر الحاد وانعدام الأمن الغذائي.
ورغم أنها لا تضم سوى أقل من 15 في المئة من سكان العالم، فإن أكثر من نصف فقراء العالم يعيشون فيها، وفقاً لتقرير صادر عن البنك الدولي اليوم.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
يكشف التقرير الذي يتناول أوضاع 39 دولة مصنّفة على أنها «هشّة ومتأثرة بالنزاعات»، عن تدهور حاد في مؤشرات التنمية، وانكماش اقتصادي عميق، وتضخم متسارع في معدلات البطالة والجوع، بالتوازي مع تصاعد النزاعات وغياب الاستقرار.
الفقر في دائرة الخطر: فقد يعيش أكثر من 421 مليون شخص في هذه الاقتصادات بأقل من 3 دولارات يومياً، أي ما يمثل 40 في المئة من سكانها، مقابل 6 في المئة فقط في باقي الدول النامية، ومن المتوقع أن ترتفع النسبة إلى 60 في المئة من فقراء العالم بحلول عام 2030 إذا استمر الحال على ما هو عليه.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
الأمن الغذائي المنهار: يعاني نحو 200 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الحاد، أي ما يعادل 18 في المئة من السكان، في حين لا تتجاوز هذه النسبة 1 في المئة في باقي الاقتصادات النامية.
الكلفة الاقتصادية للنزاع: تؤدي النزاعات الشديدة التي تتسبب في وفاة أكثر من 150 شخصاً لكل مليون نسمة، في المتوسط إلى انخفاض بنسبة 20 في المئة في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي خلال خمس سنوات فقط من اندلاعها.
مأزق الاستثمار والديون: ضعف الاستقرار دفع إلى تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتدهور تكوين رأس المال، ما فاقم الأزمة الإنتاجية، نحو 70 في المئة من هذه الدول الآن في حالة تخلف عن السداد أو معرضة له، مقارنة بـ40 في المئة قبل عقد من الزمن.
الفرصة الديموغرافية الضائعة : رغم أن نسبة السكان في سن العمل في هذه الاقتصادات مرشحة لتتجاوز نظيرتها في باقي الاقتصادات النامية بحلول عام 2055، فإن معدلات التوظيف في تراجع حاد، مع ارتفاع البطالة المقنّعة خاصة بين النساء والشباب.
ماذا بعد؟
رغم الصورة القاتمة، يؤكد التقرير أن الأمل لم يتلاشَ بعد؛ فبعض هذه الدول تمتلك ثروات طبيعية نادرة، وإمكانات سياحية، وسكاناً شباباً يمكن أن يشكلوا محركاً للنمو في حال توافرت الحوكمة الرشيدة، وتحسنت البنية التحتية، وجرى استثمار جاد في التعليم والصحة، إلى جانب دعم دولي متواصل يشمل تمويلات ميسّرة، وتخفيف أعباء الديون، ومساعدات فنية.
الأزمات في الاقتصادات الهشّة ليست قدراً محتوماً، بل نتيجة مسارات سياسية وتنموية قابلة للتعديل، فبين المأساة الكارثية والفرصة الممكنة، يكمن الفرق في وجود قيادة حكيمة، ومجتمع دولي لا يدير ظهره لهذه البقع المنسية.